أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - ترنيمة في تضاريس ذاكرة














المزيد.....

ترنيمة في تضاريس ذاكرة


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4979 - 2015 / 11 / 8 - 18:11
المحور: الادب والفن
    


ترنيمة في تضاريس ذاكرة
سعد محمد موسى

كان الصديق العصامي والنبيل الذي جعل من حياته عبارة عن عطاء وتفاني ومساعدة للاخرين دون ان يستعرض او يتفاخر او حتى يطلب يوما ما مقابلاً او ثمناً عن اعماله الخيرية .. وهو يعمل ويعيش بعزلة وصمت وحيدا دون عائلة دون اطفال دون زوجة لانه لايريد ان يضيف رقما أخر لطوابير العذابات المستمرة بانجابه لاطفال اخرين ربما يضيفون ماساة اخرى الى هذا العالم القاسي!!
فكانت وصيته بعد الموت هو التبرع باعضاء جسده الصالحة للاخرين وما تبقي من اوصاله طلب ان تحرق كي تنتهي قصة حياته مع حكايات الرماد والفناء دون أن يتذكره أحد.
كان أخر لقاء جمعني مع هذا الصديق في سدني قبل سبعة سنوات بمناسبة حضور المطربة اللبنانية ماجدة الرومي الى استراليا.
وحين دلفنا الى قاعة " هوم بوش" كان جلوسنا في المقاعد الامامية كما فضلها ان تحجز وقبل بدء الاضاءة وحضور المطربة كان يبدو الصديق صامتاً كالزجاج وحزينا كسرير يتيم
وبعد اطلالة ماجدة الرومي بكل اناقتها وحضورها المسائي صعق صاحبي بكل هذة المداهمة الجمالية وحلمه الذي كان ينتظره .. ثم رتلت ماجدة اناشيدها .. ولكنها حين اباحت باغنية "ماحدا بعبي مطرحك بقلبي" .. ارتحلت ذاكرة المعذب المثقبة بكل هذا الخراب مثل خوذة جندي مهزوم من حرب الى سواتر الحرب ومجانية الموت.
ثم تسلل الى مسامعي نحيب مكتوم منبعث من ملامح وجه الصديق الطيب والمتعب وبعد ان تطلعت المطربة من المنصة بالتفاتة عفوية توقفت برهة وكأنها كانت تقرأ انفعالاته وتأريخ عذاباته ومنافيه الطويلة.
فارتحلت ذاكرته الى صدى مشاهد من فجائع الحرب العراقية الايرانية والتي وأدت من عمره ثمان سنوات من بواكير شبابة في تلك المحرقة العبثية.. متذكرا احدى هجومات الجيش الايراني قي قاطع شرق البصرة.. حين انهالت قذائف المدافع والراجمات فوق الخطوط الامامية للجبهة فانسحب محاولا انقاذ أخر احلامه بالنجاة تحت السماء العارية .. ثم القى بجسده الذي كان يبحث عن الخلاص في اقرب ملجأ كان يختبأ بداخله احد الجنود العراقيين .. وهو كان يستمع من راديو صغير برفقته غير آبهاً بما يحدث في الخارج .. فكانت اغنية .. ماحدا بعبي مطرحك بقلبي.. استرسلت انغام الاغنية مع لهاث الجندي المفزوع مع جندي الملجأ.. وبعد ان انتهت الاغنية وانتهى قصف العدو غادر الجندي الخندق وهو كان يردد مع نفسه الاغنية التي بقيت عالقة في ذاكرته ورافقته منافيه وعذاباته واحلامه وهو يتطلع الى صورة مطربته والتي قطعها ذات يوم من جريدة ثم احتفظ بها داخل محفظته المتهرئة والتي بقيت تلازمه كحرز او ترنيمة اثناء رحلة الموت .



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع ظل
- كوابيس تتعقب احلام هاربة
- حكاية معتقل ومحاكمة حلم
- ثلاث حكايات قصيرة عن الحرب
- حكاية اخرى من يوميات جندي معاقب
- فلورينا المقعدة وكلبتها -بالا-
- الحارس واسرار الليل
- الدهشة الاولى
- السرقات النبيلة
- حفلة في غابة
- الغراب وشجرة الصمغ الاحمر
- تجليات الفانوس
- يوميات الارصفة والمقاهي
- حكايات البخلاء
- قراءة الكاتب رضا الاعرجي حول تجاربي الفنية
- ليس للمقامر مايخسره
- جار وحديقة
- مكالمات هاتفية عابرة في هذا الصباح
- مابيني وبينك كان أكثر من عناق
- ليس للمزاميرِ مواسمُ للرقصِ


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - ترنيمة في تضاريس ذاكرة