أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - عطر...من بصل














المزيد.....

عطر...من بصل


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6510 - 2020 / 3 / 10 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


بعد حادثة سيارة اضطر لملازمة السرير في بيته ، كانت زوجته تعامله كطفل صغير ، لا تتوانى في تلبية كل مايريد ،فهي لا تفارقه الا لضرورة مطبخ أو كي قمصانه بعد الغسيل ، حتى وهي غائبة عن عيونه لا تتوقف عن دندنة ما يحبه من أغنيات ، يصغي اليها وعلى وجهه ابتسامة لا تغيب .. صوتها الرخيم يذكره بأول لقاء بينهما ، كان صاعدا في سلم عمارة لزيارة خاله فاذا بالصوت يشق الباب ،ثم يشق صدره من بعده ، وهو يتناول الشاي في بيت خاله رن الجرس ،فدخلت فتاة ذات طلعة بهية وأنوثة صارخة ، من خلال الحديث عرف انها هي من كانت تغني .. فكانت النظرة ...ثم الزواج..
هو متيم صوتها وبه مأخوذ ، فكلما غنت اغنية، أحس بصوتها شجيا يلمع حرارة وعذوبة، يخترق صدره ويأخذ بمخيلته ..
وهي في المطبخ سمعت صوت صاحب عربة الخضر ،خرجت اليه لتقتني ما تريده في يومها ، فمنذ إصابة إسماعيل ،صارت مضطرة ان تكتفي بما يأتي به اصحاب العربات الذين يجوبون الاحياء والأزقة.. ..
وضعت ما اشترت في جفنة لدائنية ،وجلست بباب الغرفة حيث يتمدد إسماعيل داخلها..وحتى لا تغيب عنه، فقد نصبت بباب الغرفة طاولة صغيرة خشبية مستديرة تقشر عليها الخضر ،فتبادر اليه متى احتاج شيئا، كما أنها تسمعه صوتها الشجي باغاني متنوعة مغربية وشرقية
فهي وإسماعيل مذ تزوجا وهما يعيشان حياة هانئة يملأها الحب والتفاهم
لم ينتبه إسماعيل وهو على سريره داخل الغرفة الى كل ما في الجفنة اللدائنية ، قال لها وقد شرعت في أول دندناتها و هي تضع ربطة البصل على الطاولة : رائحتك معطرة كورد الصباح ياحبيبتي
رفعت اليه بصرها وقد توقفت عن الدندنة :
أهكذا صرت لديك با حبيبي ، زوجة برائحة ربطة بصل؟ !! .. يبدو ان مرضك قد أنساك رائحة زوجتك ..
ارتبك ، ورفع راسه عن الوسادة ليدقق ما في الجفنة ثم قال :
ـ والله ما قصدت ، فما وصلتني غير رائحة عطرك
ضحكت وقد انتابها نوع من قلق :
ـ عطري !! لو لم أكن اغير غلاف وسادتك، والازار الذي تتغطى به يوميا ، لقلت ان ملازمة السرير قد افقدتك حاسة الشم ،لكن الخير في الله
فانا ما استعملت عطرا منذ مرضك ،اكتفي بغسلة يومية من رائحة العرق لكن لمن ؟
أحس بالغلط الذي وقع فيه "جايطبو عماه "، تنهد ثم استدار الى الجهة الأخرى وتركها تقشر خضرها ،بعد صمت سمعها تدندن: :
والله ما انت معانا ولا دايرنا بالك
دازت على الفراق سنة واشتقنا فيها خيالك
انهت عملها ،جمعت الخضر في الجفنة اللدائنية للغسل ،والبقايا،في كيس بلاستيكي ، نظفت المكان ثم قصدت المطبخ وهي تردد :
طال الفراق وطال الغياب والشوق غلبنا/
صبرنا ورضينا بالمكتاب ديما نترجاهم/
يرجعو ويزول السحاب وتزول الغبنة…".
كان يلتقط كل كلمة تقولها ، لا تخرج من بين شفاهها الا لتفتح ثلمات في صدره ،فمرضه قد اثقل حركته ، فصار مقصرا في حق زوجة تحبه حد الثمالة ، فهو تثاقل حتى عن استغلال جلوسها بجانبه لمناولته الدواء أن يضمها ويقبلها ، فقبلات بين حين وآخر كانت ستشعرها ببعض الهدوء والسكينة لما تمر به من ضغوط جراء مرضه والتعب الذي ينالها من اعمال البيت وخارجه ...
استدار الى جهة طاولة صغيرة ، اخذ هاتفه ، وكلم أحد أصدقائه ..
وهي تعد سلاطة الغذاء سمعت الجرس ،حين فتحت الباب وجدت صديق زوجها وفي يده باقة ورد من أجمل مارات في حياتها ،الوانها تتحدى كل المشاعر بذوق ، دعته للدخول فاعتذر لان وراءه عملا مهما..تسلمت منه باقة الورد وقلبها يهتز فرحا،شكرته ثم دخلت بالباقة على إسماعيل ،وقد أطلقت لصوتها العنان :
الورد جميل .. جميل الورد
الورد جميل وله اوراق ..
عليها دليل من الاشواق
استقام في مكانه وقد فتح ذراعيه يدعوها الى أحضانه ، وضعت الباقة فوق احدى الطاولات الصغيرة في الغرفة وارتمت بين أحضانه فقد ادركت انه هو من طلب لها وردا يعالج به غلطته ، لكن في خضم فرحتها بالورد ودفء العناق نسيت ان جرس الباب لما رن كانت تقطع بصل السلاطة ، وان إسماعيل خشي ان يعلن ما نفذ عبر خياشيمه فانكتم، وقد ذابا معا بين القبل ودفء عناق بعطر البصل



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مابعد الحلم (ج2 من حلم الفيل )
- ليس أبي
- حلم الفيل
- اسألوا جانيت مربيتي (2)
- اسالوا جانيت مربيتي (1)
- لا رحمة في ليلة عشق
- استنبات
- هل أنا لديك اكتفاء؟
- بلا اثر
- الثعلب
- بداية سمفونية
- العرافة
- حبي ليس نزوة
- الله يرحم عمي سليمان
- رسالة مخفية
- جدتي
- أهواك
- أرض خصبة لم تكن موعودة
- احزاب...ولكن
- لبيته لن أعود


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - عطر...من بصل