أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - منطقان في الثورة السورية














المزيد.....

منطقان في الثورة السورية


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6308 - 2019 / 8 / 2 - 14:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تجاوز النقاش في شأن الوضع السوري موضوع عسكرة الثورة، بين ضرورته ومخاطره وبين فائدته ومضاره، وتحول الانقسام في الرأي حول هذا الموضوع من انقسام بين فريقين أحدهما يرى ضرورة العسكرة نظراً إلى أن النظام الأمني المدجج بروابط مذهبية محلية وإقليمية لا يسقط إلا بقوة السلاح، والآخر يرى أن العسكرة منزلق للثورة وقارب نجاة للنظام الذي لا يجيد إلا لغة العنف والقتل ولذلك يتعين مواجهته ليس في ميدان العنف بل في ساحة السياسة التي لا يمكنه فيها إلا أن يقف عارياً هزيلاً فارغ اليدين. أقول تحول هذا الانقسام إلى انقسام حول من يحمل السلاح ولأي غاية. بعد أن صار السلاح والعنف المتبادل وحرب الشوارع والقرى واقعاً ثابتاً لا معنى لأن تكون معه أو ضده، سوى كنوع من غسل الضمير بصابون كلمات إنسانية يدرك قائلها قبل غيره أنها لا تغير شيئاً في الواقع البالغ الوحشية.
ما يواجهه المثقفون السوريون المدنيون اليوم واقع شديد الاختلاط يتحدى الثوابت، كلما حاولت أن تخرج فيه من زحمة التفاصيل الرهيبة إلى عمومية المشهد تشدك التفاصيل إليها من جديد كأنها تريد أن تبتلع العمومية أو كأنها تريد أن تقول أنا العمومية بذاتي ولا عمومية سواي، أنا اللوحة ولستُ تفاصيلها. في مثل هذا الواقع المختلط يمكن تمييز منطقين يتحكمان بتفكير المثقفين السوريين المدنيين:
1. منطق أولوية إسقاط النظام: يرى أصحاب هذا المنطق أن كل شيء مقبول أو يمكن التغاضي عنه وتسويغه في خضم معركة تضع نصب عينيها إسقاط النظام. لا يهم ما هو دافع القوى التي تشارك في هذه المعركة، أكانت مطامع خارجية لدول تساعد الثورة أو مفاهيم عتيقة الزي ويابسة لقوى إسلامية تسعى لإقامة خلافة معاصرة أو غايتها إسقاط نظام كافر لإقامة نظام إسلامي يتسق مع شرع الله ولا محل فيه للديموقراطية بالمعنى المعاصر لها. لا يهم ما هو الدافع أو الغاية التي تحرك القوى المسلحة على الأرض ما يهم هو إسقاط النظام. الفكرة هنا هي اعتبار كل الصراعات ثانوية أمام الصراع الرئيسي مع النظام، وأنه لا داعي للانشغال باليوم التالي لسقوط النظام منذ الآن، لأن في ذلك عرقلة لإنجاز الهدف الأساسي المتمثل بإسقاط النظام.
2. منطق ما بعد إسقاط النظام: هذا منطق مستقبلي، إذا جاز القول، لا يهمّش الوسيلة لإعلاء الهدف، بل يرى في الوسيلة نفسها جزء من الهدف. يطرح هؤلاء أسئلة تبدو لأصحاب المنطق الأول معرقلة ومشتتة. يسأل هؤلاء: ما الديموقراطية التي يمكن أن نحققها على أكتاف أصوليين طائفيين يعتبرون الديموقراطية كفراً؟ ما الدوافع التي تكمن وراء الدعم الدولي والخليجي لعملية تغيير النظام السوري؟ ما معنى أن تكون التنظيمات الأصولية هي الأكثر تمويلاً وتسليحاً في المعارضة السورية المسلحة؟ وهل يمكن للطرف الذي كان له أكبر مساهمة عسكرية في إسقاط النظام أن يترك الثمار السياسية لنصره كي يقطفها أنصار المذاهب الديموقراطية؟ وإذا ما قطف الأصوليون الثمار السياسية لانتصارهم العسكري، هل ستكون إزاحتهم أقل تكلفة ومشقة من إسقاط النظام الحالي؟
يمكن لأصحاب المنطق الأول أن ينعموا براحة بال مؤقتة فالأمور تسير اليوم وفق منطقهم، ليس لأنه المنطق الأقوى منطقياً، وليس لأن لهؤلاء غلبة سياسية ما، بل لأنه منطق يتماشى عفوياً مع النهج المدعوم ممن يستطيعون التأثير على مجرى الأحداث. ويستطيع أصحاب المنطق الأول أيضاً أن يتهموا أصحاب المنطق الثاني بأنهم يغرقون في التفاصيل ويزرعون مخاوف مسبقة لا يحصد ثمارها سوى النظام، وبأن هذا التردد في دعم مسيرة إسقاط النظام لا يجني سوى المزيد من الضحايا لأنه يطيل من عمر نظام يجب اتخاذ موقف حازم منه لإسقاطه ووقف إراقة الدماء المستمرة في سوريا إلى حد لا يسمح بالتأمل في ما بعد إسقاط النظام. في النهاية يمكن اتهام المنطق الثاني بأنه "انحياز للنظام".
ويمكن لأصحاب المنطق الثاني أن يتهموا أصحاب المنطق الأول بالغائية والتعامي عن تقاصيل كثيرة ذات دلالات مقلقة تستوجب موقفاً واضحاً منذ الآن. وأن يتهموهم بالتقليل من خطر الإسلاميين ذوي التفوق العسكري، وأن يتهموهم بالمخاطرة بوضع سوريا على طريق التقسيم ورهنها لمشاريع خارجية قد لا تتفق (وهي لا شك لا تتفق) مع مصالح الشعب السوري.
وكما أنه لا جواب شافياً لدى أصحاب المنطق الأول عن مرحلة ما بعد سقوط النظام وكيفية تحرير سورية، بعد تحريرها من النظام، من أيدي أصولية إسلامية مشبعة بالمال والسلاح. كذلك لا جواب شافياً لدى أصحاب المنطق الثاني عن آلية إسقاط النظام دون عنف، وعن كيفية اللجوء إلى العنف دون تمويل وكيفية الحصول على التمويل دون مراعاة حسابات سياسية تتصل بالممولين، ومن ضمن هذه الحسابات إعطاء الثورة السورية طابعاً إسلامياً وطائفياً.
ومهما يكن من أمر فإن الثابت الأول هو أن الثورة السورية التي غلب عليها صوت السلاح منذ ما يقارب السنة، تمضي وفق منطقها غير آبهة، فلا مكان هنا للمتمنطقين الذين لا يملكون من أمرهم سوى محاججات ورقية والذين تكاد تكون فاعليتهم في المسار الواقعي للثورة صفراً، حتى لو كانوا على شكل تجمعات سياسية وأحزاب. والثابت الثاني هو أن جميع المثقفين المدنيين وعلى اختلاف مناهجهم المنطقية سوف يجدون نفسهم في اليوم التالي لسقوط النظام، كما لو بحكم طبيعة الأشياء، في مواجهة منطق آخر متمايز بالكلية عن منطقهم أو مناطقهم. منطق "إسلاموي" لا تكمن المشكلة في تمايزه بل في نزوعه إلى الغلبة والسيطرة لإعلاء إرادة متعالية يعتبر نفسه ممثلاً لها.
تشرين ثاني 2012



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من التشبيح الاقتصادي إلى التشبيح السياسي
- نظام قتل عالمي
- رحلة شيوعي صغير
- منكوبون ولامبالون
- تسلية مأساوية
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (2)
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (1)
- يحدث في الثورة السودانية
- الجهاديون مرض الثورة السورية
- بماذا يفكر القناص؟
- التشبيح الموازي
- بورتريه ريفي
- التحديق في الموت
- رثاء الأحياء
- حركة أحرار الشام، بين الجهادية والأخوانية
- مقابلة عن الحالة السورية في 2014
- أبو طالب وأم اسماعيل
- حوار لصالح مركز حرمون للدراسات المعاصرة
- العلمانية من منظور الأقليات الدينية
- العلويون السوريون بين الانفتاح والانعزال


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - منطقان في الثورة السورية