|
مُرّاكش ورياضُ ليوناردو دافنشي
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1522 - 2006 / 4 / 16 - 11:49
المحور:
الادب والفن
في أيلول 2005 ، آنَ كنتُ بمرّاكشَ ، في أيّامٍ مشهودةٍ للثقافة والفنّ ، التقيتُ السيدةَ ســونه واد ، مديرةَ المعهد الثقافي الفرنسي بمدينة مرّاكش ، في عشاءٍ عجيبٍ بأعلى روضةٍ من رياض مراكش الأشدّ مدعاةً للعجب . قالت لي ســونه واد إنني مدعوٌّ إلى الدورة الثالثة من " ربيع مراكش " حينَ يتدفّق الشِــعرُ ، طليقاً ، في حدائقــه ، منذ أواخر آذار ( مارس ) حتى بدايات نيسان ( أبريل ) 2006. كما أسرّتني أنها ســـوف تستضيفني في " رياض ماســون " ، لا في فندقٍ من فنادق المدينة . لم أكن أعـرف عن " رياض ماسـون " شيئاً ، آنذاك . أندريا تييرني ، كانت معي . حين هبطنا في مطار مراكش ، وجدنا من ينتظر ليأخذنا إلى الرياض . لكن المفاجأة الحقيقية كانت عندما سألني شــرطيّ : أأنت فلان ؟ أجبتُ : نعم . قال : أأنت الشاعر نفسه ؟ أجبتُ : نعم . وهكذا بدأ بيننا حديثٌ ظريفٌ عن الشعر وأهله ، وعن معارفَ مشترَكين … ( علاقة مختلفة ، أكيداً ، بين الشرطي والشعر ! ) . أندريا لم تكن لتصدِّق الأمر ! وأنا أيضاً . * كانت القراءات تتمّ في الحدائق العامّــة ، حيث الشجر وحده يستمع إلى الشعر . في الجامعة . وفي المدارس . قراءةٌ واحدةٌ كانت في محلِّــها تماماً ، وفي مستواها اللائق ، هي القراءة المشتركة لبرنار نويل ومحـمد بنيس ، بـ " الدار الشريفة " ، حيث كنتُ قرأتُ ، مع أندريا تييرني ، قصيدةَ " نيو أورليانز " ، أيلولَ 2005 . كان برنار نويل ، صديقي منذ أيام باريس ، مضنىً ، كامل الهدوء ، على غير عادته . علمتُ أن عملياتٍ جراحيةً معينةً أجريَتْ له مؤخراً . برنار مع إيزابيلاّ كانا يسكنان ، مثلنا ، " رياضَ ماسون " ضيفينِ على ســونه واد . قصائد برنار نوَيل التي قرأها في " الدار الشريفة " كانت تنضح بأسىً عميمٍ ، وإحساسٍ بالزمن مؤذٍ . قلت إن برنار وإيزابيلاّ كانا معنا في المنزل . كنا نتناول فطور الصباح معاً . في آخر فطور صباحٍ ، ودّعنا برنار وإيزابيلاّ عائدَينِ إلى فرنسا . قلت لبرنار: إنك مستعجلٌ … قال مبتسماً ابتسامته العذبةَ : أريد أن أشــهد الثورةَ ! كانت التظاهرات ضد قانون العمل الرجعي ، قانون دو فيليبان ، تجتاح فرنسا آنذاك .
* مراكش ، ملأى بالرياض ، Riads، هكذا . والرياض وهوجمعٌ يراد به المفرد هنا ، دارٌ عاليةٌ ذات حديقةٍ ( روضةٍ ) داخلية . رياض مراكش يشتريها الآن فاحشو الغنى ، الأوربيون والأميركيون ، بملايين الدولارات . هم يشترون كل شــيء . وتدريجاً سوف يمتلكون خير منازل المدينة العتيقة ، أي الرياض ، بينما فنادقهم الياذخة تحتلّ الأحياء الجديدة . أتذكّــرُ من قصيدتي " مجاز وسبعة أبواب " : مرّاكشُ الحمراءُ تُبنى الآنَ عاليةً وعاصمةً فهل نحن الحجارةُ ؟ * دُنِــيز ماســون ( 1901-1994 ) ، التي سمّيت الرياض باسمها ، سيدة فرنسية سكنت مراكش أكثر من ثلاثين عاماً ، في المنزل نفسه ، المقدَّم هديةً منها إلى بلدها فرنسا ، والمستخدم حالياً من جانب المعهد الفرنسيّ بمراكش ، موئلاً ومحفلاً . السيدة دُنيز ماسون ترجمت القرآن ومعانيه إلى اللغة الفرنسية . وهي مولعةٌ بالموسيقى . في المنزل أرغنٌ معطّــلٌ وبيانو شــغّــالٌ . وأندريا تريد أن تعزف …
عقدت أندريا صداقةً مع مدبِّــرة المنزل ، وبحثتْ معها في المكتبة الخاصة ، عن مدوّناتٍ موسيقية . كانت الحصيلة كنزَ مدوّناتٍ موسيقية من القرنين السادس عشــر والسابع عشر ، بينها مدوّنــةٌ من ليوناردو دافنشي ! بدا الأمر معجزةً … وفي ليل مراكش النديّ ، المفعم بضوع الورد ، كانت نغمات ليوناردو دافنشي تَصّــاعَدُ تحت أنامل أندريا وهي تعزف على بيانو دُنيز ماســون . * ليل مراكش يبدأ بأغنية الطير والشجر وينتهي بأغنية الطير … لندن 14/4/2006
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا لَهذا العُمْرِ الذي طالَ !
-
لا تيأسوا … وأنتم الأدنَون !
-
المتاهة
-
قولي لهم إنهم أحَطُّ من الكلاب !
-
إعدامُ السجناء السياسيين
-
مؤبَّدُ خيانةٍ
-
العودةُ
-
سامرّاء
-
عِنادُ الأوغادِ
-
القرصان والسلطان
-
الحرب القادمة : إيران
-
دكتاتورية الاحتلال محلِّياً
-
إلحاقُ خوزستان
-
قصيدة حُبّ
-
التحالفات الثلاثة
-
القصيدة المُخالِفة
-
اقتسامُ الفطيسة
-
شاعرُ مدينة سان فرانسسكو اليومَ : شيوعيّ !
-
العواصمُ تتداعَى
-
في عيد الميلاد
المزيد.....
-
أبرزهم أصالة وأنغام والمهندس.. فنانون يستعدون لطرح ألبومات ج
...
-
-أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
-
“برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب
...
-
“الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة
...
-
اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
-
عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم
...
-
فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد
...
-
نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
-
الحرب والغرب، والثقافة
-
-الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي
...
المزيد.....
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
المزيد.....
|