يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6091 - 2018 / 12 / 22 - 13:11
المحور:
الادب والفن
الولادة المرتقبة في ساعات المخاض الأخيرة عسيرةٌ جداً .
يمتزج التوجس فيها بالشوق ، و تختلط اللذة بالألم .
دقات القلب تتسارع وتيرتها .... تسرع الخطا خلافاً للعادة .
الاضطراب يحاول أن يتولى مهمة تحويل التفاؤل إلى تشاؤمٍ و نكدٍ .
و هنا تكمن صعوبة لحظات الانتظار ... أيكون المولود فأراً أم جبلاً ؟
الزمن لم يعد يتفاعل معنا كسابق عهده لضياع بوصلته ، و الاستعاضة عنها بضربة حظٍ . و بات مرتعاً خصباً للتخمينات و التكهنات لا أكثر .
شعوبنا غرقت في مستنقع الغباء لوضع السكين على رقبة أوطانها ، و فعلت بها ما يفعل الطفل بلعبته ... يفككها ... ينتزعها ... فيرميها .
الوجوه اسودت ، و المبادئ انحدرت ، و الوحشية تفاقمت ، و القلوب باسم المصالح غدت رمزاً للحقد و القبح .
الفردية تتعاظم دورها ، و تنتفخ ورم الذاتية و الأنانية بوتيرةٍ عاليةٍ .
أزماتنا تولد صدماتٍ موجعةً بعد طول انتظارٍ . و توتراتنا عنيفةٌ تقتحم حياتنا فتضعنا أمام أسوء مخاوفنا ، فتمضي بنا الأيام و نحن نعيش مأساتها التي تنسف حياتنا مهما بذلنا جهداً لتخطيها .
لا التفكير السليم يجدي نفعاً ، و لا الاتزان العقلي يفتح أمامنا مخرجاً .
فكيف التغلب على محنتنا و نحن بالأصل في قبضة من لا نستطيع الفرار منهم ، و على مرمى نيرانهم نحن دائماً ؟
و إن بذلنا محاولاتٍ يائسةٍ للنجاة فالرصاص يخترق جسدنا من مسدسات كاتم الصوت بصمتٍ مفاجئٍ .
و كيف لا و نحن منفذون كالبيادق ، لأننا جالسون في أحضانهم . فأرخص أنواع الحياة هو أن تعيش في أحضان غيرك ، كشيكٍ بلا رصيدٍ ، و لا معنى له إلا في عقول الحمقى ، و صغار الرجال .
كما البيادق لا تتحرك إلا بأصابع تطالها خارجاً ، و العيش برماح العبودية يتمزق .
عواقب النظر بعيونهم لا بعيوننا مأساةٌ بلا انجازٍ . ولا شيء سوى الركض وراء السراب .
لأن العمل الموكل إلينا هو الهدم ، و محرمٌ علينا البناء .
كل شيءٍ فينا يتحطم . الهبوط .. الانكسار .. الكوارث ... القلق ... السطحية .. الجهل ... الوصاية ...
كل شيءٍ فينا ملوثٌ .
أما الأحلام و الأمنيات و الرغبات و النهوض فينحسر رويداً رويداً ، و بالوهم يرتطم .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟