|
فخ المشكل الليبي : هل ستسقط فيه تركيا ، ام هو فخ منصوب لمصر باتقان ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6455 - 2020 / 1 / 4 - 21:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البرلمان التركي يصادق بالأغلبية ، على مشروع الحكومة التركية ، بالتدخل في ليبيا ، بناء على الاتفاق الموقع بين تركيا ، وبين حكومة طرابلس . الآن تركيا بصدد التحضير للتدخل ، امام موجة رفض على رأسها مصر ، والسعودية ، والامارات العربية المتحدة ، والاتحاد الأوربي . بالرغم من موجة الرفض ، يبدو تغاضي واشنطن عن التدخل ، وكأنه ضوء اخضر من جانبها ، وتأييد بطريق سلس للتدخل ، كما ان روسيا التي تناور ، من جهة تؤيد الجنرال حفتر ، ومن جهة تتلكأ ، وتمتنع من اصدار موقف واضح من التدخل التركي ، وهو موقف كالموقف الأمريكي مساند لتركيا ، وهو نفس موقف الصين . التدخل التركي في ليبيا هو تدخل مشروع ، لأنه جاء بناء على اتفاقية موقعة بين تركيا ، وبين حكومة طرابلس المعترف بها دوليا ، لأنها عضو بالأمم المتحدة ، وبالجامعة العربية التي وجدت نفسها بين مطرقة الضغط المصري / السعودي / الإماراتي ، والسند القانوني الذي يحكم حكومة الوفاق بطرابلس كعضو بالجامعة ، وبالأمم المتحدة . مصر تدين مصادقة البرلمان التركي على الاتفاق المبرم بين تركيا ، وبين حكومة الوفاق بطرابلس ، وتحذر تركيا من مغبة التدخل في ليبيا . فهل ستتدخل مصر ، وبمساندة السعودية ، والامارات في ليبيا ، اذا تدخلت تركيا ، وهي ستتدخل مع احترام قواعد التدخل المنصوص عليها في القانون الدولي ، أي ان التدخل سيكون بناء على اتفاق بين دولتين عضوين بالأمم المتحدة ، ويتمتعان بكامل السيادة في ابرام ما شاءا من الاتفاقيات ؟ كل المؤشرات التي تلوح في الساحة ، تفيد ان التدخل التركي بليبيا ، هو فخ منصوب لمصر ، وللسعودية ، والامارات ، سيما وان واشنطن ، وموسكو ، والصين يحتفظون بمواقف مبهمة ، وغامضة ، أي في اصلها هي مواقف مساندة لتركيا . فهل ما يختمر لمصر ، هو جرها لحرب ستخسرها ، لان تركيا عضو بحلف الناتو ، ومن تم سيكون استدراج مصر لمواجهة غير متكافئة ، بمثابة تنفيد ، وتطبيق لمشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا ؟ ثم كيف يمكن فهم توريط السعودية ، والامارات في تمويل الحرب ، ليس بسبب عروبة ليبيا ، وهم اللذان دمراها ، كما دمرا العراق وسورية ، بل بسبب ان حكومة الوفاق الاخوانية تساندها قطر ، وتدعمها تونس حركة النهضة ، ولو بشكل غير علني ؟ الاتحاد الأوربي الذي يبدو من حيث الشكل يعارض التدخل التركي ، خاصة فرنسا بسبب إسلامية ، واخوانية التدخل التركي ، بدوره يبدو مضطربا وغير جاد في موقفه ، وهو موقف مشابه لموقف الاتحاد من النزاع الفلسطيني / الإسرائيلي ، الذي يتظاهر بتمسكه بحل الدولتين ، لكنه ومن خلال مواقفه الحقيقية ، هو مع وحدة القدس ، ووحدة الدولة العبرية . وبالرجوع الى موقف أمريكا ، وموقف الاتحاد الأوربي بالنسبة للعديد من الملفات الدولية العالقة ، يتبين ان كلا الطرفين يتفق على نفس الخلاصة ، والاختلاف المصطنع بينهما ، هو مجرد أدوار تلعب في السياسة الدولية ، للحفاظ على مجال ، وإمكانية التراجع ، كلما كان موقف الاندفاع قد تسبب في حدوث اضطرابات دولية ، حتى يستمر الغرب لوحده متحكما في لعبة الأمم . فالتحالف الغربي ، أمريكا / الاتحاد الأوربي / إسرائيل ، هو تحالف ثابت ، والاختلافات التي قد يبدو انها ظهرت على السطح ، تبقى مجرد بهلوانيات ، وادوار تلعب بإتقان للامساك بالوضع . هنا تبدو إسرائيل ظاهريا انها تعارض التدخل التركي في ليبيا ، إرضاء للسعودية ، وللإمارات العربية المتحدة ، وحتى لمصر ،لكن من حيث الجوهر ، فإسرائيل هي حليف استراتيجي لتركيا ، ومن ثم فالتدخل التركي بليبيا ، سوف لن يزعجها في شيء ، طالما ان الاتراك مسلمون وليسوا عربا ، وطالما ان نشوب معركة بين تركيا ، وبين مصر فوق الأراضي الليبية ، ستستفيد منه إسرائيل كحليف لتركيا بالحلف الأطلسي . فلو نشبت الحرب بين تركيا ، وبين مصر في الأراضي الليبية ، فالناتو سيهرع لمساندة تركيا العضو بالحلف ، ولكون التدخل التركي ناتج عن اتفاق مبرم بين حكومة الوفاق بطرابلس المعترف بها دوليا ، والعضو بالأمم المتحدة ، وبين تركيا كدولتين يتمتعان بالسيادة في ابرام ما شاءا من الاتفاقيات الدولية المتماشية مع القانون الدولي . اما عندما سيشرع مجلس الامن في بحث أسباب التصادم التركي / المصري ، فأكيد انه سيحمل هذه الأخيرة المسؤولية الكاملة عن كل ما حصل ، او سيحصل ، لان المجلس سيعتبر التدخل التركي مشروعا ، وسيعتبر التدخل المصري غزوا وهجوما . ونفس الشيء سيحصل لو طلب من محكمة العدل الدولية ، البث في النزاع الجاري فوق الأراضي الليبية بين تركيا التي دخلت ليبيا بناء على اتفاقية مع دولة عضو بالأمم المتحدة ، ومصر الذي سيعتبر تدخلها هجوما غير مبرر على دولة ذات سيادة . ان التدخل التركي بليبيا لم يسقط من السماء ، ولم يأت صدفة ، بل جاء على انقاض الهزيمة العربية في الساحة الدولية ، وجاء على أساس دفاع تركيا عن مصالحها التي هي دولة بالأمم المتحدة ، وليس بالجامعة العربية الميّة ، وعضو بحلف الناتو المجبر قانونا بالدفاع عن تركيا . وإذا كان دخول ايران الحرب المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، قد يعني الخراب والدمار الشامل ، الذي سيكون الدافع لخروج الإيرانيين الى الشارع في ثورة قد تسقط نظام آيات الله ، فان دخول مصر حربا غير متكافئة مع تركيا العضو بالناتو ، وحتمية خسارتها للحرب ، يعني حتمية سقوط نظام السيسي الذي اضحى عالة على الغرب ، اكثر من عالته على الشعب المصري . إذن لا ايران ستخوض الحرب ، لأنها ستكون نهاية النظام ، ولا مصر ستخوض الحرب ، لأنها ستكون اكبر منها ومن نظامها . واليوم استشعرت طهران بالخطر ، من دخولها حربا اكبر منها ، فوجهت نداء لتركيا الاخوانية كي تقيم معها ( حلفا ) في مواجهة الغطرسة الامريكية ، والسؤال : هل ستتنازل تركيا العضو بالناتو عن علاقتها الاستراتيجية بالولايات المتحدة الامريكية ، وبإسرائيل ، لتبني ( حلفا شيعيا / سنيا ) متناقضا ، لن يوصلها الى هدفها الاستراتيجي الذي ستنافسها فيه ايران ، وهو السيطرة على العالم العربي الرجل الأكثر من مريض ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستندلع حرب نظامية بين امريكا وايران ؟
-
كيف استطاعت الولايات المتحدة الامريكية من الوصول الى قاسم سل
...
-
الجنرال قاسم سليمان
-
الحوار المتمدن // Ahewar.org
-
مقاومة / معارضة // Résistance / opposition
-
إنتقاد الملك // Le critique du Roi
-
القادم أخطر و أصعب .
-
الإنتفاضة الشعبية
-
نفس المحاربين // Les mêmes gladiateurs // Le polisario
-
المغرب يتسول // Le Maroc se mendicité
-
الوضع القانوني لتفاريتي // La situation juridique du Tifarit
...
-
الجزائر تطرد المغاربة // LAlgérie extrade les Marocains
-
صفقة القرن
-
تفاريتي // Tifariti
-
الرئيس الجزائري تبون
-
تحليل الانتخابات الرئاسية الجزائرية // Analyse des élections
...
-
تحليل // Analyse --- الاغتيال السياسي في المغرب // Lassassin
...
-
اليسار الملكي // La gauche royale
-
فشل زيارة مايك بومبيو الى المغرب // L’échec de la visite de
...
-
أية جمهورية // Quelle république
المزيد.....
-
ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
-
الملك السعودي يغادر المستشفى
-
بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس
...
-
بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى
...
-
النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي
...
-
غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
-
بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال
...
-
موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي
...
-
واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
-
السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|