أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مكابدات الرحّال - الجزء الخامس














المزيد.....

مكابدات الرحّال - الجزء الخامس


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 6566 - 2020 / 5 / 17 - 22:41
المحور: الادب والفن
    


الفَخّ

شعر المهرب بحكم خبرته الطويلة وحدسه أثناء معارك الجبال أن الخطر قادم وأن هنالك قوات إضافية من الجيش العراقي ستنتشر وتفتش المنطقة مدعومة بمروحيات الهليكوبتر.
أخبرهم المهرب بانه سوف يضطر للرجوع الى دهوك وخيرهم بالرجوع معه إذا رغبوا فهو لا يستطيع مواصلة الطريق الخطر هذة الليلة، لكن الرحّال والسالمي قررا البقاء حتى نهاية المعارك فترك المهرب لهم بعض الطعام مع "زمزمية" ماء ونصف المبلغ مقطوعاً من الذي اتفقوا عليه وأعتذر لهم لانه لا يستطيع أكمال المسيرة معهم حتى إيصالهم الى القرية التركية.
لم يكن الرحال ولا صديقه سعداء بتخاذل المهرب ورجوعه دون إكمال مهمته.
أخذ بختيار البغال وربطها على التوالي كطابور بالحبل ولكز البغل الأول بالعصا المعقوفة وجرهم بعصبية وقلق ونزل مع بغاله سفح الجبل الى الوادي.
إستمرت المناوشات المتقطعة بين مجموعة من المتمردين الاكراد مع الأنصار الشيوعيين ضد فصيل من الجنود العراقيين ثم إنسحبت القوات المباغتة بعد ثلاثة ساعات من القتال وإختفت بين شعاب الجبل، بينما بقيت ثمة أصوات مدافع وهاونات تتبادل القصف على مقربة من الحدود العراقية بين قطعات من الجيش التركي وفصائل من مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي كان يتمركز في جنوب تركيا وكان المقاتلين ينتمون الى حركة انفصالية تأسست في السبعينات ثم تحولت فيما بعد الى المطالبة بالحكم الذاتي الذي يدعوا لها انصار أكراد تركيا وكانت عقيدتهم هي مزيج ما بين الانتماء للقومية الكردية مع الحركة الثورية الاشتراكية اليسارية والماركسية.
أنتظر الصديقان حتى يهدأ القتال وتعود السكينة الى الأفق بينما أضوية القرية التركية المتاخمة الى الحدود مع زاخو تبعث الامل الى الرحّال والسالمي لإكمال الرحلة.
ما رأيك ان نكمل المسير الان : همس الرحال في مسامع رفيقه!!
هز السالمي رأسه بالايجاب بعد أن بان عليه الارباك والهلع الشديد وأصابه الاعياء والعطش وطلب من صديقه جرعة ماء من الزمزمية وبكى بصمت مع ذاته بعد أن تذكر وداع أمه وهي ترش الماء من وراء الباب الموشوم بالحناء والآيات القرانية من طاسة وراء خطواته مع أدعية وتمنيات بعودة ولدها الوحيد الى الدار مرة أخرى.
لماذا حين يحاصرنا الرعب والموت نتذكر خاشعين الله ونشتاق الى أحضان الام حد البكاء، ونتمنى أن يرجع الزمن الى الوراء ونعود أطفالا نحتمي تحت عباءة الامومة:همس السالمي في ثنايا روحه المحطمة !!!
ثم نظر بوجه رفيقه الرحّال : حسنا يا صاحبي لنكمل المسير!!
تمالك القلق والحيرة والحذر والشعور بفرحة الامل أيضا وهما يقتربا من تجاوز الحدود علينا أن نحث المسير ونسرع قبل إنبلاج الفجر.
لنسلك هذا الطريق المتعرج وسط تلك الصخور: أقترح الرحال.
سارا الرفيقان وهما يسلكان الطريق الميسمي ويتطلعان الى أضوية المصابيح التي تقترب أكثر وكان يحدوهم أمل الوصول الى القرية ثم الى مدينة اسطنبول فيما بعد واللقاء بالمزورين في منطقة "تقسيم" في مركز اسطنبول وقد أوصى حمه أصدقائه من أكراد تركيا بمساعدة الصديقين العربيين مسبقاً لغرض تسهيل جوازات سفر مزورة يمكن العبور بواسطتها للوصول الى السويد أو الدنمارك كي يتسنى لهم طلب اللجوء الانساني.
واذا لم يحصل ذلك قيبقى الخيار الاخر هو طلب الحماية من منظمة الامم المتحدة لشؤون اللاجئيّن ومخاطبة السفارات.
كان حلم الوصول الى أرض الأمان يحفزهم على التحدي ومغالبة النعاس والتعب وكان الرحال في المقدمة يتحدى التعب وقساوة الطريق وهو يحث الخطى ويحمل زوادة الطعام وزمزمية الماء على ظهره ورفيقه السالمي يتبعه بلهاثه وخطواته المتعبة وجسده الناحل وهو يحاول أن يكتم سعاله خشية أن يثير الانتباه الى وجودهم ولكن على حين غرة فزعا من رشقات نارية أستهدفتهم: أختبأ يا صاحبي اللعنة لقد رصدتنا رابية الجنود العراقيين أو ربما المقاتلين الاكراد لا أعرف صاح الرحال بصوت مكتوم ومرتعب!!!
حاصرتهم زخات النيران بكثافة وكان أزيز أطلاقات بندقية القناص أيضاً من أعماق الليل تأز وهي تشطح على حافات الصخور.
ثم مسك السالمي خاصرته باصابع مرتجفة حين شعر بان ثمة حديد ساخن يخترق لحمه تحسس الجرح وكان الدم دافئاً يتدفق من خاصرته اليمنى فشعر بالاعياء الشديد وتهالك فوق صخرة التفت الرحال نحو صديقه مصدوماً وهلعاً وهو ينحني فوق جسد رفيقه يتحسس جرح خاصرته الغائر بينما أصوات الجنود المنحدرين من الرابية تحاصر الجبل.
صديقي اني انزف بشدة اني أموت والجنود قادمين أرجوك أتركتني وأكمل مسيرتك سوف يقتلوك أهرب حالاً: همس السالمي محتضراً ومتوسلاً صديقه.
لا يارفيقي ويا خليّ أنا لست بالنذل أو الجبان حتى أتركك تنزف في العراء واتخلى عنك: تنهد الرحال باكياً ودموعه تختلط مع دم صديقه الذي فارق الحياة بعد أن توقف قلبه عن الحلم، تقرب الجنود بكشافاتهم الضوئية حاول بدر الرحال الاختباء من أشعة الكاشف فانحدر الى الوادي واختبأ في تجويف بين صخرتين سمع ضحكات الجنود المنتصرين فوق جثة رفيقه ثم لحق ضابط الرابية بجنوده وأمرهم أن يفتشوا المكان جيدا ربما هنالك ثمة اشخاص آخرين متخفين من العصاة: صرخ بهم الضابط.
كانت بساطيل الجنود تصدر هسيساً وهي تدوس فوق الثلوج والاحراش والاحجار بينما فوهات البنادق ما زالت تبحث عن طرائدها.
توقفت أنفاس الرحال وهو يشعر بان حتفه قادم مع تقارب خطى الجنود وأشعة أضوية الكشافات التي تبحث عنه بين الصخور، وحين رفع بصره شاهد فوق الصخرة التي يحتمي تحتها بسطال جندي فشعر الرحّال بان أحلام الحرية والهروب تلاشت بعد أن شعر بأعياء ووهن يداهم اوصاله واستسلام لنهايته ولقدره البائس!!
"يتبع"



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكابدات الرحّال القمر ورحلة البغّال الجزء الرابع
- مكابدات الرحّال الرحلة الشاقة الجزء الثالث
- مكابدات الرحّال
- مكابدات الرحال
- حقائب مهجورة في قطار قديم
- بائع الثلج
- حكايات عجلات الزمن والعربات
- عودة البطاريق للجزيرة
- غواية القمر المحتال
- السلوك المتناقض في العقل البشري
- أرصفة الرسام وخيالات العاشق
- حوار مع ماركو
- المهرج والشاعر
- تأملات في آثار بابل
- وحشة المدن المهجورة
- تقاسيم الظّل
- مفارقات ما بين النبل والانحطاط
- هلع الوباء والموت
- موروث الشجن السومري
- آش ماخ كوديا


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مكابدات الرحّال - الجزء الخامس