أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (2)















المزيد.....

الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (2)


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6303 - 2019 / 7 / 27 - 22:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثالثاً – في موضوع الطائفية والتطرف الديني:
دأب الخطاب الموالي في سوريا على رمي الحراك الشعبي منذ البداية بتهمة الطائفية والتطرف الديني. منذ الأيام الأولى وفي غمرة ارتباك النظام في تحديد طبيعة الحراك بما يشوهه ويطمس مضمونه ويغطي عملية قمعه، برز توصيف الحراك على أنه طائفي وسلفي. والتقط الإعلام السوري ما توفر له من مظاهر تعزز هذا التوصيف، مظاهر منها الفعلي (فلا غرابة في وجود ملامح طائفية وسلفية في الحراك) ومنها المصنوع. وقد كان لانكفاء الأقليات عموماً والطائفة العلوية خصوصاً عن المشاركة الواسعة في الثورة دور في دعم تصوير الحراك على أنه (حراك سُنّي) بما يسحب مضمونه الديموقراطي، أولاً من حيث كونه حراك ذو دوافع دينية لا تتوافق مع الديموقراطية السياسية (الحاكمية لله وليس للشعب)، وثانياً من حيث وضع الأقليات في مرتبة مواطنية ثانية. وبات خطاب النظام يشدد على فكرة الوحدة الوطنية باعتباره الممثل لها والضامن لاستمراريتها. ويُشتق من هذا الاتهام، رمي الحراك بأنه أداة سُنّية في الصراع السني الشيعي في المنطقة. وقد اكتسب هذا الاتهام قبولاً لدى الكثير من العقول السورية (ولاسيما ضمن الأقليات) جراء الدعم الخليجي الواضح للثورة السورية، الدعم الذي لا يجد تفسيره في احترام الخليج للقيمة الديموقراطية أو لحق الشعوب في تقرير مصيرها وإنما في النظر الخليجي للثورة السورية على أنها تحد من النفوذ الشيعي الفارسي في سورية وبالتالي في لبنان والمنطقة.
وكان لهذا الباب تأثير واضح ليس فقط في صفوف النخبة ولاسيما ضمن الأقليات الدينية والمذهبية بل وفي صفوف العامة أيضاً. من البداية كانت الجوامع منطلق المظاهرات، وكانت الصيحات الدينية (الله أكبر) ذات حضور واسع، وكانت البيئات الأكثر فقراً وتهميشاً هي الحاضنة الأساسية للحراك. وبدلاً من الفهم النقدي لهذه الظاهرة "الطبيعية" استسلمت عقول النخبة، ولاسيما في بيئة الأقليات المذهبية والدينية، لمخاوفها العميقة من السيطرة الإسلامية واتخذت موقفاً متلكئاً ثم مناهضاً.
رابعاً – موضوع العنف
اليوم، وبعد حوالي عشرين شهراً من اندلاع الثورة السورية وتحولها إلى صراع مسلح تستخدم فيه كل تقنيات الحرب وفنونها، لا يزال السجال حول لجوء الثورة إلى العنف والسلاح حياً بين الموالين والمعارضين حيث يدور السجال حول بداية لجوء الثورة إلى العنف. وبين المعارضين أنفسهم حول صوابية اللجوء إلى السلاح من عدمه. منذ اليوم الأول كان الحراك مسلحاً وعنيفاً كما يقول الموالون ويستشهدون بمعلومات عن مستودع الأسلحة في الجامع العمري في درعا (مهد الثورة السورية) وعن إطلاق النار على رجال الأمن والجيش من قبل معارضين وعن هجوم مسلح على عائلات الجنود .. الخ. أما المعارضون فيقولون إن العنف لم يظهر إلا بعد شهور وذلك جراء تزايد عدد العسكريين المنشقين وجراء الحاجة للدفاع عن النفس وحماية المتظاهرين من نيران الأمن والجيش. وفي هذه العودة الدائمة إلى نقطة بدء العنف من جانب الثورة والكم الهائل من المرويات المتعارضة والمتناقضة والمرسلة بفعل صعوبة التحقق منها والتشكيك المتبادل حتى بالصور ومقاطع الفيديو، ما يشير إلى أهمية موضوع العنف في تحديد موقف من الثورة وفي صياغة وعي الجمهور السوري عنها، هذا على خلفية ما يحمله ذهن السوريين، معايشة أو نقلاً، من أحداث العنف التي شهدتها سوريا أواخر السبعينات وبداية الثمانينات.
من يدقق في بداية اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سورية وتعامل السلطات السورية معها يلمس حرص النظام وسعيه الحثيث والخبيث لإظهار الاحتجاجات على أنها عنيفة وتخريبية ومسلحة. وسيكون من المهام الصعبة على الباحثين في المستقبل التثبت من حقيقة ما جرى، بفعل وجود آلية متعددة الرؤوس لعمل النظام، تجمع الرسمي (الشرطة والأمن والجيش) إلى غير الرسمي (الشبيحة) في تناغم وانسجام جهنمي. وما ينطبق على الفعل الميداني ينسحب أيضاً على الفعل الإعلامي والإيديولوجي. فللنظام دائماً سوق نظامية للإعلام (الإعلام الرسمي) وسوق سوداء للإعلام (الإعلام عبر الحزب الحاكم والمؤسسات التابعة له). على هذا، وعلى خلفية انعدام شبه تام لثقة معظم الناس بالنظام، يمكن لواقعة بسيطة أن تقرأ قرائتين متناقضتين. مثلاً: سقط في الأيام الأولى للاحتجاجات في اللاذقية عدد من عناصر الشرطة والأمن بين جريح وقتيل سواء بالسلاح الناري أو الأبيض.
قراءة أولى للواقعة: المتظاهرون يحملون السلاح ويستهدفون عناصر الأمن والشرطة الذين نزلوا بالهراوات ومُنعوا من حمل أسلحتهم بأوامر من السلطات وطلب منهم عدم استخدام العنف مع المتظاهرين. وعليه الاحتجاجات غير سلمية وهي عنفية وتخريبية ومسلحة منذ اليوم الأول.
قراءة ثانية للواقعة نفسها: المظاهرة سلمية وقد كان الشرطة ورجال الأمن غير مسلحين فعلاً سوى بالهراوات ولكن من استهدفهم وأطلق النار عليهم هم رجال تابعون للنظام بصورة غير رسمية (شبيحة) بهدف إلصاق تهمة العنف بالمتظاهرين السلميين وتبرير قمعهم. وعليه فإن النظام يصنع واقع العنف من جانب المتظاهرين صناعة ليحقق هدفين: الأول هو تشويه صورة الاحتجاجات، والثاني هو تبرير استخدام السلاح الأمضى بيد النظام وهو القمع المسلح.
وسط هذا الضباب الإعلامي الكثيف فقدت عناصر الواقع تاثيرها على القناعات السياسية التي استقلت بذاتها وباتت ترى الواقع كما تهوى. وقد كانت حادثة مقتل نضال جنود البشعة في بانياس أول حادثة دموية صادمة استقتل موالو النظام على استثمارها بحدود قصوى عبر عرض الصور الدموية لهذه الحادثة، صور من غير المقبول إعلامياً عرضها لفظاعتها، وعبر تكرار عرض هذه الصور بما يوحي أنها حوادث وليست حادثة وما يشير إلى استقصاد تعميم هذه الصورة العنيفة على كل الاحتجاجات.
ومع ظهور أعمال عنف أخرى تنسب إلى المحتجين (لا يزال الشك حتى اليوم يحيط بكل الروايات، فلا حقيقة في سورية اليوم سوى حقيقتان: الأولى هي المواقف السياسية التي قطعت جسورها مع الواقع الحقيقي وفق آلية التشكيك بكل شيء لا يتناسب معها، والثانية هي القتل والتدمير المستمرين في طول البلاد وعرضها) اخترعت ألسنة النظام حجة أخرى تطال هذه المرة التحركات السلمية الواضحة والمعترف بسلميتها، حيث اعتبرت أن اي احتجاج مهما كان شكله اليوم يشكل تغطية للعنف الذي يمارسه المحتجون وإضعافاً للدولة في مواجهة هذا العنف. تحت هذه المحاججة بات الموالون يطالبون، وليس فقط يقبلون، بقمع أي نشاط معارض، ويبررون أي إجراء تتخذه السلطة بحق أي شخص، حتى لو كان سلمياً أو مثقفاً أو فناناً أو شيخاً أو قساً .. الخ.
ولعل هذه النقطة شكلت بداية الهوة التي تبتلع سوريا يوماً وراء يوم. حيث بات الوعي الموالي لا يقبل بأقل من الولاء التام في الوقت الذي تغلي فيه سوريا بالرفض والاحتجاج والثورة. إنها نقطة تحول دفعت، من زاويتها بصفتها خطاب موالٍ، نحو المزيد من التشدد وإنتاج خطاب معارض شبيه. فبات مفروضاً على السوري الاختيار بين "فسطاطين" تحت طائلة التعرض لنيران الطرفين. وهذا ما فرض غياب الخطاب المعتدل والوسطي الذي يمكن أن يشكل جسراً لعبور سوريا إلى حقبة سياسية تالية.
أداة في يد الخارج ذات طابع طائفي إسلامي متطرف وهابي طالباني تتوسل العنف الفظيع لتحقيق مآربها في ضرب الدولة السورية وإنهاك الوطن (تتكرر كلمة الوطن كثيراً على ألسنة النظام في مماهاة مُدرَكة أو عمياء بين الوطن والنظام. الحق أن النظام يعزز هذه المماهاة بطريقته فهو يحيل العمل على إسقاط النظام إلى إسقاط وتدمير للوطن) لضرب المقاومة بالتالي. هكذا يلخص الخطاب الموالي الثورة السورية. دون أدنى اعتبار للدوافع الفعلية للثورة والتي تتكثف بكلمة الحرية والخلاص من نظام يحتكر الدولة والبلاد ويغلق أمام الشعب السوري اي درب من دروب التغيير. هكذا تواجه ألسنة النظام الداخل بالخارج، فتحيل المشكلة الداخلية أساساً إلى مشكلة خارجية "وطنية"، كأن الوطن لا يُعرَّف إلا بالعداء للخارج، وكأن إفقار الناس "المواطنين" وذلهم وممارسة التمييز الديني والطائفي والعرقي ودوس القانون تحت أقدام النافذين والأثرياء لا ينتقص من مفهوم الوطن، ولا يدفع الناس إلى البحث عن قوة يرتجون منها أن تحقق لهم العدالة ولو كانت قوة من الخارج.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (1)
- يحدث في الثورة السودانية
- الجهاديون مرض الثورة السورية
- بماذا يفكر القناص؟
- التشبيح الموازي
- بورتريه ريفي
- التحديق في الموت
- رثاء الأحياء
- حركة أحرار الشام، بين الجهادية والأخوانية
- مقابلة عن الحالة السورية في 2014
- أبو طالب وأم اسماعيل
- حوار لصالح مركز حرمون للدراسات المعاصرة
- العلمانية من منظور الأقليات الدينية
- العلويون السوريون بين الانفتاح والانعزال
- مديح المفاجأة
- السودان، خطوة إلى الأمام ومخاطر متربصة
- الهزيمة المؤسسة للهزائم
- نفوس مفخخة
- الاستبداد بوصفه نزوعاً شخصياً
- اتفاق داريا، الأرض مقابل الحياة


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (2)