أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - تسلية مأساوية














المزيد.....

تسلية مأساوية


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6304 - 2019 / 7 / 28 - 17:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعيد قصة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" اليوم إلى الذهن إحدى قصص الكاتب التركي الساخر عزيز نيسن التي تتحدث عن شكوى طبيب وصيدلاني ومحام وشرطي وخياط من تعطل أحوالهم وشح مواردهم. بعد حين تحدث مشاجرة كبيرة في الحي: اعتداءات وجرحى ومظلوميات وتمزيق ملابس ..الخ، فيجد الطبيب عملاً وفيراً وكذا حال بقية المهنيين الذين تنحل مشاكلهم جميعاً جراء وقوع المشكلة في الحي. مشكلة تحل مشكلات. مشاجرة كبيرة تجعل ماكينة مصالح "المهنيين" تدور. فقط يجب أن تبقى المشكلة بعيدة عن "المهنيين" الذين تقوم مهنهم على معالجة أحوال من تأذوا بفعل المشكلة.
لا يمكن للمراقب، مهما كان عقلانياً وظاهرياً لا يستبطن الأمور، أن يكبح الأسئلة الكثيرة التي تولدها ظاهرة "الدولة الإسلامية في العراق والشام". كيف لتنظيم حديث الولادة نسبياً، ويناصب العالم كله العداء بما في ذلك التنظيم الأم للقاعدة، أن يحقق هذا التقدم العسكري المذهل وأن يفر أمامه جيش بحاله؟ كيف تتقدم "الدولة" هذه المسافات ويسيطر على هذه المساحات الواسعة بهذه السرعة تحت نظر الدول الكبرى والصغرى ودون أن يكون له سلاح جو يؤمن له التغطية الضرورية؟ ومن أين له الأسلحة التي تخيف جيش دولة كالعراق، في حين اجتهد واجتهد "الجيش الحر" في سوريا، عبثاً، لكي يحصل على أسلحة نوعية تخلق نوعاً من التوازن مع جيش النظام السوري. علماً أن وراء هذا الجيش هيئة سياسية "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" وراءها مجموعة دول من "أصدقاء الشعب السوري" تتجاوز 70 دولة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي؟
لا يمكن أن يتم التمدد الداعشي هذا دون تواطؤ من جانب السلطات العالمية التي كان يمكنها بسهولة، لو شاءت، رد هذه الظاهرة البالونية إلى حجمها الطبيعي الذي هو جماعات مسلحة متمردة لا أكثر. وليس إعلان الخلافة من جانب "الدولة" التي تخلت عن تحديد مجالها الجغرافي "العراق والشام" لصالح المجال العالمي المفتوح بأن باتت "الدولة الإسلامية" هكذا بإطلاق، أقول ليس إعلان الخلافة سوى الطعم الذي التقطه "الخليفة" وسوف يدفع ثمنه مع تنظيمه في الفترة القادمة.
"مشكلة" تمدد "الدولة" في العراق وسوريا تحلُّ مشاكل العاملين على استقرار النظام السياسي العالمي من ناحيتين، أولاً من حيث جعل "الدولة" واجهة للتمرد ضد النظامين في العراق وفي سوريا بما يخدم استمرار كلا النظامين ويحرم الجمهور الثائر هنا وهناك من التغيير المرجو. هذه الواجهة المتخلفة سياسياً وفكرياً وأخلاقياً تحيل الفاعلية التمردية للجمهور إلى ما يقارب الصفر. وثانياً من حيث تحول "الخلافة" إلى نقطة صراع "جهادية" داخلية تستهلك طاقة الجهاديين وتمتصهم إلى هذه البقعة المنكوبة من العالم. ذلك أن الخلافة تتطلب المبايعة العامة من كافة الجهات الجهادية أو الدخول في الحرب مع دولة "الخلافة" ما يفتح الباب أمام صراعات بين الجهاديين تأتي على خطرهم الخارجي وتقوضهم من الداخل.
لا يكلف الأمر أمريكا سوى المراقبة وترك المسرح العالمي يشهد مفارقات تاريخية مسلية كأن يظهر في الواقع من يتقمص شخصية الخليفة "أبي بكر" في اللغة والزي ويستخدم منتجات حديثة أمام فمه وفي معصمه، وتنقل الحدث تقنيات حديثة أيضاً من الكاميرات المتعددة وأجهزة البث والانترنت .. الخ. المأساة الفعلية تتحول في جانب منها إلى تسلية مثيرة تخفف من وطأة الملل وتبعث الحياة في التلفزيونات.
وفي السياق نفسه، ترتفع قيمة "القادة" العسكريين والسياسيين في الشرق الأوسط (مكان أو لوكيشن العرض) ويجدون من يستمع إليهم قليلاً بمناسبة هذا العرض، وتنشد انظار الناس إلى القادة العسكريين والسياسيين العالميين الكبار طمعاً في طمأنينة ما تحملها تصريحاتهم.
هكذا تصبح السذاجة، وطاقة القهر والظلم العام، والشهوة العمياء إلى السلطة، ونزعة النكوص إلى ماض سعيد متخيل ..الخ مجرد وسائل في يد مكر القادرين والممسكين بزمام الأمور العالمية يصنعون منها عرضاً مأساوياً مسلياً يخدم في الواقع أغراضاً دنيئة لا علاقة لها بآمال الناس الذين تقع أوطانهم في المكان الذي يجري عليه العرض.
تموز 2014



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (2)
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (1)
- يحدث في الثورة السودانية
- الجهاديون مرض الثورة السورية
- بماذا يفكر القناص؟
- التشبيح الموازي
- بورتريه ريفي
- التحديق في الموت
- رثاء الأحياء
- حركة أحرار الشام، بين الجهادية والأخوانية
- مقابلة عن الحالة السورية في 2014
- أبو طالب وأم اسماعيل
- حوار لصالح مركز حرمون للدراسات المعاصرة
- العلمانية من منظور الأقليات الدينية
- العلويون السوريون بين الانفتاح والانعزال
- مديح المفاجأة
- السودان، خطوة إلى الأمام ومخاطر متربصة
- الهزيمة المؤسسة للهزائم
- نفوس مفخخة
- الاستبداد بوصفه نزوعاً شخصياً


المزيد.....




- سفارة أمريكا في القدس تُجدد تحذير رعاياها بعدم قدرتها على مس ...
- السعودية.. ظهور جديد لسعود القحطاني.. وتركي آل الشيخ يُعلق
- وسائل إعلام إيرانية رسمية: طهران تُسقط مسيرة إسرائيلية بالقر ...
- هذا الموقع تحت الأرض هو جوهر البرنامج النووي الإيراني.. إليك ...
- ترامب يشن هجوما لاذعا على ماكرون بسبب تصريح -وقف إطلاق النار ...
- رفع مستوى التأهب الأمني في منشآت القيادة الأمريكية بمنطقة ال ...
- إلى أين تتجه العملية الإسرائيلية في إيران؟
- DW تتحقق ـ صور وفيديوهات مزيفة عن التصعيد بين إيران وإسرائيل ...
- هل سيخرج الدم الاصطناعي من المختبر قريبا؟
- الدفاع الروسية: إسقاط 147 مسيرة أوكرانية بينها اثنتان فوق مو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - تسلية مأساوية