أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طه رشيد - مسلسل -البرنس- وقصة يوسف!















المزيد.....

مسلسل -البرنس- وقصة يوسف!


طه رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 6587 - 2020 / 6 / 8 - 09:48
المحور: الادب والفن
    


حين يمتلك الفنان ادواته بشكل صحيح ويعي ما يقوم به معتمدا على ثقافته الموسوعية ومستفيدا من تراث شعبه فانه يستطيع ان يحصد نتائج مرموقة مكللة بالنجاح. وهذا هو عين ما فعله الفنان الشاب محمد سامي في مسلسله " البرنس" الذي عرض في شهر رمضان الماضي على عدة فضائيات.
استطاع سامي، مؤلفا ومخرجا، ان يستلهم موضوعه من تاريخ الموروث الديني وتطويعه الى الحاضر واستخلاص دروسا وعبرا من اجل مستقبل الاجيال الصاعدة.
لقد استفاد محمد سامي من قصة يوسف التي وردت في التوراة والقرآن، وهو لم يخفِ هذا الامر فقد اشار له في لقاء متلفز مع احدى الفضائيات بانه مغرم بقصة يوسف وخامرته الفكرة منذ سنوات، وها هو يحققها في مسلسله الجميل " البرنس".
وقبل الحديث عن المسلسل دعونا نستذكر معا قصة يوسف التي تجمع الاديان التوحيدية الثلاث على انها تتلخص في هذه الاقصوصة:
" ‏ولد يوسف وكان له 11 أخا وكان أبوه يحبه كثيرا وفي ذات ليلة رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فقص على والده ما رأى فقال له ألا يقصها على إخوته لكي لا يثير حنقهم عليه، ولكن الاخوة سرعان ما تامروا عليه فاتفقوا على أن يلقوه في غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله، ثم مر به ناس من البدو فأخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه ملك مصر وطلب من زوجته أن ترعاه، ولكنها أخذت تراوده عن نفسه فأبى فكادت له ودخل السجن، ثم أعلنت براءته وخرج من السجن ، واستعمله الملك على شئون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط.."
لكن سامي حوّر قليلا في القصة الاي اعتمدها في المسلسل ليجعل رضوان/ الفنان محمد رمضان، الطفل الوحيد من ام توفيت مبكرا مما جعل الاب ان يتعلق به بجانب اخوته غير الاشقاء من زوجتين اخريتين وهم:
(فتحي / احمد زاهر، وياسر / محمد علاء، وعبد المحسن / ادوارد، وعبير / رحاب الجمل) وقيامهم بالتآمر على اخيهم غير الشقيق رضوان / الفنان محمد رمضان، بسبب الطمع والجشع وحب المال، وقاموا بقتل زوجته وابنه في حادث مرور مدبر من قبل فتحي وتشريد طفلة رضوان الصغيرة، بعد ان تم ايداعه السجن بتهمة ملفقة يقف وراءها اخوته الاربعة غير الاشقاء الذين ذكرناهم، مع صمت بقية اخوته الاصغر على هذه الجرائم (عادل / احمد داش، ونورا / ريم سامي). وعادل ونورا تربطهما علاقة محبة بينهما اكثر من الاخوة الاخرين غير الاشقاء!
وهذه حقيقة حاول ان يؤكد عليها المؤلف/ المخرج محمد سامي، إذ يعتقد ان العاطفة تكون قاصرة بين الاخوة غير الاشقاء بينما تكون فاعلة بين الاشقاء، وهو بذلك يرفض مبدأ تعدد الزوجات لانها لا تمنح العاطفة للاخوة مثل اولئك الذين يلدون من رحم واحد!
وبناء على اعتقاد المخرج بان هذه القضية تشمل بقية الاحياء في الطبيعة. رحت اراقب على مدار اكثر من شهر مجموعتي من "طيور الحب" فلاحظت بان العلاقة بين اصغر عصفورتين من مجموعة بيض واحدة تتمتعان بعلاقة حب وود ولعب مشترك ( مثل عادل ونورا في المسلسل!)، بينما علاقتهما باختهما الاكبر، والتي فقست من مجموعة بيض اخرى، علاقة متشنجة وعراك على الاكل والشرب خاصة بعد ان اصبحت العلاقة بين الاخت الاكبر والاب مشبوهة تقع في مضمار زواج المحارم مثل ما حدث بين ياسر وفدوة في المسلسل!
وبالرغم من اننا ننشد المحبة والتاخي بين جميع البشر، ونعتقد اننا يمكن ان تعثر عن "اخ لم تلده امك " وهي حالات نادرة واستثنائية.
الا ان صفة التناحر والطمع والجشع، هي صفات تختفي في طيات الطبيعة، تخرج للوجود حين تتهيء لها الظروف الموضوعية والذاتية، وهذا ما يفسر الحروب الداخلية والخارجية للشعوب. وغالبا ما تندلع المشاكل داخل العائلة الواحدة بسبب المال او الارث، وفي اغلب الاحيان يكون " الاقتصاد" والتسلط واقتسام المغانم، هي العوامل الاساسية التي تغذي هذه الصراعات.
وهذا هو عين ما لمسناه في مسلسل " البرنس" حيث يترك الوالد " حامد البرنس / الفنان عبد العزيز مخيون" كل ما يملكه، قبل وفاته، من محل السمكرة والبيت الذي يقطنوه بإسم رضوان.
ولكن لماذا تصرف البرنس الاب بهذه الطريقة؟ لانه لم يستطع تحمل كافة الفضائح التى تعرض إليها بسبب البقية من أبنائه، فابنته تم القبض على خطيبها بتهمة سرقة محل مجوهرات زوج أخته علا/ الفنانة نور، وابنه فتحى تعدى على "علا" لرفضها الزواج منه، أما ابنه عبد المحسن، ويجسد دوره "ادوارد"، فهو متزوج من راقصة "بدرية طلبة"، وتسبب زواجه في كسر ظهره وعينه وسط أهل الحارة. 
لم يكتفوا فتحي واخوانه المتامرون معه بعمليات القتل والتامر على رضوان، بل راحوا يعملوا بتجارة المخدرات! باستثناء عادل ونورا اللذين ابتعدا عنهم ليقتربوا ويصطلحوا مع رضوان، بينما عبد المحسن اكتفى بشرائه احد الملاهي الليلية! ولم يعتن المسلسل المخرج بهذه الموضوعة كثيرا، اذ اراد ان يشير الى ان الرجل اذا سقط في اتون الجريمة فانه سيفعل الاسوأ، خاصة اذا اصبح المال بالنسبة له هدفا وليس وسيلة!
حين يكتشف فتحي بان زوجته فدوى تخونه مع اخيه ياسر لم يتردد على خنقها ويطلق النار على ياسر ليرديه قتيلا وفي الختام يتم القاء القبض عليه ويحكم بالاعدام.
عنصرا الاثارة والتشويق كانا فاعلان بشكل كبير
ولكن المبدع محمد سامي حاول ان يجمع كل عناصر النجاح قبل بدء العمل، اذ صرح بان اختياره لكادر العمل الفني لم يات عبر المحاباة والواسطات والصداقات بل جاء بعد دراسة مستفيضة لكل مساهم من ممثلين وتقنيين وفنيين، بالاضافة لعقد لقاءات عديدة مع الكادر فرادى ومجموعات، واجراء تمارين عديدة قبل البدء بالتصوير، ويقول سامي في هذا الصدد بانه لا يمكن ان يقبل للممثل ان ياتي في يوم التصوير وهو لم يكن قد درس الشخصية التي يجسدها ولم يكن حافظا لدوره!
وهناك عامل اخر يضاف لاسباب النجاح وهو الميزانية المالية المعتبرة التي وضعتها الشركة المنتجة لاظهار المسلسل بصورة مقنعة وناجحة، بالاضافة للخبرة المتراكمة عند أشقائنا المصريين في هذا المضمار.
وبالرغم من ان بطولة المسلسل قد اسندت للفنان النجم محمد رمضان الا ان المتلقي كان متلهفا لمتابعة كل الشخصيات، التي استطاعت ان تحقق بطولة جماعية قل نظيرها! وهنا لا يوجد "دور" قصير او طويل، فالجميع كانوا محط اهتمام المتفرج. ومن هنا كان النجاح جماعيا ايضا.
وعلى المستوى الفكري كانت خشيتي من اصرار رضوان على الانتقام من اخوته بشكل شخصي، بعد خروجه من السجن، وهو امر مرفوض في ظل دولة تضمن للمواطن كرامته وحقوقه. ولو اكتفى رضوان بمبدأ " السن بالسن " كما قال لحبيبته ( الحلقة 23 )، التي استنكرت عليه الانتقام الشخصي، الا انه اوضح لها انه يتبنى الاية الاشكالية التي تقول: "  إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ .. " (المائدة 33).
ومن المعروف ان " داعش " والقوى التكفيرية تعتمد هذه الاية وتعتبرها سندا لها في التعامل مع الاخر!
ان تغترف من الموروث الديني، لانجاز عمل ابداعي هو حق طبيعي لكل انسان ولكن خصوصية " القران" ككتاب مقدس يعتبر حمّال اوجه، وهذا ما يتفق عليه المذاهب الاربعة، وفي سور عديدة تدعو للمحبة والتاخي والتنوع وقبول الاخر" ولكم دينكم ولي ديني"، وبالمقابل هنا سور تدعو للانتقام والقتل والغزو واحكام نزلت لاهل الجزيرة في القرن السابع الميلادي والتي يصعب نطبيقها اليوم!
فلو اخذنا هذه الاية من سورة المائدة " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) وسالنا عن معناها لبقينا ايام وليالي باخذ ورد دون ان نتفق على معنى محدد، واذا اردنا تطبيقها بمعنى قطع اليد هو البتر فاننا سنرى اكثر من نصف البشرية من دون ايادي! اما اذا طبقناها على حكامنا ومسؤولينا الميامين فلا اعرف كيف سيتصافحون في مؤتمرات القمة!!
واذا كان المراد بالاية النصح كي يكف السارق عن السرقة، فمن يمتلك الجرأة ويستطيع ان يقدم النصح للزعماء والرؤساء والامراء والمدراء العامين وغيرهم كثر!!
خلاصة القول ان المتفرج ملّ من اعطائه دروسا بالتاريخ، ويطمح ان يرى مشاكله اليومية على بساط البحث، وهذا ما حققه المسلسل تاركا المتلقي يبحث عن اسباب تفشي المخدرات والقتل العمد وتكميم الافواه، ومن هو المسؤول الحقيقي عنها؟
ان مسلسل " البرنس" قدم عملا مليئا بالابطال ومجموعة من وجوه جديدة لها مستقبل واعد وامتاز بنجاح جماعي رغم الهنات، هنا وهناك، التي لم يتوقف عندها المشاهد امام النجاح الكبير الذي حققه المسلسل.



#طه_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحافة الورقية..وداعا!
- مسلسل -البرنس- بين حق الثأر وفخ الارهاب!
- ازمات العراق في ملف واحد!
- - ايليزا - المفجوعة و ايطاليا المنكوبة !
- لينين في قرن
- الطابق ١٥ .. فنتازيا وطن!
- -كورونا- والمخابرات المركزية الامريكية!
- الحلاج وسبينوزا!
- رجال الزمن الجميل!
- عصفورين بحجر واحد!
- انا غاضب! رئيس بلدية فرنسية يصرخ بوجه حكومته! انا غاضب جدا! ...
- مسرحية على قيد الحلم / فنتازيا الكوميديا السوداء
- تداعيات ليلة يوم المسرح العالمي
- حنين جواد الاسدي الحار!
- البراغيث والسلاح المنفلت!
- حدث قبل ستين عاما!
- الربيع آتٍ لا محال في الناصرية!
- عبود الشرطي والاحتحاجات
- د. جميل نصيف مربيا اكاديميا مجدا
- اختتام فعاليات مهرجان المسرح العربي في العاصمة الاردنية - عم ...


المزيد.....




- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طه رشيد - مسلسل -البرنس- وقصة يوسف!