أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - رحلة في سوق الطفولة














المزيد.....

رحلة في سوق الطفولة


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 5231 - 2016 / 7 / 22 - 17:09
المحور: الادب والفن
    


رحلة في سوق الطفولة
نص ولوحة : سعد محمد موسى

في طفولتي كانت هنالك اسئلة فضولية عادة ما تراودني اسأل بها امي البسيطة التي تحاول اقناعي باجاباتها العفوية الشعبية وانا اتسائل مثلا : من اين جاء المطر و ماهي ملامح الله .. واحيانا اتخيل هيئة الله التي تشبه الصورة الضبابية لملامح والدي الذي توفي وانا كنت بعمر السنتين.. وايضا أسأل أمي لماذا يوجد هنالك بشر فقراء واخرين اغنياء في مدينتنا!!؟؟
واسئلة اخرى كثيرة كنت الح بها لايجاد اجوبة.. وحين تصطحبني أمي معها الى سوق الصفاة في الناصرية كانت تبهجني الرحلة وانا اتعقب امي اثناء تسوقها كنت اشعر بالغبطة حين اكون في سوق الخضار والفاكهة او محلات الحلوى والمعجنات.. لكن سوق القصابين كان يرعبني وانا اشاهد الجزارين بملابسهم الملطخة بالدماء وسواطيرهم وفؤوسهم المخيفة التي يقطعوا بها جثث الابقار والاغنام فوق مقطع من جذع خشبي كبير يستخدم لتقطيع الذبائح وحين تملأ امي زبيلها السومري المصنوع من الخوص بما تحتاجه العائلة ثم تحمله فوق رأسها فتعود الى
الدار فوق الارصفة التي اعتادت اقدامها.
وفي احد المرات وانا اتعقب خطى امي وامسك باذيال عبائتها اضعت اللحاق بها وسط الزحام فبكيت ضياعها واوحشتنتي المدينة بدون امي.. ثم استوقفني مشهد الكاميرا الشمسية في سوق الناصرية وانا امسح دموعي باطراف اكمام قميصي.. وسط الزحام .. تأملت بفضول الكاميرا الغرائبية التي كانت تنتصب فوق ثلاثة اعمدة خشبية والمصور يدخل بيديه في الصندوق السحري ثم يغط برأسه في خرطوم الكاميرا السوداء لبضعة لحظات ثم يعود من غوصه داخل عجائب الكاميرا ثم يغسل المصور باصابعه التي اصطبغت بلون المحلول البني المؤكسد ورقة الفوتغراف ثم يجففها ويعلقها فوق حافة صندوق الكاميرا كي تتضح ملامح الصورة.
كان الفلاحون بازياءهم الريفية وهم يتحنطون امام عدسة الكاميرا ويقطعون الانفاس لالتقاط صور لاكمال معاملاتهم الرسمية لشهادة الجنسية او صور لمديرية التجنيد العامة. .. واتذكر ايضا هنالك عاشق كان شديد الاهتمام بهندامه وهو يضع المشط في جيب قميصه وكان شعره مدهون ولماع ينتظر دوره وهو يطلب من المصور ان يلتقط له صوة مع سيكارته على شاكلة صورة الممثل جيمس دين بغية ارسالها الى حبيبته .. وكانت هنالك ايضا عائلة تريد التقاط صورة لابنهم لاكمال الجنسية لكن الطفل كان مرعوبا ويصرخ باكيا امام الكاميرا دون جدوى من اسكاته. واتذكر وكان هنالك في الزاوية سطلاً مركوناً قرب كاتب العرائض يحتوي على صور شخصية غير ناجحة او محترقة يلقي بها المصور بعصبية .. حاولت التقاط بعضها وحشرها في جيوبي .. كانت غنيمة مفرحة جعلتني انسى ضياع امي في السوق المزدحم وانا ادس بالصور التي اضاعت ملامحها في جيوب بجامتي المقلمة ... ثم استفيق من غيبوبتي وانا اسمع صوت امي من اقاصي السوق
- يمه سعد وينك انا هنا ... لكن صدى
صوتي يتوارى مع خطى العابرين وضجة السوق دون ان تسمعه امي البعيدة..
أمي اين انت !!؟؟



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة القلب
- حديث عابر في قطار
- تمرد ضد الاقفاص
- غزلان البراري واحلام الطفولة
- مابين غيبوبة العاشق ومطارد الشمس
- ابوذية الغناء وصوفية العشق
- ذاكرة الامكنة
- انهم يقتلون الابل
- الحب ليس له وطن او دين
- رثاء لتماثيل مهشمة .. وهاربة من معابدها
- فجيعة الغابة القتيلة
- الحائك والمدينة
- حوار السلحفاة مع الفراشة
- ترانيم المساءات الاخيرة
- عراب الارصفة
- ترنيمة في تضاريس ذاكرة
- حوار مع ظل
- كوابيس تتعقب احلام هاربة
- حكاية معتقل ومحاكمة حلم
- ثلاث حكايات قصيرة عن الحرب


المزيد.....




- زائر متحف فرنسي يتناول -العمل الفني- المليوني موزة ماوريتسيو ...
- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش
- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- المقاطعة، من ردّة الفعل إلى ثقافة التعوّد، سلاحنا الشعبي في ...
- لوحة فنية قابلة للأكل...زائر يتناول -الموزة المليونية- للفنا ...
- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - رحلة في سوق الطفولة