أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - حينما القهر ينقضي ، و يتبدد الظلام .














المزيد.....

حينما القهر ينقضي ، و يتبدد الظلام .


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 6250 - 2019 / 6 / 4 - 02:32
المحور: الادب والفن
    


قبل أن تهم الطائرة بالإقلاع ، جلست بجانبي امرأةٌ في العقد الرابع من عمرها ، بياض بشرتها من العيار الثقيل ، ممشوقة القوام ، خصلات شعرها الفضية متسربلة على جبينها .
ملأتني رغبةٌ ملحةٌ لأسأل عن وجهتها . لعلها تقوم بدور الدليل في المطار لترشدني .
إلا أن جهلي بلغتها أحجم مسعاي ، و ألجم لساني .

بدأت أنظر من نافذة الطائرة للأرض و ماعليها من خطوطٍ و أشكالٍ هندسيةٍ غير واضحة المعالم .
للغيوم و نحن نخترقها دون عناءٍ ، فنسير فوقها ، لأكوامها الناصعة المكدسة فوق بعضها .....
كل شيءٍ نراه من النافذة مشهده رائعٌ ...


أخلد للنوم بصحبة الأحلام تارةً - و أنا محلقٌ في الجو - فأصحو تارةً ، كما غيري يخلد و يستفيق أيضاً .
كان الصمت سيد الموقف في رحلتنا الهادئة ، و بغياب الحديث الصاخب .
وحدها المطبات الجوية كانت تخدش صفو وداعتها نادراً ، حينما كانت الطائرة تهبط للأسفل ، و تعلو فجأةً ، أو تميل يمنةً و يسرةً ، بما تعكر مزاج المعدة و إرباكها ، فتأخذها إلى حالة الاضطراب . بلا اعتذارٍ عن حركاتها الناشذة تلك .

كانت الرحلة عابقةً باللطف و السلاسة ، بلا منغصاتٍ و توترٍ ، أو ابتلاءٍ بثقيل ظلٍ يكدر النفس أو يهز البدن .
إلا أن اقترب ختامها ، و همت الطائرة بالهبوط ، فبدأت قوة الدفع تنخفض بالتدريج ، وهي تنزل متجاهلةً تبخترها من علوها الشاهق ، حتى لامست أرض المطار لتسير بعجلاتها قليلاً ثم توقفت .

طقطات فك الأحزمة كسرت حاجز الصمت بوتيرةٍ واحدةٍ .
نهض المسافرون من مقاعدهم ، و سرت معهم باتجاه الباب بهدوءٍ ، ثم النزول إلى أرض المطار من الدرج .

إجراءاتٌ روتينيةٌ أنهيناها بسرعةٍ خاطفةٍ في الصالة الكبيرة ، لنسف الانتظار الطويل المرهق .
خرجنا من البوابة الأخيرة مع الحقائب إلى حيث القافلة الصغيرة التي كانت تترقب وصولنا بفارغ الصبر .

كان لقاؤنا يقيناً لا حلماً ، حينما لامست أصوات فلذات الأكباد أسماعنا .
احتضانٌ أخمد لهيب الشوق ، و أضاء شموع القلب المطفئة .

و القلب تسارعت نبضاته ،
صبرٌ حقق فوزاً ساحقاً ، بعد أن كاد يوشك على النفاذ في اختباره المديد المضني .
زوبعة الحنين هدأت ،
الدموع الساخنة عجزت عن فك عقدة اللسان إلا النطق بكلمتين اثنتين لا ثالث لهما : ( أبي - أمي )
الحماس ألجم اللسان عجزاً لقياس حجم الاشتياق .
كل شيءٍ بدا خارج الزمان و المكان سوى لملمة الشتات .
و الماضي تلاشى في بوتقة الحاضر .
أبواب الذاكرة أُقفلت ،
و من وميض العيون حكايات الغد أفلت في أتون الحاضر .
و الروح بلغة الصمت المعبرة كانت تصرخ : لقد كملت الفرحة حتى الشبع ،
و ولادة حياةٍ جديدةٍ بدأت ، لتنطلق بوتيرةٍ خاليةٍ من التعثرات ، بعيدةً عن متاعب الشرق اللعين و كوابيسه المرعبة .
حياةٌ حبلى بالأماني و البسمة ، مليئةٌ بالأمل و الطمأنينة و الإبداع .



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنتي مع اللغات ليومٍ عسيرٍ .
- حينما الوطن يقسو عليك ، و يرفسك .
- حينما لا يتخلى عنك الألم البتة .
- وحده الحوار الهادئ الرزين مثمرٌ .
- الأول من أيار شعلة نضالٍ ، لن ينطفئ نورها .
- البيئة القذرة ، وصمة عارٍ على جبين المسؤولين !!
- بموته اللاذع ، أدمى رفات والده .
- الوقوف ضد الفكر التكفيريِّ من مسؤوليات الحكومات .
- لا ربيع في وعي مجتمعاتنا التعيسة بالمطلق !
- التقليد الأعمى ظاهرةٌ مجتمعيةٌ مرضيةٌ .
- الفن وهجٌ دفيءٌ لروح طفلٍ لا وطن له .
- نوروز رمز التآلف و النضال ، للانعتاق .
- بياض لبن الضأن ، و مذاقه !
- المرأة ضحية الرجل ، و صمتها معاً .
- حينما يتغير مسار الكلمات .
- ترويض الفكر ضرورةٌ ، لبناء مجتمعٍ آمنٍ .
- يبيع كلامه ، لكنه لا يأخذ أجره .
- في قلوبنا أطيافٌ تضيء أرواحنا .
- و للعشاق ساعاتٌ مرخصةٌ للإعلان عن حبهم .
- ماتت المعارضة العفيفة ، مثلما مات إله نيتشه .


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - حينما القهر ينقضي ، و يتبدد الظلام .