أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - في نعمة -العدو-














المزيد.....

في نعمة -العدو-


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6362 - 2019 / 9 / 26 - 14:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على حاجز للجيش العربي السوري، يقرأ المنتظرون عبارةً من ثلاث كلمات، عبارةً شديدة الإيجاز كما تكون البداهات عادة: (إسرائيل هي العدو). شيء لا يقل غرابة عن أهالي ماكوندو في "مئة عام من العزلة" حين بدأ النسيان يلتهم ذاكرتهم فسارعوا إلى كتابة معارفهم الأساسية على لافتات في أنحاء القرية، كان أهمها اللافتة التي ثبتوها في ساحة القرية وتقول (إن الله موجود). عبارة (إسرائيل هي العدو) مكتوبة بخط قياسي على صفيحة معدنية مثبتة على عمود خشبي، كما تُثبَّت عادة الآرمات التي تحمل اسم طبيب أو محل لبيع الفطائر أو البيض البلدي أو العسل. الفارق أن هذه الآرمة لا تدل على مكان. هي صالحة لأي مكان. المهم فقط هو أن تُقرأ. فهي لا تدل على شيء سوى على ذاتها. تريد فقط أن تَحمل ما قد تكون الذاكرة قد ملت أو تعبت من حمله طوال هذا الزمن الطويل. فإسرائيل باتت قديمة. هي اليوم من جيل الأجداد المباشرين. شبابنا اعتادوا على وجودها كما يعتاد المرء على أي شيء. وكبارنا سئموا الأمل بزوالها.
تخيلت أن من أوصى بوضع هذه العبارة يشرح منطقه كما يلي:
لا ننكر أن قوة إسرائيل هذه تفيض أحياناً، فتقصف في مكان ما خارج حدودها، أو لعل الحدود لا تعني لها شيئاً في الأساس. يمكن أن تقتل راعياً لبنانياً في أرض مجاورة، أو صياداً فلسطينياً في بحر غزة. وربما تجاوز فيض قوتها الحدود كثيراً، فيمكنها حينئذ أن تقصف في بغداد مفاعلاً نووياً، وفي الخرطوم معملاً مشبوهاً، ويمكنها أن تقصف مقراً خطيراً "لإرهابيين" في تونس. وقد تستهين بنا نحن أيضاً، رغم كل شيء، فتقتل "خطيراً" لبنانياً في دمشق، وقد تضرب معسكراً في ريفها، ومبنى في دير الزور، ويمكن حتى أن ترسل طائراتها للتحليق المنخفض فوق شواطئنا حيث لرئيس البلاد قصر، وقد تقوم بأشياء أخرى من هذا القبيل. صحيح أن هذه حالات متفرقة سهلة النسيان، لكن يجب أن تغذي لدينا دائماً الشعور بأن "العدو" متربص بنا. هذا ما يجب أن لا ينساه المواطن.
لنتكلم بعقل: إسرائيل هي عدو، والأفضل أن نقول: إسرائيل هي العدو. نحن نسجل تجاوزاتها هذه (ويمكن أن نسميها اعتداءات) على ورق، فالورق لا يَنسى، وسيذكّرك حين تعود إليه. لكن ما لا يكفي أن تحفظه الأوراق في الخزائن، ويتعين إبرازه دائماً، حتى على الآرمات حيثما ولّى مواطننا وجهه، هو حقيقة أن: (إسرائيل هي العدو). بصراحة، نريد لمواطننا أن ينسى الاعتداءات المتفرقة التي لا قدرة لنا بالرد عليها، كي لا تضعف هيبتنا أمام المواطنين. لكننا نريده أن يحتفظ بذهنه دائماً أن إسرائيل هي العدو.
لا بأس لنكن صريحين. العدو الدائم، مصدر الشرور والمؤامرات واللعب الخفي. وإذا شئت الحق فإن الاعتداءات الظاهرة "للعدو" نعمة علينا. العدو يقصف ويقتل ويدمر ويستولي على مياه أو على أراض. هذا واضح ولا يمكن أن ينكره علينا العالم، ويخلق التعاطف معنا. والأهم أن هذه الاعتداءات الظاهرة تبرهن لشعبنا أن إسرائيل هي "العدو"، حتى إذا ذكرت كلمة العدو لا يتحول الذهن إلى غيرها. أليس هذا واضحاً؟ إذا قلنا إن "العدو" إلى جانب الاعتداءات الظاهرة والصريحة يعمل بوسائل مخفية أيضاً لإضعافنا وللسيطرة علينا، سيكون كلامنا مقبولاً، أليس كذلك؟
والعدو الصريح القادر إلى حد الغموض، يمتص العداوات الأخرى. هل ثمة نعمة أكبر؟ قد نكون ظالمين لشعبنا الفقير المقموع المقتول، ولكننا لسنا العدو في النهاية، لأن العدو هو إسرائيل. والنصيحة الجوهرية هي: لكي نزيد في درء العداوات "الداخلية" عنا، يجب أن نبالغ نحن في عداوتنا للعدو، كي لا يخطر في بال أحد أننا على ضفة واحدة مع العدو فيطالنا من عداوته عداوة. تمعن جيداً في هذا المثال: كم هو جميل حين نتمكن من القول إن المظاهرات الحاشدة التي ترفع شعارات سياسية ضدنا، إنما هي مؤامرة وتدبير من أياد "العدو" الخفية؟ أليس هذا كلاماً معقولاً؟ قد يقولون: ولكن الناس تطالب بحقوق مشروعة. فيكون لنا جوابنا الجاهز والقابل للصمود: بالطبع، فالعدو يتلطى خلف المطالب المشروعة. ولكن هل نسمح له بالتسلل إلينا إذا وضع قناعاً من المطالب المشروعة؟ هل نحن ساذجون إلى هذا الحد؟ لا بأس، فليكف العدو عن استغلال المطالب المشروعة وحينها يمكننا تلبيتها. ولكنك تعلم أن هذه معضلة مستحيلة الحل. كل مطالبة، وكل تحرك، وكل نشاط هو ظاهر لباطن، ظاهره مشروع وباطنه "العدو". كم هو مريح لا بل منقذ وجود مثل هذا العدو؟
ستقول لي، لبّوا المطالب المشروعة كي لا يتستر خلفها "العدو". جيد. ولكن هل يوجد نظام سياسي كامل وخالي من الثغرات؟ الكمال لله. إذن دائماً سيجد "العدو" منافذ له هنا أو هناك. إغلاق المنافذ على العدو لا يكون بتلبية المطالب المشروعة (انت ترى أني أقول إنها مشروعة، لا أختلف معك حول ذلك) بل بضرب اليد الداخلية التي يستخدمها "العدو". أليس صحيحاً؟ إنه "العدو" الذي اغتصب أرضنا وقتل شعبنا وهجّره ولا يكف عن ضربنا بين الحين والحين بحجج واهية، فهل نتساهل مع "العدو" بحجة المطالب المشروعة؟



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس، لا خلاص بالأفراد
- تشبيح معكوس لهدف واحد
- لغة الثورة، ثورة اللغة
- الأسد ومخلوف، اهتراء النظام
- خراب الاجتماع الوطني في سورية ولبنان
- ما وراء الطعوم
- قصتنا العسيرة
- في قصة نزاهة الرئيس وفساد الحاشية
- علمانية على هدي الرسول محمد
- نافذة في النافذة
- جبهة النصرة في تحولها أخيرا
- مقطع من المعارضة في ظل حافظ الأسد
- ماتريوشكا الممانعة
- مأزق لحاق الأقليات بالثورة السورية
- معركة الساحل الثالثة، خيار خاطئ
- لون جديد
- عن الانتفاضات العربية ومآلاتها
- من الرئيس إلى البلد.. والمعنى واحد
- منطقان في الثورة السورية
- من التشبيح الاقتصادي إلى التشبيح السياسي


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - في نعمة -العدو-