أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - حارة عظم














المزيد.....

حارة عظم


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 6355 - 2019 / 9 / 19 - 22:06
المحور: الادب والفن
    


في البرزخ ما بين اليقظة والنوم أحس بصوت باب الشقة يُفتح. انها هي طبعا، فليس غيرها من يملك المفاتيح. تَناوَمَ أكثر، طمعا في قبلة الإيقاظ الصباحية. وعندما فتحت عليه باب غرفة النوم هبَّ تيار خفيف من هواء بارد أجفله لكنه لم يمد بدا ليتغطى بالملاءة القطنية، وشعر إنه يشبه قطا قد أفسده الدلال. كانت هي تحاول أن تسير على رؤوس الأصابع، غير أن كعب الحذاء الجديد كان حادا في الإعلان عن نفسه رغم الحيطة المؤنثة. صوت أكياس من النايلون القاسي وطقطقة معدن متين. نعم، أكيد هو كيس التسوق من مونوبري بصوته المخشخش المزعج. ثمة أشياء توضع على الطاولة المستديرة في الغرفة، وعلى طاولة الزينة أمام المرآة الكبيرة أين يقبع اللابتوب الكبير الشاشة، وأين تكون الفوضى العظيمة المصاحبة للشغل اليومي على الحاسوب، ومخلفات الورق المصاحب للعمل، والأقلام الملونة، وفواتير الليلة السابقة، والنقود المتبقية في الجيوب، والنظارات الثلاث، وعلبة النيفيا الزرقاء الصغيرة المستديرة، وعطر الأرماني كود، وبخاخ الربو، ومزيل روائح الآباط، والساعة اليدوية من ماركة ليميت المحتفظ بها منذ أزمان سحيقة دون الرغبة باستبدالها.. على هذه الطاولة التي كان يسميها في بغداد ميز التواليت والتي هنا لا يسمونها كذلك بل ربما هي طاولة الزينة أو شيء من هذا القبيل. على هذه الطاولة، شعر انها قد رمت بشي ناعم الصوت. ما هو يا ترى؟ طفق يفكر. لكنه افتقد رائحة الكرواسانت الساخن المتوقع منها هذا الصباح قبل مغادرتها للعمل. ربما الفطائر قد حضرت فهي تعرف انه يحب منها أن تأتيه بمعجنات الصباح من كوشة عمار في طريقها اليومي من شقتها إلى شقته إلى عيادتها الطبية. طالَ تَـمَاوُتــَـهُ دون أن يحصل على قبلته الصباحية. وبعيون مغمضة، ومن صوت حركات جسدها عرف انها ستغادر الغرفة. صارت الآن بين الكليدور وغرفة النوم، وستقفل عليه بابه بهدوء بينما ستصفق باب الشقة بصوت لا مفر من حدوثه كل مرة. إذن فقد قرر الإعلان عن نفسه. ومن مكمنه قال بصوت يغلبه نعاس الصباح ها حبي جيت؟ قالت بخفوت نعم سألها ماشية للعيادة؟ قالت إيه، بس جيت جبت بعض الأشياء لك، وحقيبتي الصغيرة فيها أمور منحبش تشوفها حنين لأنها ستزورني العشية، وبالمرة خليتلك دفتر الملصقات الأخضر الذي تحبه. بربي اطلع عليه مش تنسى ملاحظاتي كالعادة!
وخرجتْ.
نهض من سريره. وبالكاد كان يميز النهار الطالع بسبب ستائر الغرفة السميكة التي يصر عليها صيفا وشتاءا. لم يبحث عن البانتوف السماوي اللون بل ذهب حافيا نحو طاولة الزينة فهو يعرف رغم ادعائه كل مرة بأنه لا ينتبه لدفتر الملصقات الأخضر الصغير على شكل قلب أين سيجده وفي أية بقعة صغيرة فاضية في خارطة أزمان الفوضى الخلاقة التي لا يعرف حتى هو متى ستنظف الطاولة منها، ومتى سيذهب غبارها المتراكم أدراج العناية من مدبرة المنزل التي لا تتجرأ أبدا أن تقترب من مستطيل الفوضى هذا. أشعل النور وتناول نظارات القراءة إذ يدرك تماما انها تكتب بخط يدوي صغير الحروف دقيقها. أمسك بالدفتر وراح يقرأ كلمات مثل صباح الخير أحبك مساء الخير أحبك توحشتك برشا برشا هيا صحصح وخذ دوش والتحق بي لكن لا تتأخر.. لكنه عدل من وضع النظارات الطبية على أنفه وقرأ مجددا وبشكل صحيح هذه المرة: لا تنسى تجيب معاك معجون طماطم مركز، وزيت متاع قلي، وحارة عظم. باي.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علامات، فصلية ثقافية مستقلة تصدر في الموصل وتود أن تخاطب الع ...
- الحبل
- أربعة مباهج من جوهرة الساحل
- شعر الأشياء: قراءة فلسفية عابرة لأرض المطلق*
- خمس قصائد
- البنيوية الفوقية
- الكتابة الجريحة
- القصة-القصيدة وقصيدة النثر وآفاق العمل المفتوح
- حول الموقف من الكوميديا وموت البطل في المسرح المعاصر
- مشكلة الأجناس الأدبية.. نظرة من جيرار جينيت
- ويتمان شاعر الشعب والعشب عربياً ملوحاً بالخيال
- تعال وكن حبيبي
- حجر الجنون - مقاطع من قصيدة نثر طويلة-
- لو افترضنا suppose
- حضور لا يضاهيه غياب
- هذا فقط لكي أقول
- صالونات ضيقة.. فضاءات مفتوحة
- حوار مع المسرحي التونسي لطفي ابراهم: أكتب انتصارا للمنسيين و ...
- بريشةِ نسْرٍ ستَرسمُ الغيابَ
- رُقْية لجَلْبِ الحَبيبْ


المزيد.....




- الذكاء الاصطناعي بين وهم الإبداع ومحاكاة الأدب.. قراءة في أط ...
- مخيم -حارة المغاربة- بطنجة يجمع أطفالا من القدس والمغرب
- بصمة الأدب العربيّ: الدّكتورة سناء الشّعلان (بنت النعيمة)
- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - حارة عظم