أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - موروث الشجن السومري














المزيد.....

موروث الشجن السومري


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 6506 - 2020 / 3 / 5 - 02:59
المحور: الادب والفن
    


من وراء أعذاق نخلة طفولة البرحي كنت أتأمل بصورة الارنب الهارب حين قفز خائفاً من غضب أبليس من الأرض الى وجه القمر الساكن في السماء، ثم شدني سماع حكاية من أحدى الجدات اللواتي كن يجلسن على حصائر سعف النخيل وهي تحمل بكفها الأيمن الذي يزينه الوشم جرة فخارية تحتوي على " النشوگـ" الذي يميل لونه الى دكنة الحناء ثم تقرب الجدة جرتها الصغيرة الى منخريها فتستنشقه بعمق وهي تغمض عينيها فشعر بنشوة خدر النشوگـ ، ثم تدير برأسها لرفيقاتها العجائز وتبوح بحسرة : أن طعم مياه الرافدين في الازمان الغابرة كان أعذب من حلاوة العسل لكن نواح وغزارة دموع الثكالى والأرامل فيما بعد على المصائب والنكبات بات مذاق الماء مالحاً في أنهر العراق فاتشحت النسوة الثياب السواد وبات موروث الاحزان المتجذرة والمستمرة منذ صراخ النادبات والناعيات السومريات وهنَّ يواسيّن عشتار على فقدان "تموز"
الى الملاّيات واللّطامات والمعزيات في ليالي عاشوراء الموحشة !!
وكأن قدر العراقيين أن تكون أرواحهم مسكونة بأشباح الاحزان والنكبات والمصائب منذ الازل.
وما كان نواح وغناء الابوذية في حلقات غناء "الكيف" في أعراس الجنوب "يعبرعلى الطيب ونيّنيّ " الا تواصل من مغني "كالا" السومري القديم الى مغني الابوذية الحالي لاسيما في الارياف والاهوار وهم ما أنفكوا يرددون مفردات الالم والتشكي التي توحي بالشجن والحسرة مثل: " ياويلي.. أحا بويه.. أحا منك زماني .. أنا الياويل .. أحو يا نار گـلبي.. ويلاه .. ويلاه .. وذباهم زماني" أنه الشجن السومري منذ خسارات وخيبات گـلگامش حين سرقت الأفعى منه عشبة الخلود ثم رجوعه الى أوروك التي مات ودفن فيها بعد رحلته الطويلة والمضنية فأقام شعبه سرادق الحداد وعم الحزن حول سور أوروك هناك.
الى مأساة الإله "تموز" ورحلة العذاب وبكاء وعويل قومه السومريين في مواكب كانت تجوب طرقات الوركاء تبدأ من شهر القحط والقيظ تموز حين ينزل المظلوم تموز قسراً الى عالم الاموات السفلي مودعاً الحياة حتى ظهوره مرة أخرى في بدايات الربيع.
يبدو أن السومريين حين أكتشفوا الكتابة الصورية والمسمارية
وحفروها فوق الالواح الطينية والصخور أرادوا أن يدونوا أحزانهم وشعرهم وعشقهم بشجنه الجنوبي الذي يلامس القلب وكي يبقى تردده الأجيال من أسلافهم في كل الحقب الزمنية.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آش ماخ كوديا
- وحشة الظّل
- محنة النخيل والوطن
- تجمع المبعثر بعناية
- الخروف عوسي
- الحديقة وأسوار الذاكرة
- أرصفة حرية التعبير
- بركة الاسماك وكابوس الغراب
- أحاديث على ضفاف دجلة
- ذاكرة شارع ومدينة
- مشاهد يومية من مقهى
- العقاب والذنب
- حوار مابين رصيف وحانة
- عزلة الفنان في أرض الاحلام
- البومة وطلاسم الليل
- مابين المواجهة والنضال السري
- القنفذ وحجر عرق السواحل
- مساءات السيدة بولين
- يوميات مقهى ورصيف في ملبورن
- حارس معبد عشتار


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - موروث الشجن السومري