أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - حقيقة الإنسان في عالم الوهم .














المزيد.....

حقيقة الإنسان في عالم الوهم .


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 6138 - 2019 / 2 / 7 - 22:10
المحور: الادب والفن
    


صديقٌ اتصل بي ذات مساءٍ ، بأنهم سيزورون جماعةً ، لأداء واجبٍ لا يمكن نكوصه ، أو الإحجام عنه .
على أن نلتقي هناك .
و بما أنني مستقلٌ بانتماءاتي ، و حياديٌ في قناعاتي ، فقد آثرت الذهاب وحيداً خارج سربهم .
فقد سبقتهم إلى عقر دار الجماعة . لم يمضِ من الوقت إلا دقائق حتى دخلوا على نسقٍ أحاديٍّ طابوريٍّ .
فأخذ كلٌ منهم مكاناً يلائم وضعه الوظيفيَّ ، و بما يتناسب مع تسلسل هيكلية تراتبيته ...... ؟؟
بعكس إفلاسي من المناصب و عدم تبعيتي لأي طرفٍ أو محسوبيتي على أية جهةٍ مقتدرةٍ مؤثِرةٍ و فاعلةٍ .

بعد الانتهاء من المصافحة ، و الترحيب بصوغ عبارات التودد ، و تنميق كلماتٍ تنزف شوق اللقاء ، و الإسراف في الابتسامة التي نثرت صداها في أرجاء المكان .
أتحفني أحدهم بالقول : لقاؤنا هبةٌ من الله ، نابعةٌ من صميم مشيئته القاهرة لكل شيءٍ .
حينها همست في أذن المتصل : لو لم تكن أنت المبادر في انضمامي إليكم هنا ، لَوَثقْتَ بكلامه ، و صدقْتَ أن جمعنا هو بتدبيرٍ من الله و من صنيعه .
هز رأسه بالموافقة ، و نطقها بلسانه نعم بكل تأكيد .

لم يكن المكان آنذاك مناسباً لأقول :
قوة الاستلاب الكامنة في المنطق الدينيِّ أو السياسيِّ تحرم الإنسان من استعادة ذاته ، و تعزز شعور ارتباطه الخارجيِّ بلا استقلاليةٍ ، و دفعه إلى خانة الحيوان الذي قد يحس بذاته . لكنه لا يدركها ( حسب فيورباخ ) . أي أن الوعي الإنسانيَّ لا نهائيٌّ و مرهونٌ بحريته التي يفقدها قسراً . بينما الحيوان فارغٌ منها أصلاً .

مجتمعٌ يزيح الفكر الخلاق عن المسار العقليِّ . و يغلق باب المنطق السليم ، و يضيق خناق الوعي الرشيد ، لتسويق معتقداتٍ جاهزةٍ ، و التعامل مع الذات بمنطق السطوة لكسب رضى الأقوى سياسياً و لاهوتياً ، فتشويه الواقع بتزوير أحكامه الرزينة ، و اغترابه من عالمه الذي يعيش فيه .
ثم تشييء الإنسان من خلال تحوير ذاته الفاعلة إلى لعب دور المتلقي ، و الاحتجاج على دوره البناء و الركون للسطوة هروباً من المسؤولية المنوطة به ، فقبول عبوديته بعد زرع غريزة الموت في رأسه بدلاً من الإبداع و الجمال و حب الحياة . فيتحول إلى إنسانٍ آليٍّ يتحرك و يعمل حسب معيار عقله المبرمج .

و وفق بروتاغوراس أشهر فلاسفة اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد (( الإنسان هو مقياس الأشياء جميعاً . مقياس ما يوجد من الأشياء ، و مقياس ما لا يوجد من الأشياء )) .
أي أن الإنسان هو مقياسٌ لنقيضين اثنين . على اعتبار أن لكل مو ضوعٍ جانبان - المَعَ و الضد - . و ذلك بالحذق و الذكاء في تفسير مختلف الظواهر و تحليلها بالمنطق و العقل السديد ، و استخراج النتائج من مقدماتها اعتماداً على الفكرة و نقيضها . بعيداً عن العقم الميتافيزيقيِّ و ترهاته الجاهزة .

و كان للفيلسوف سقراط الدور الأبرز في مواجهة الأحكام الماورائية المقولبة ، و التوجه للتساؤل عن الإنسان و معرفته لذاته بذاته . لذا فقد قالوا عنه : ( إنه أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض ) . و قد دفع حياته ثمناً لتلك الأفكار النيرة ، و عدم مسايرته لروح عصره .
و تأكيداً لذلك فقد نُقشَتْ في تلك الحقبة السقراطية على معبد ( دلف ) العبارة المشهورة الآتية : (( اعرِفْ نفسك بنفسك ))
و ها قد يفصل بيننا و بين تلك الحقبة المضيئة عشرين قرناً زائداً عليها خمسة قرون . لم نتعظ منهم ، أو نستخلص و لو درساً واحداً لفتح فضاء عقولنا ، و حمل مشعل الفكر الخلاق لحرق المفهوم السائد ، و كشف القناع عن زيف المقدسات و ترهات ما بعد الحياة . و مازلنا نخاف من المغامرة بمستقبلنا ، أو المجازفة بحياتنا ، و نرفض أن نكون نشازاً للأفكار الجمعية المتشحة بالسواد أو الوقوف خارج السرب بعيداً عن كنف كوابيس المعتقدات العقيمة و القحط الذهنيِّ . إنها لمصيبةٌ ، و أقسم بذات الإنسان وحده .



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلمة الموحية تبحث عن مستقرٍ لها .
- ما أتعس القلم التابع !!
- لا تُحرِّم لغيرك ما تحلله لنفسك .
- للحنين وحدي جحفلٌ جرارٌ .
- أحلامٌ من الألم عاقرةٌ .
- يحق للعامل أجرٌ في العمل الإضافيِّ .
- همسة الحب نقيةٌ ، كبراءة طفلٍ .
- عدوى الفشل و الإحباط ينتقل من عامٍ إلى آخر .
- صناعة القرار لنا خطٌ أحمرٌ .
- حقوق الإنسان أكبر كذبةٍ يروجونها .
- الأنانية المفرطة تفتك المجتمع ، و تفتت الوطن .
- هروبٌ إلى ضفة الموت .
- كل مصائب المرأة تأتي من النصوص المقدسة .
- عكس هذا الظلام أسير .
- ينفثون سمومهم حتى في الدورات التعليمية .
- لا تدع عزيمتك مرتعاً لهواجس الخوف .
- فوق رؤوسنا ، يخوضون حروبهم .
- همسات قطرات المطر .
- قوانيننا سيفٌ مسلطٌ على رقاب المرأة .
- بريقٌ مزيفٌ .


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - حقيقة الإنسان في عالم الوهم .