أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الله كبير














المزيد.....

الله كبير


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6495 - 2020 / 2 / 20 - 13:30
المحور: الادب والفن
    


أخيراً حلمتُ به، كان في سلوكه وجَبَرُوتِه يشبه كائناً قوياً مفتولَ العضلات، لما رأيتُ ظِّله للمرة الأولى، كان يشبه كائناً معجوناً من البُرْغُلِ النِّيء، يتَمَدَّد على بطنه عالياً في الهواء فوق الأراضي الشاسعة، تستريحُ وجنتاه فوق يديه وتراقب عيناه المدى برضى، والبشر بشفقة.
لم تلمح عينايّ طفولةً أجملَ من طفولته ولا بطناً أكبر من بطنه!

حين رأيته في المرة الثانية كان نزقاً، غاضباً، جافاً وظمآناً، كان قد ملّ استرخاءته، كسله، تعبَ الفقراء وحروب المَخْصِيّين. ودّ لو يموت، ودّ لو يصير أُضحيَّة قربان عيد، رأيته يرتدي جزمةً برقبةٍ تغطِّي سَّاقيه، جزمة أكبر من خارطة إيطاليا، رأيته يحمل سكيناً حادة بحجم خارطة المسماة إسرائيل، يُمزِّق بها صفحة الغيوم الوديعة، تتشَقَّق السَّماء الزرقاء، يُدخل أصابعه بين شقيها.

بيديه كلتيهما والسكين في فمه راح يُبعد حافتي الحز عن بعضهما البعض، يكبرُ الشَّقُّ وتكبر معه طبقة الظُّلْمَة، لا شيء إلا العَمَاء والسواد، يخيبُ أمله، تتأوَّه الغيوم، تبكي، تنزف من الألم، يتبلَّل وجهه بماء المطر، تضعف حركته، تتفكَّكُ ارتباطات جزيئاته البُرْغُلِية، يبدأ جسده بالانهيار، يفتح فمه، ينفخُ غضبه في وجه الزرقاء انتقاماً، تَتَشَظَّى الوديعة، تَدخل في عينه اليسرى شَظيّة تُعميها، يصرخُ وبقبضة يده اليمنى يمسكُ طائرات حربية وقطارات شحن وسفن مسافرة دون مسافرين أو طواقم قيادة، يعصرها بين يديه، يلوكها ويبصقها.

يسحب السكين من بين شفتيه، يغرزها في بطنه الكبير، تتساقط منه كتل من البُرْغُلِ المطبوخ بدموع الغيوم وآهاتها، والمُبَهَّر بشهقات النار، تصل الكتل إلى الأفواه الجائعة، ينظرُ بعينه اليمنى إلى جموع الجائعين، تسقط منها دمعة كبيرة لتروي عطشهم بعد شبع، يتسع الصَّدْع، تَمْتَدُّ أيادٍ سوداء مجهولة الهوِيَّة، تسحبُه إلى الأعلى لمعانقة جراحه.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طقوس الكتابة عند علي إبراهيم دريوسي
- ما الذي تفكرُ به أريج؟
- صورة العائلة
- مقتطفات
- عشاء رأس السنة
- العباءة السوداء
- فرس النبي
- صوتك
- لا أعرف مدينتي
- عادة عسكرية
- هندسة وصفية
- البيان الطلابيّ
- هكذا يفكر جورج
- برغل ناعم
- تربية سوداء
- حوار قصير عن حجر الجلخ
- اعترافات لم تكتمل
- روائح طيبة
- غسيل زيزفون
- اعتقال الفصول


المزيد.....




- الجبّالية الشحرية: لغة نادرة تصارع النسيان في جبال ظفار العُ ...
- فنانون وكتاب ومؤرخون أرجنتينيون يعلنون موقفهم الرافض لحرب ال ...
- سليمان منصور.. بين الريشة والطين: إبداع مقاوم يروي مآساة وأم ...
- أمير تاج السر: أؤرخ للبشر لا للسلاطين والرواية تبحث عن الحقي ...
- العودة إلى زمن (المصابيح الزرق) لحنّا مينه.. علامة مبكرة من ...
- حسين الجسمي يحيي -ليلة من العمر- في الساحل الشمالي وليلى زاه ...
- أنطونيو بانديراس في عيده الـ65: لن أعتزل التمثيل
- مقهى -مام خليل-.. حارس ذاكرة أربيل وقلبها النابض
- بمشاركة 300 دار نشر.. انطلاق -معرض إسطنبول للكتاب العربي- في ...
- الصدق أحلى يا أصحاب. قصة للأطفال جديدة للأديبة سيما الصيرفي


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الله كبير