أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - نظام قتل عالمي














المزيد.....

نظام قتل عالمي


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6306 - 2019 / 7 / 30 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مما يثير السخرية في الاندفاعة العسكرية الغربية ضد النظام السوري اليوم أنها تأتي كرد فعل على طريقة قتل السوريين وليس على قتلهم. الطريقة الكيماوية أثارت حفيظة الغرب وأيقظت أخلاقه. هناك إذن قتل مسموح وقتل ممنوع. وذلك يتوقف على الطريقة. قبل 21/8/2013 كان النظام السوري، بحسب المعايير الأمريكية، يقتل بأساليب تقع ضمن الحدود الطبيعية، وإن كان يقوم بذلك مع قليل من الشطط الممكن تحمله. هذه الحدود الطبيعية للقتل لا يخرقها مثلاً ضخ الرصاص الحي على اعتصام سلمي في ساحة الساعة في حمص، أو في ساحة بورسعيد في اللاذقية، وذلك قبل أن تتطور الانتفاضة الشعبية بالاتجاه الذي أراده لها النظام وخصومه الطارئين في الخليج. ولا يخرقها السلاح الأبيض وهو يحز الرقاب الغضة في القرى والبلدات السورية، بعد أن دخل السلاح على خط الثورة، ثم استجلب النظام أشباهه من شتى أصقاع الأرض، وراحوا يتبارون في مستوى الهمجية، حتى باتت الهمجية تستمد "شرعيتها" من الهمجية المضادة. كان كل ذلك يقع ضمن الحدود الطبيعية للقتل.
وما يزيد في السخرية أن أمريكا التي أعلن رئيسها في 18 آب 2011، أي منذ ما يزيد عن السنتين، أن الرئيس الأسد قد فقد شرعيته وعليه أن يرحل وأن رحيله أفضل للشعب السوري، تتحدث اليوم عن ضربة عقابية ليس من أهدافها إسقاط نظام الأسد. إذن هدف الضربة لا يعدو أن يكون ضبط النظام ضمن حدود وسائل القتل التقليدية. "هدف أي عمل عسكري محدود سيكون ردع استخدام أسلحة كيميائية في المستقبل"، بحسب كلام باراك أوباما في مقابلته مع شبكة التلفزيون العامة الأميركية. لا بأس، يبدو أن الضحية التي تنزف دماً أقل أثراً في النفس الأمريكية من الضحية التي تموت دون أي أثر عنيف على الجثة. تلك معايير أمريكية خاصة. غير أن القليل من التدقيق يبين لنا أن ما يدفع أمريكا للتحرك ليس وجود نظام ينتهك قوانين إنسانية باستخدام السلاح الكيماوي، وليس مناصرة شعب يطمح ويدفع الثمن الأغلى ليحقق طموحه في الخلاص من استبداد استعمر البلد ويعمل على تكريس نفسه قدراً نهائياً على السوريين، وليس احتراماً لأبسط حقوق الإنسان وهو الحق بالحياة، دع عنك احترام المسعى الديموقراطي. إن ما يدفع أمريكا للتدخل العسكري في سوريا هو "التأثير الإيجابي على أمننا القومي على المدى الطويل"، بحسب كلام أوباما نفسه.
هناك إذن أمن قومي يمكن أن يتطلب السكوت على القتل حيناً، أو التدخل اللطيف لضبط شكل ووتيرة القتل أحياناً، وقد يتطلب تغيير أنظمة ديموقراطية في بعض الأحيان (ايران مصدق، وتشيلي اللندي)، أو تدعيم أنظمة مستبدة في أحيان أخرى (الأمثلة لا تحصى). كل ذلك باستقلالية شبه كاملة عن المعايير الديموقراطية ومعايير حقوق الإنسان. والسؤال التلقائي: لماذا تتعارض متطلبات الأمن القومي للدولة الديموقراطية الأقوى مع معايير الديموقراطية وحقوق الإنسان في أرجاء العالم، في حين يجب أن لا تتعارض؟ والجواب التلقائي أيضاً هو لأن معايير الديموقراطية الأمريكية لا تعترف بوجود "إنسان" مجرد ينبغي مناصرة حقوقه أينما كان. بل تعترف بوجود إنسان محدد تختلف معايير حقوقه باختلاف تحديده. فإذا كان أمريكياً ترتفع عتبة التعدي على حقوقه، وإذا كان سورياً مثلاً تنخفض هذه العتبة فلا يرفعها إلا مدى تطابق مناصرة حقوقه مع "متطلبات الأمن القومي الأمريكي".
على ما سبق، لا يبدو غريباً أن يكرر البيت الأبيض أن التدخل العسكري لا يهدف لإسقاط النظام. فلم يخرج النظام السوري بعد عن انسجامه مع "متطلبات الأمن القومي الأمريكي" وبالتالي ليس الجانب المتصل بحقوق الإنسان ذا قيمة، وليست الجرائم والمجازر أكثر من منغصات تحرج الإدارة الأمريكية.
يتضح على طول الخط أن من يقتل الأبرياء في كل مكان في العالم بمنهجية معادية للناس وبنفس طويل هو نظام قتل عالمي، وإن كان بيد وكلاء محليين. والوكيل المحلي في سوريا أوغل في القتل فبات على نظام القتل العالمي أن يغسل يديه قليلاً أو كثيراً من أفعاله. أما قرار استبدال هذا الوكيل فلم يبت به بعد على ما يبدو.
آب 2013



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة شيوعي صغير
- منكوبون ولامبالون
- تسلية مأساوية
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (2)
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (1)
- يحدث في الثورة السودانية
- الجهاديون مرض الثورة السورية
- بماذا يفكر القناص؟
- التشبيح الموازي
- بورتريه ريفي
- التحديق في الموت
- رثاء الأحياء
- حركة أحرار الشام، بين الجهادية والأخوانية
- مقابلة عن الحالة السورية في 2014
- أبو طالب وأم اسماعيل
- حوار لصالح مركز حرمون للدراسات المعاصرة
- العلمانية من منظور الأقليات الدينية
- العلويون السوريون بين الانفتاح والانعزال
- مديح المفاجأة
- السودان، خطوة إلى الأمام ومخاطر متربصة


المزيد.....




- -نفتقدك-.. كيتي بيري تغيب عن زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- في كوريا الشمالية.. من يُسمح له بالدخول إلى المنتجع الضخم ال ...
- ليلة تحييها ليدي غاغا وإلتون جون.. وتوقعات اليوم الأخير لحفل ...
- هل توجد مؤشرات حقيقية تدفع نتانياهو للتوجه نحو إقرار هدنة في ...
- -عراك بين إسرائيلي وإيراني- في أستراليا.. ما هي حقيقة الفيدي ...
- -شهيدات لقمة العيش-.. مصر تودع 18 فتاة قضين في حادث مأساوي
- خلفيات التوجه الأمريكي نحو إقرار وقف لإطلاق النار بغزة
- رواندا والكونغو الديموقراطية توقعان اتفاق سلام في واشنطن
- التداعيات المحتملة لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورو ...
- تحذيرات من موجة حر قياسية تضرب جزء من أوروبا ومخاوف من حرائق ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - نظام قتل عالمي