أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - نساء مررن من هنا















المزيد.....

نساء مررن من هنا


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 29 - 15:11
المحور: الادب والفن
    


بضعف شديد ، كانت تفتح عينيها ،تحاول أن تتبين ماحولها ، كان الدوار يتغشاها فتغمض عينيها من جديد ،فكل مرئي أمامها يسبب لها الدوار ، رائحة بخور كريهة هي ما يملأ خياشمها ، فتوشك على الغثيان ، تحاول النهوض فتزداد مطارق راسها ، هبت نسمة برد ضعيفة ، حركت يدها بتثاقل ووضعتها على صدرها ، انتبهت انها عارية تماما ، جفلت .. واهتز قلبها باعصار قاتل ، ماذا وقع ؟ من جردها من ملابسها ؟ وكأن الخوف قد ايقظ حواسها ، تذكرت كاس الشاي الذي أعطته لها الجارة قبل أن تدخل الى مقصلة اعدامها كونه من ثمالة الاسياد .. سمعت خطوات بعيدة كأنها آتية من بئر عميقة ، تحسست راسها ، اين حجابها ؟ ....
ترقبت ان تصل اليها الخطوات فتفتح باب الغرفة ، ربما يتسرب منها هواء ينعشها فتعرف حقيقة ماحل بها ، بصعوبة استقامت في مكانها ،حاولت أن تتكيء على جدار يسند ضعفها .. لأول مرة تتذكر أنها لم تأت وحدها عند الفقيه ، كانت معها جارتها ، أين هي؟ ، بدأت تقاوم ضعفها ،تحاول ان ترى ما حولها ، على الأقل لتجد ثيابها فتستتر ..
انفتح الباب ،ومع انفراجه شع ضوء كهربائي في الغرفة ، لم تكن غير جارتها ، كانت تراها بين تلافيف من غمام دخاني هو ما يحجب رؤيتها رغم قوة المصباح الكهربائي الذي يشبه مسقاط الضوء لدى المصورين ..
اقبلت عليها الجارة ضاحكة بعد أن فتحت أحدى نوافذ الغرفة ، عانقتها وهي تقول :
مبروك ، تسعة اشهر او أقل ونفرح بالضيف العزيز ..
وكأنها لم تسمع ماقالت ، كانت لا تسأل الا عن ثيابها وقد تكومت على نفسها ووضعت راسها بين فخديها تقي عيونها من شدة الضوء المسلط على وجهها ، كانت تريد ان تستتر أولا ثم تعرف ما وقع ..
كلما خفت رائحة الغرفة الكريهة استعادت هي بعضا من وعيها ،لمحت ملابسها مرمية في زاوية من الغرفة ،اشارت بيدها الثقيلة الى الجارة التي امدتها بها .. كانت هذه فقط تتابعها دون كلمات ،وكأنها مرتاحة لما وقع ، لكنها حذرة من أن تنبس بأكثر مما هي مأمورة به ،وما تعودته في مهمتها مع الفقيه ،حدقت في جارتها طويلا بعد ان شعرت بقدرة على التركيز ثم سألت :
الآن أخبريني ماذا وقع بالضبط ؟
رسمت الجارة ضحكة باهتة على وجهها وقالت :
ـ لا شيء ، عادي ، كثير من النساء العاقرات مررن من هنا فصرن أمهات ..
أرعبتها العبارة فصاحت بملء صوتها ، ورغوة زبدية تتطاير من فمها :
ـ أمهات !!.. أمهات بالحرام !! .. والفاعل من ؟ الفقيه !!... ماذا أقول لربي
يوم الحساب ؟ كيف أواجه زوجي ؟كيف انظر الى المولود يوم يخرج من بطني ؟
بدأت الجارة تربت على كتفيها ، تمسح على راسها وكأنها تقوم بمهمة قد تعودت عليها وفي قليل من اهتمام بدأت تردد أمامها :..
مابك ؟ قلق لامبرر له ...لاشيء قد تغير منك ، هل نسيت ضغوط عشر سنوات وما كنت تعانينه من أهل زوجك ؟هل غاب عنك كم دمرتك نظراتهم ؟ماذا نقص منك امام غبنك و احساسك بالنقص والقصور والعجز امام النساء ؟هي لحظة و قد مرت بسلام ..
تركت لدموعها العنان ، أخذت تضرب على فخديها ، تلطم وجهها وقد صار صدرها كمنفاخ صاعد نازل يعصر ه ندم شديد :
ـ انت لم تخبريني أن الامر يصل الى حد الاغتصاب ، أنت فقط قلت أن الفقيه سيدخلني الى غرفة البخور وأنت معي، ويرسم خاتم سليمان على بطني من فوق ثيابي ، لانه يسخر جنا مسلما يخاف الله ...
وقفت الجارة وكأنها تدعوها للانصراف ، أبدا ما عادت هي الصديقة التي تقربت منها ولازمتها ،تغريها بالأولياء الصالحين ، وبركة الجن المسلمين ، وقدر ة الفقيه على فك عقدة عقمها ، وجدت أن الجارة صارت امرأة أخرى تتعامل بغير ما تعودته منها من نصائح واغراءات بحمل سعيد من بركة الفقيه الذي يعرف مابينه وبين الله ، عاودتها هزة من بكاء وقبل أن تكمل وقفتها قالت لها الجارة :
الفقيه يريد بقية أتعابه مع فتوح بنجاح المسعى ..
صاحت في وجهها :
الفتوح !! .. أما كفاه ما أخذ ؟ كل ذهبي وما سرقته من زوجي من أجل ان اسقط في لحظة زنا لاتغتفر ..
قالت الجارة في لهجة آمرة :
ليس هو من يأخذ ،هي طلبات الأسياد التي لا تنتهي ،وليس هو من يفعل وانما ينفذ أوامر سلطان الجن الذي يأمره بما يفعل وكيف حتى يكمل المقصود ..
ارادت أن تخرج فمنعتها الجارة وهي تقول :
ليس قبل أن تحددي متى ستدفعين الباقي والا عرض الفقيه صورك على زوجك ..
ضجت بصراخ كانه مس من جنون ،وقد أرعبتها العبارة :
صور ..ايه صور ؟ ، ومن أخذ الصور ؟ومتى ؟ أدركت من سريان ألم تغشى جسدها لماذا تمت تعريتها ؟ وما علة وجودالمسقط الكهربائي ...احست بانهيار تام وضعف لم تعد تستطيع معه وقوفا ، سقطت على ركبتيها ، دموعها حفرت سواقي على خديها ، ماعادت تستطيع شهيقا ولا صدرها عاد يقبل هواء ؛بدات تسعل وكأنها على وشك الاختناق ..اية ورطة وضعت فيها نفسها ؟ ماعادت تريد خلفة ، ليت حرقة عشر سنوات من العقم حرقتها وصيرتها رمادا بدل ان تجد نفسها في موقف كهذا ...شرف ضائع وكرامة مهدورة ثم فضيحة على رؤوس العباد وبالصور ..
ضاع الزوج ، وانهد صرح بيتها ، قتلت حبا قويا ، هو ما يكنه لها زوج أحبها ووثق بها وقد جعل منها صندوق اسراره العملية والمالية ، والذي كثيرا ما كان يهدئ من الهوس وسوء الظن الذي يأكل صدرها، وهو يعايش غيرتها خوفا عليه من أن تحول انثى غيرها مجرى حياته معها..
هي دوما كانت تطمع في بنت أو ولد يعمي عيون اعداءها ومن ينظرون الى الزوج بعيون الشماتة رغم مايبديه لها من تفان وحب :
ـ لا تقلقي ياحبيبي فالعقم مني وأنا راض بحياتنا يكفيني وجودك معي ...
كم مرة نصحها ان يتبنيا طفلة من الملجأ تبهج حياتهما ، لكنها كانت تمتنع ايمانا منها أنها ستحمل ذات يوم لانها تريد خلفة من صلبه ..
دخل عليهما الفقيه ، وقد اتسعت على وجهه ضحكة شماتة ، فقد فاز بأنثى بجمال كتحفة فنية ،تبهر بقدها المتناسق ، ووجهها المشرق ببسمة لؤلؤية ،وعيون واسعة حجلية ،كانت تتركه مقتولا بسحرها كلما زارته مع الجارة ،لأول مرة تراه كخنزير بري بلحيته السوداء وعمامته الصفراء الفاقعة ؛ قال بعد ان امر الجارة بإعادة ترتيب الغرفة :
ضيوف جدد أتوا ،لابد ان تنصرفي ، غدا سأنتظر مابقي بذمتك ..
اشتعل في عقلها أمر ، فهي الآن بين يقين اليأس والموت ولن تتصور بان حياتها سيجري فيها نهر من أمل في الزوج والبيت كما جرى من قبل ، الفضيحة آتية لا محالة مهما طال لها زمن ، وما اكتشفته في الجارة يزكي مخاوفها ، هي امرأة حقيرة قادرة على كل شيء .. بين لحظة وأخرى صارت كحرباء يتغير لونها ،حية رقطاء لاترحم من منها اقترب ، طأطأت برأسها الى الأرض ...ليته كان تحت مقصلة تنهي حياتي ..هكذا تمتمت لنفسها ثم قالت : غدا يصبح ويفتح ..
خرجت وهي تشيع أنثى في بهو الدار تنتظر دورها مع إحدى قريبات جارتها ، ادركت الدرس وبلغت الحقيقة ، لكن بعد ان ذبحتها سكين الطعم الذي رمته لها الجارة وكيف لازمتها بالاغراء والتخويف ، بان العيون مسلطة على زوجها من سكان الحي ، ،وحقيقة الغول الذي ابتلعته كضحية لتنشئة لا تخضع لتبرير عقلي أو مفهوم علمي حقيقة التصديق بفقهاء الرقية الشرعية وعلماء اغرقوا المجتمع في مغاور التخويف بالجن وقدرته على امتلاك البشر والسكن في اعماقهم ، عرفت الآن من تكون الجارة وقريبتها هذه التي مع امرأة أخرى ؛ ينتظرها الفقيه لصب مكبوتاته بلا خشية من خالق او خوف من قانون .. عصابة تستغل جهل الناس بدينهم وتزين لهم طقوس الشعوذة كوعد بتحقيق ما استعصى على العلم والطب .. لم تقصد بيتها ، فلابيت عاد لها وانما كانت الى مركز الشرطة اسرع ...



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرقنا لقاح
- معا يا حبيبتي
- نفوس بعنادها متناحرة
- تجربة صادمة
- امنحيني فرصة
- منك أريد ولا اريد
- رجومك قادفات
- عطر...من بصل
- مابعد الحلم (ج2 من حلم الفيل )
- ليس أبي
- حلم الفيل
- اسألوا جانيت مربيتي (2)
- اسالوا جانيت مربيتي (1)
- لا رحمة في ليلة عشق
- استنبات
- هل أنا لديك اكتفاء؟
- بلا اثر
- الثعلب
- بداية سمفونية
- العرافة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - نساء مررن من هنا