|
محنة العقل مع النقل !
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6389 - 2019 / 10 / 24 - 17:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وفقاً للقاعدة الفقهية التي تقول ( لا إجتهاد مع النص ) أُغلق باب الاجتهاد منذ قرون طويلة ، وتحكم النص بأمور الحياة وقيدها بإملائآت عفى عنها الزمن من إفرازات العقل البدوي الصحراوي ، وأُلقي بالعقل في سلة المهملات كأداة لاحاجة لنا بها … إنتكس عقل المسلم وفقد وظيفته ، وزادت غربته ، وتحول الى كتلة لحم فائضة عن الحاجة حالها حال المصران الاعور ، وجوده من عدمه سيان … وتحكمت الغيبيات والخرافة في مجمل الحياة ولاتزال ، ولكي تؤمن بهما وهو المفروض عليك كمسلم يجب ان تكسر قاعدة العقل وتحيله على التقاعد ! … ولم ولن تجد انسان على ظهر هذا الكوكب مثلا يصدق أن ملاكاً يأتي بدابّةً بيضاء بين البغل والحمار تسمى البراق تطير بالنبي وجبريل من المسجد الحرام الى بيت المقدس ، ومن ثم تعرج بهم الى السماوات السبع وتعود في نفس الليلة ! ولا احد يصدق بأن أناساً ناموا ثلاثمائة سنة دون أي تغيير فسيولوجي يطالهم ، وإنسان بقي في بطن الحوت ثلاث أيام دون إن تهرسه معدة الحوت … أُمور ضد قوانين الطبيعة ، وغيرها الكثير من الخرافات والاساطير والغيبيات ، والتي يجب عليك كمسلم أن تصدقها وتؤمن بها لا لشئ سوى انها ذُكرت في القرآن في سياق الدروس والعبر ! وان لم تفعل أو تشكك تصنف كافراً وتستحق القصاص ! إن توقف الاجتهاد في النص محاولة هروب ذكية من الفقهاء لتجنب التناطح مع العقل المتفوق بلا شك على النص تغلب النور على الظلمة ، فالعقل هو المتحرك والاكثر ديناميكية لاستنباط وإستخراج المثالب التي تحشوا النص المحكوم بالجمود ! كان المسلمون يركبون البغال والحمير والجمال ويقاتلون بالسيف والرمح ويقضون حاجتهم في الخلاء ويستنجون بحجر أو عظم ، ويأكلون القديد ، طعاماً تعافه حتى الحيوانات اليوم ، لكن العقل والعلم اليوم غيروا شكل الحياة وقلبوها رأساً على عقب ، وبنوها من جديد على أسس حداثية إنسانية تتماشى مع الواقع الجديد المتطور باليوم والساعة ، حياة راقية تليق بالانسان وترفع من قدره وتوفر له كل وسائل الراحة … في وقت يريد الدين من اتباعه أن يبقوا متحجرين على ما كان عليه السلف من تخلف عكس الاتجاه الصحيح في السير الى أمام … ولن ينصلح حالنا مالم نحرص على إتباع خطى السلف أي أن نعود الى ثقافة أجدادنا المشرِّفة في الذبح والغزو والسلب والنهب وكما قال الامام مالك ( لن ينصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ) وما على المسلم إلا القبول والطاعة دون قيد أو شرط … ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) … الاسلام دين عصره وبيئته بكل ما يحمل من قيم و تعاليم بدائية ، تجاوزه الزمن بكثير ولم يعد صالحاً لقيادة دولة أو مجتمع كما تحلم بعض الاحزاب الدينية الاسلاموية اليوم ، فالفرق شاسع لايمكن أن يقاس بين ما كان عليه الاسلاف وما وصلت اليه المدنية أليوم ، وهذا ليس نقصاً فيهم حتى نكون منصفين بقدر ماهو التطور الطبيعي للحياة التي ترفض الاستكانة للخمول والكسل والثبات على اللحظة الراهنة ، ولكل حال لبوسُها ! حتى المفردات التي ذُكرت في النص القرآني من قبيل يعقلون ، يفقهون ، يتفكرون … الخ لم يكن المعني بها العقل العلمي الذي أوجد الحضارة المادية المعاصرة ، بقدر ماكان المعني بها مخاطبة المسلم أن يفقه ويفهم أو يستخدم عقله لفهم النص ومدلولاته الدينية ، الروحية لاغير … وهي التي فتحت الباب أمام الفقه والفقهاء ليمسكوا بناصية الدين ويتصرفون وكأنهم حراس على النص أو لديهم توكيل من الله بإحتكار فهمه وعدم السماح بألتقرب منه … لقد تقاطع العقل مع الكثير مما تسمى ثوابت الدين وأخضعها لمقاييسه ، فأخرج الغيب والخرافة خارج ممكنات الفهم ، بضمنها الوحي الالاهي الذي أصبح عصياً على الفهم والاستيعاب !! … إخيرا : ماألانسداد الحضاري بشقيه الانساني والمادي في العالمين العربي والاسلامي ، إلا بسبب إغتيال العقل أو تهميشه وتفضيل النقل أو النص عليه في تسيير دفة الحياة … لاغرابة في أن نجد إنفسنا نعاني من داء التخلف الذي كما يبدو لاشفاء منه …
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين والسياسة …
-
ترقب وتوجس من مظاهرات ما بعد الغد …
-
إشكالية الشخصية العراقية المحيِّرة …
-
هل نسي الله أن يحرر العبيد ؟!
-
تعليق على كلمة السيدة ميركل عن دموية الارهاب الاسلامي …
-
المنطقة من حرب الى حرب الى حرب !!
-
العراق بين نارين الفساد والمحاصصة الطائفية !
-
الاسلام وعقدة المرأة !
-
نحن أسرى موتى التاريخ !
-
المسلمون في وادٍ وبقية العالم في وادٍ آخر !
-
الاسلام السياسي ولعبة الديمقراطية !
-
لو تركوا حد الردة لما كان هناك اسلام !!
-
تعليق على مجريات المؤتمر العالمي الاخير للاخوان المسلمين في
...
-
الاسلاميون المتشددون … وآلة الزمن !!
-
فتش عن الاخوان …
-
بين التوكل والدعاء انحدرنا الى الحظيظ …
-
اين هو الاسلام الصحيح ؟!
-
الاخوان … و خرافة استاذية العالم !!
-
التنوير … و عصى الدين في الدولاب !!
-
الاخوان و عقدة الحكم …
المزيد.....
-
مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق
...
-
الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
-
قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ
...
-
أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ
...
-
قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ
...
-
صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
-
تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با
...
-
السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
-
-الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د
...
-
منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|