أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مساءات السيدة بولين














المزيد.....

مساءات السيدة بولين


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 5371 - 2016 / 12 / 14 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


مساءات السيدة بولين
قبل خمسة عشر عاما وبعد مغادرتي مدينة بيرث الواقعة في غرب استراليا الى ولاية فكتوريا سكنت في مشتمل خشبي صغير يسمى البانكَلو"."
كان هذا النوع من البيوت يشيد عادة في الحدائق الخلفية ويكون بعيدا بضعة امتار عن الدار وقد استأجرت في الايام الاولى لوصولي الى مدينة ملبورن بانكَلو كان تابع لبيت السيدة العجوز الاسترالية "بولين" وزوجها المالطي "توني" وكانت اعمارهما آنذاك متقاربة يبدو انهما كانا في اواخر العقد السابع.
كانت ايام هادئة تمر مابين عملي في قطف ثمار التفاح في مزرعة ريفية تقع في اطراف مدينة ملبورن والرسم والقراءة او اللقاءات ومبادلة الحوارات مع بولين وزوجها حول السياسة والتاريخ ومزح النكات حينا آخر.
كان توني نهما بقراءة الصحف ومتابعة اخبار العالم وهو يمتلك ثقافة متنوعة ومعرفة جيدة لاسيما في تأريخ استراليا اما بولين فكانت مدمنة على سماع الراديو ومشاهدة التلفاز وفي كل مساء كانت العجوز تحتسي اربعة قناني بيرة وتدخن السجائر في الحديقة الخلفية المقابلة للبانكَلو وتستمع الى نشرات الاخبار او الى مباريات لعبة الفوت بول الاسترالية بصحبة مذياعها الصغير. واحيانا كانت تشاكس زوجها حين تطلب منه ان يجلب لها علبة بيرة من الثلاجة لكن حين الزوج يتاخر تذكره وتهدده بما فعلت به ايام شبابهم حين اكتشفته يخونها مع نساء اخريات فشجت رأسه بحافة رفش الحديقة فكان توني كلما يسمع تلك الحكاية يتحسس اثار الجرح في رأسه ويضحك ثم يخبرني بالقصة الدرامية حين غضبت زوجته على فعلته النكراء وكادت ان تقتله.
تمر مساءات السيدة بولين عادية ورتيبة لاسيما بعد سنوات تقاعدها وهي تحتسي بيرة كالتون المحلية الصنع ثم تذهب بعد ذلك عادة الى غرفتها لمشاهدة التلفزيون والنوم بعد الساعة العاشرة ليلا اما توني قيبقى ساهرا مع قراءة الصحف ومشاهدت تلفازه الخاص ايضا في غرفته المنعزلة.

باستثناء المساء الاول من شهر جون عام 2001 حين سمعنا صراخ بولين في الحديقة وهي كانت مفزوعة وتسب وتلعن متسائلة: رباه ماذا يحدث في هذا العالم اللعين قفزنا مسرعين انا وتوني الى زاوية بولين وهي كانت تمسك بمذياعها بعصبية
ماذاحصل : تساءلنا مع السيدة !!؟؟
لقد حدثت مجزرة رهيبة في مملكة النيبال لقد قام المعتوه ولي العهد "دايبندرا" باطلاق النار من بندقيته على ابيه الملك وامه الملكة ايشواريا
وقتل معهم تسعة اشخاص اخرين من العائلة المالكة في القصر وهنالك بضعة جرحى نقلوا الى المستشفى.
وبعد المجزرة المروعة انتحر ولي العهد حين اباد جميع افراد عائلته تهدجت بولين وهي توشك على البكاء ثم صرخت بانفعال لقد قام المجنون بهذه المجزرة لان العائلة رفضت زواجه من حبيبته رانا حفيدة المهراجا الهندي والتي ربما استخدمت معه السحر الهندي الاسود كي تجعله مجنونا!!
حاولت ان اهدأ من روعها وهي تردف قائلة:
هذا الحدث المأساوي سوف لن انساه ابدا وهو يضاف الى ابشع حدثين مرا بحياتي وهما قتل وابادة عائلة آل رومانوف القيصرية الروسية برمتها مع القيصر نيكولا الثاني عام 1918
ثم نظرت بأسى الي وهي تذكر قتل العائلة الملكية العراقية في بغداد عام 1958
لماذا لم يتركوا ملك العراق فيصل الثاني ان يرحل مع عائلته بدلا من الجريمة البشعة!!؟؟
لماذا لم يتركوه ان يرحل عن العراق بسلام مثلما حدث للملك فاروق مع عائلته حين رحل بباخرة الى ايطاليا من مصر بعد الثورة
ومثلما حدث لشاه ايران ايضا.
-ان ماحدث من حماقات وجرائم في التاريخ لايمكن اصلاحها ياسيدة بولين: اجبتها في مساءها الاكثر حزنا وهي تحتسي بزجاجات اضافية من بيرة كالتون!!



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات مقهى ورصيف في ملبورن
- حارس معبد عشتار
- ليس للرب وطن
- مابين تعبان وترامب كانت هنالك عذابات بائع رصيف
- مشاهد من ذاكرة الانتفاضة
- اجنحة اليمام وغصن الزيتون
- حكايات أخرى من حانة هايد بارك
- الحذاء
- اصدقاء الليل والحانة
- تداعيات الذاكرة في صالة المستشفى
- حديث في مرسم
- رحلة في سوق الطفولة
- ذاكرة القلب
- حديث عابر في قطار
- تمرد ضد الاقفاص
- غزلان البراري واحلام الطفولة
- مابين غيبوبة العاشق ومطارد الشمس
- ابوذية الغناء وصوفية العشق
- ذاكرة الامكنة
- انهم يقتلون الابل


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مساءات السيدة بولين