أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - جبهة النصرة في تحولها أخيرا















المزيد.....

جبهة النصرة في تحولها أخيرا


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6334 - 2019 / 8 / 28 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو من السلوك العسكري لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) خلال الحملة العسكرية الواسعة التي يشنها نظام الأسد مع حليفيه الروسي والإيراني في إدلب، أن الهيئة لا ترى في المعركة الراهنة معركتها الأخيرة، وأنها تنظر إلى ما هو أبعد من هذه المعركة. التنظيم لا يمتلك مكاناً آخر يلجأ إليه فيما لو أراد مبادلة السلامة بالأرض مع قوات الأسد وحلفائه، والتنظيم مصنف إرهابياً من قبل كل الأطراف، بما في ذلك الطرف التركي، فما الذي يفسر سلوكه العسكري في هذه المعركة والمتمثل في انسحاباته المتتالية، وتعزيز حواجزه على حدود منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي لعرقلة وصول تعزيزات من الفصائل الأخرى إلى خطوط القتال؟ وما الذي يفسر عدم دخوله في المعركة، وهي معركة مصير، كما هو مفترض، بأكثر من 20 إلى 30 بالمئة من قواته، كما يقول مصطفى سيجري، المتحدث باسم "الجبهة الوطنية للتحرير"، مضيفاً أننا "لم نشهد السلاح الثقيل للهيئة ولا فتحت مخازنها ولم نجد الاستشهاديين والانغماسيين الذين طالما تغنت بهم".
تمنع الهيئة المسلحين من مواليد محافظة إدلب بالتحديد، وترفض عودتهم إلى مناطق المواجهات في إدلب، فيما تسمح بدخول المسلحين من الغوطة الشرقية ودير الزور وحمص وفق شروط حددتها. أي إنها تتصرف وفق مقتضيات لا تتطابق مع مقتضيات المعركة الدائرة. وفي تفسيرها ذلك تقول إنها "تخشى على نفسها من عودة الفصائل التي حاربتها في إدلب أو مسلحيها، وذلك من تمكين يد هؤلاء في مناطقهم، وتعتبرهم خطراً على مشروعها في البقاء والتفرد بالساحة".
تصريح الهيئة هذا يثير الاهتمام من ناحيتين، الأولى هي أن التصريح لا يبدي تخوفاً على "البقاء" من تقدم قوات نظام الأسد، بل من "عودة الفصائل التي حاربتها في إدلب". في هذا ما يشي بأن الهيئة لا ترى، أو تحاول أن لا ترى، في نظام الأسد تهديداً لوجودها، وقد بات هذا مشروعها. أي إن في مشروعها أن تجعل نفسها مقبولة من نظام الأسد، أو مفيدة لنظام الأسد، بلغة أدق، بعد أن تعثر مشروع إسقاطه، وبعد أن تحولت قضية إدلب إلى تفصيل في عملية إعادة قبول النظام ضمن ترتيبات إقليمية جديدة من ضمنها معالجة القلق التركي حيال الوضع الكردي في شمال شرق سورية. ربما تطمح الهيئة بوظيفة محلية ذات طابع أمني أو تتطلع إلى أن تكون القوة الأولى في منطقة لها نوع من "إدارة ذاتية" يجري الحديث عنها وتكون ذات صلة خاصة مع تركيا.
يمكن تلمس هذا التحول لدى الهيئة بوضوح أكبر من الناحية الثانية التي يكشفها التصريح وهي الإعلان المباشر عن إرادة "التفرد بالساحة". تريد الهيئة أن تقول إنها حريصة على أن تكون القوة الأولى التي تستطيع أن تكفي النظام شر القوى الأخرى، بما يفتح لها باباً في مستقبل سورية، في دور مغاير ومختلف بالكامل عن "مشروعها" الجهادي الأول. وقد سبق للجبهة أن عرضت، خلال السنوات الماضية، نموذجاً لافتاً من الاستعداد لشتى صنوف التلون والجمع بين التشدد والقبول، وتغيير التسمية وفك الارتباط بالقاعدة، وشتى صنوف التحالفات والتفاهمات المخفية وحفظ خطوط الرجعة دائماً، ولاسيما مع الأطراف القوية.
كان من الواضح منذ سنوات أن استمرار الحال في إدلب تحت سيطرة الهيئة غير ممكن. المقدرة السياسية التي تميزت بها الهيئة دائماً، لا تترك مجالا للشك في أنها كانت تدرك هذه الحقيقة، وكانت تفكر بمخرج سياسي من الأزمة التي تهدد وجودها نفسه، طالما أن المخرج العسكري بات غير ممكن، وطالما أن وجودها على خطها الجهادي بات مستحيلاً، مهما تأخر الحسم. وقد بات الأمر أكثر إلحاحية بعد أن تعهدت تركيا، في اتفاق سوتشي (أيلول/سيبتمبر 2018) بإقناع الهيئة بحل نفسها أو بالاندماج مع باقي الفصائل المسلحة التابعة لتركيا، في مهلة تنتهي في 15 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
لم تكتف الهيئة برفض اتفاق سوتشي الذي شكل خطراً فعلياً على وجودها، ولم تنجح فقط في تجاوز الحد الزمني الذي وضعه الاتفاق لإنهاء وجودها، بل فاجأت الجميع في مطلع 2019، بإقدامها على خطوة معاكسة لاتجاه سوتشي، وبدلاً من أن تنهي وجودها، كما يقتضي التفاهم الروسي التركي، هاجمت الفصائل الأخرى القريبة من تركيا، ودمرت كياناتها وصادرت أسلحتها الثقيلة وفرضت سيطرتها على إدلب في غضون أسابيع قليلة. ولا يزال طي الغموض كيف استطاعت الهيئة تنفيذ سيطرتها العسكرية حينها، تحت نظر القوات التركية، وكيف أن هذه القوات لم تتحرك لنجدة أي من الفصائل التي تعتبر حليفة لتركيا. هذا يقول إن الهيئة تتقن فن التعامل مع الدول، وفن استثمار التباينات بين الدول، والتمهيد الجيد لخطواتها "العدوانية" على الفصائل الأخرى، أي إنها تتقن تنفيذ "مشروعها" سياسياً وليس فقط عسكرياً. ما يظهر تفوقها السياسي الواضح على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
سياسة الهيئة ومحاولة التأقلم مع معايير الواقع والعصر، بعد أن لامست الحدود الضيقة للاستمرار في "جهاديتها"، هو التفسير لما يتردد من كلام حول احتمال أن ترفع واشنطن اسم الهيئة عن لائحة التنظيمات الإرهابية وجعلها طرفاً في المباحثات حول مستقبل سورية. ومعروف أيضاً أن للهيئة تواصلات مستورة مع الجانب الروسي، تم من خلالها التوصل إلى تفاهمات تتعلق بفتح معابر بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة النظام، مثل معبر مورك في ريف حماه الشمالي، ومعبر العيس في ريف حلب الجنوبي، هذا فضلاً عن مرونة أو "دبلوماسية" الهيئة فيما يخص القبول بفتح الطرق الدولية وتسيير الدوريات الروسية التركية، والاستثمار في الفاصل الوهمي بينها وبين "حكومة الإنقاذ" التابعة لها، فتدفع الحكومة إلى إعلان مواقف فيما تحجم هي عن إعلان موقفها بشكل رسمي.
كل ما سبق يرسم ملامح المشروع الذي يتحكم بمسار الهيئة وسلوكها العسكري في الوضع الراهن في إدلب. المشروع الذي يمكن وصف محطته النهائية بأنها مقايضة الأرض والسلام بالمشاركة. هذا المشروع، إذا تحقق، سيجعل ابو محمد الجولاني، زعيم الهيئة، يكرر في إدلب المسار الذي اختطه رمضان قادروف في الشيشان. على هذا، يمكن أن يعرض علينا الواقع السوري المعقد، كيف يفضي الطريق الجهادي المتطرف، بعد سنوات طويلة من صراع عدمي، إلى المستنقع الأسدي نفسه.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقطع من المعارضة في ظل حافظ الأسد
- ماتريوشكا الممانعة
- مأزق لحاق الأقليات بالثورة السورية
- معركة الساحل الثالثة، خيار خاطئ
- لون جديد
- عن الانتفاضات العربية ومآلاتها
- من الرئيس إلى البلد.. والمعنى واحد
- منطقان في الثورة السورية
- من التشبيح الاقتصادي إلى التشبيح السياسي
- نظام قتل عالمي
- رحلة شيوعي صغير
- منكوبون ولامبالون
- تسلية مأساوية
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (2)
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (1)
- يحدث في الثورة السودانية
- الجهاديون مرض الثورة السورية
- بماذا يفكر القناص؟
- التشبيح الموازي
- بورتريه ريفي


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - جبهة النصرة في تحولها أخيرا