أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - القسوة في ديوان -أجنحة في للريح- خليل قطناني















المزيد.....

القسوة في ديوان -أجنحة في للريح- خليل قطناني


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6098 - 2018 / 12 / 29 - 03:44
المحور: الادب والفن
    


القسوة في ديوان
"أجنحة في للريح"
خليل قطناني
هناك سمة شبهة عامة في الشعر الفلسطيني وهي استخدام الفاظ سوداء وقاسية، ولم تقتصر هذا الألفاظ على مواضيع الألم أو الحزن فحسب، بل طلت أيضا مواضيع الفرح والحب، وهذا الأمر بحاجة إلى وقفة طويلة لبحث الاسباب والدوافع وراء هذا الاسهاب في استخدام الفاظ في غير موطنها، لأن هذا الأمر يشكل حالة عدم انسجام بين المضمون واللفظ، ولا يخدم علاقة الشاعر بنصه الشعري، بمعنى أنه يكتب القصيدة وهو متأثر بماضيه، بواقع غير القصيدة، بحيث تبدو لنا مشوهه، غير نقية، وهذا يحسب عليها وليس لها، فنحن ـ المتلقين/القراء ـ بحاجة إلى ما يخرجنا من الواقع، لا ما يزيدنا ألما.
في هذا ديوان " أجنحة في الريح" سنجد عالم غارق في السواد، وبالكاد نجد مقاطع بيضاء تخرجنا من حالة القسوة والألم، سنأخذ بعض القصائد نستشهد بها على ما طرح، جاء في قصيدة "على هذه الأرض ...":
"ركام على خيمة في اللغة
ووجه يقبح مرآة أيامنا في الغروب
وحبر يعكر أفق النهايات، رعش السنونو من الابتعاد
فصول الغربة للمذبحة
وذئبة سلم تطل الخداع إلى حافة النحل
إني أرى سمنة في الطبول
وصوت بلاد تقول:
حنيني على سقف حبي غواية
بلاد تبول
وتاج بسو عبد لوقت الرحيل
ومنهج فوضى الفضول
وما من خيول تحجل أعرافها البندقية
على هذه الأرض ما يستحق الجهاد
فتاة أتت في سديم الدروب
تسائل عشق النهايات عن رحمة في حديد الحضارة
وسيرة أيامنا المنتقاة من اللذة العابرة
ومسرح غرناطة في الغياب
ويوم اجتياح المدينة
قليت: سأفرح حين يؤدي طقوس العبادة
شهد الكلام
على هذه الأرض (...) السلام" ص49و50،
شاعرنا "خليل قطناني" يجعل عنوان قصيدته عين عنوان قصيدة "درويش" "على هذا الأرض" وكأنه أراد أن يوضح حقيقة ما يراه على هذه الأرض، فليس فيها (حياة) بل شقاء، وهذا ما وجدناه في الفاتحة التي جاء فيها:
"ركام على خيمة في اللغة
ووجه يقبح مرآة أيامنا في الغروب
وحبر يعكر أفق النهايات، رعش السنونو من الابتعاد
فصول الغربة للمذبحة" المضمون بمجمله جاء أسود، وهذا ما نجده في الالفاظ أيضا، "ركام، خيمة، يقبح، الغروب، يعكر، رعش، الابتعاد، الغربة، النهايات، رعش، الابتعاد، الغربة، المذبحة" فالسواد والقسوة هما الطاغيان في فاتحة القصيدة، وإذا ما تتبعنا بقية الالفاظ سنجدها تكمل ما جاء من قتامة في فاتحتها، "ذئبة، الخداع، حافة، تبول، عبد، الرحيل، فوضى، البندقية، الجهاد، النهايات، حديد، الغياب، اجتياح" مثل هذه الالفاظ بالتأكيد تنسجم تماما مع مضمون القصيدة والفكرة التي تحملها، فكان السواد شبة مطلق، لولا وجود بعض الالفاظ البيضاء المتناثرة هنا وهناك.
يمكن أيجاد حالة من التوافق والانسجام بين حديث الشاعر عندما تحدث الأرض/فلسطين وما فيها من ألم، وبين الألفاظ القاسية التي جاءت في القصيدة، فهذه حالة الفلسطيني الذي يعاني من احتلال استيطاني، يسعى لسرقة الأرض وتهجير/قتل السكان، لكن ما بالنا عندما نجد حديث عن فرح واقع ابيض ويستخدم الفاظا قاسية!!، نجد هذا الأمر في قصيدة "عرق السرور" والتي يهديها الشاعر "إلى ولدي الأول عبد الرحمن":
"هموم الفؤاد تنوء .. وترمي علي فحيح الضجر
وبعض شجوني غنائم حرب
تتقسم عند احتضار المفر
وأصداف بؤسي
وضيق العوالم
يردد صوتي فوق الشطوط على المنحدر
وددت ـ بقصد ـ لو أني أحرق وجه البشر، وأنشر وهج الخراب
وأبلغ ضوء القمر
والليل أترك مملكة من دمار
وأشعل فيها شهيق سقر" ص81، لو قارنا الألفاظ البيضاء بتلك السوداء لوجدنا أن الغلبة للثانية، وإذا ما توقفنا عند ما جاء في القصيدة سنجدها غارقة في السواد، ليس على مستوى الألفاظ فحسب، بل نجده أيضا في المضمون الأسود والقاسي، ففاتحة القصيدة: "هموم الفؤاد تنوء .. وترمي علي فحيح الضجر" لوحدها كافية لتجعلنا نتساءل ـ مستغربين ـ عن علاقة المضمون والألفاظ من جهة مع الإهداء الذي جاء فيه "إلى ولدي الأول عبد الرحمن" وإذا ما وضعنا العنوان "عرق السرور" أمامنا نستغرب أكثر ونقع في حيرة، فليس هناك أي توافق بين المضمون والألفاظ من جهة وبين العنوان والإهداء من جهة أخرى، فكيف حدث هذا؟، وما الصلة بينهما؟، وهل هناك تفسير/تعليل هذا الامر؟.

"نظرت إليه
وفوق عيون حبيبي شفيف رقيق
وبعض بريق
يبدد في شواظ الحريق" ص81و82، القتامة السابقة بدأ تواجه بحالة من البياض بعد فعل "نظرت" وكأن الشاعر أكتشف عالما آخر، عالم بهي، غير الذي كان فيه، لهذا نجده يستخدم: "عيوني، حبيبي، شفيف، رقيق، بريق" واعتقد أننا بدأ نجد رابط بين العنوان ومتن القصيدة، وحتى بين فاتحتها ومتنها، فالفاتحة السوداء تعبر عن حالة الشاعر قبل قدوم "عبد الرحمن" للحياة، لكن ما أن ظهر حتى تغيرت نظرت الشاعر إلى الأشياء والحياة، وهذا ما انعكس على المضمون والألفاظ، وهذا ما جعل قدوم "عبد الرحمن" أكثر حضورا وأثرا ليس على الشاعر فحسب، بل على المتلقي، فهذه النقلة النوعية في الألفاظ والمضمون، ما كان لها أن تكون لولا قدوم "عبد الرحمن".
لكن أذا ما توقفنا عند المقطع السابق سنجده ما زال فيه بعض الشوائب، كما هو الحال في الفاظ: "يبدد، شواظ، الحريق" فرغم أنها جاءت لتعطي مضمون أبيض، إلا أنها تبقى ألفاظ سوداء، وهذه العوالق السوداء نجدها أيضا فيما تبعها من أبيات:
"يولد في اكتمال النظر
خنوت ... أقبله لحظة
وإذ بالجنان تفتح شرفاتها للغريق
وطير السرور يراقص مهجة قلبي الكسير
ويحملني نحو عرش القدر" ص82، إذن الشاعر لم يتخلص كليا من واقعه الأسود، فما زال وقع ماضيه/حالته مؤثرا عليه، وهذا ما وجدناه في الألفاظ: "للغريق، الكسير" واعتقد أن هذا التحول التدريجي نحو البياض يحسب للشاعر، فهو كشاعر عليه أن يكون منسجما بين حالته كشاعر، وبين ما يقدمه من شعر، بمعنى أن تكون القصيدة خارجه من داخل الشاعر، لا من فمه، وبعد هذا المقطع تأخذ القصيدة في العبور (السالم والنقي) من أية شوائب أو منغصات أو تشويهات، فتبدو لنا ناصعة البياض، بحيث نجد المضمون الأبيض والألفاظ الناصعة:
"هناك...
ومن ورق أخضر ناعم
وقنديل عشقي
رأيت الملائكة الساجدين
سمعت الأرائك تهتز في
وتؤنسني برقيق الوتر
رأيت بعينيه كل العوالم
ترتل بشر
وعطر ابتهال يصلي
ووجه الزمان اكتسى بالدرر
وبين ذراعي قامت ترف فراشة
ومروحة من زنابق روحي" ص82و83، اعتقد أن هذا التوافق والانسجام بين المضمون والألفاظ يؤكد على النقلة النوعية التي أحدثها "عبد الرحمن" في الشاعر، فهو تحرر تماما من فاتحة القصيدة، وجعلنا نعيش معه حالة الفرح الأبيض، فلنا مثله سعداء بهذا القادم الجديد.
لكن الشاعر يدخلنا من جديد إلى شيء من الغباش في بقية القصيدة:
"وصوت رهيف يناغي همومي
وقفزة رمش ستصلني لأعالي الجنان
سأشفق في لذة لانكساري
ودفلى الأمل
تحركني لمساء جديد
فأغفو على حلم أبيض ساذج
كلمسة عيسى لأعمى النظر" يبدأ الغباش من "صوت" وهو بالتأكيد بكاء المولود، وهذا ما جعل الشاعر يستعيد واقعه القاسي، فنجده استخدم "همومي، قفزة، لانكساري، ساذج، لأعمى" وإذا ما توقفنا عند كلمة "صوت وقفزة" سنجد علاقة وطيدة بينهما، فهو بعد أن سمع "صوت/بكاء" المولود، قفز إلى حالته الأولى، إلى واقعه وما فيه من ألم، وهذا ما يجعلنا نقول أن الشاعر لا يكتب القصيدة، بل القصيدة هي من تكتبه، فبعد أن "قفزة" نجده يتقهقر إلى "لانكساري، ساذج، لأعمى".
ولا بد لنا أن نتوقف عن فعل "نظرت إليه" والذي كان بداية التحول الفعلي في القصيدة وبين الخاتمة: "كلمسة عيسى لأعمى النظر" فيبدو لنا وكأن الشاعر في ـ العقل الباطن ـ خزن أثر فعل "النظر" التي جعله يتحول من السواد والقتامة إلى البياض والفرح، بحيث أراده أن يكون حاضرا من جديد، ليتخلص تماما مما يختزنه من الألم وسواد، من هنا نجد يستحضر لمسة عيسى للأعمى لكي يتخلص تماما من العمى/السواد، وهو لا يريد أن يكون هذا التخلص كما حصل عندما نظر إلى "عبد الرحمن" ـ حيث أن ماضه/وقع الحال ما زال موجودا وفاعلا ـ بل يريده أن يحرره تماما من السواد، كما حرر "عيسى" عليه السلام الأعمى، بحيث أصبح كامل الحواس.
ولا بد أن نتوقف عند هذه القصيدة لنوكد أن حالة السواد هي الحالة المسيطرة على الشاعر، فهو يتجند/ينسى أي ذكر للأم، حتى أنه يبدو لنا وكأن "عبد الرحمن" جاء من السماء وليس من الأرض، وهذا (النسيان/التجنب) الذي لا يتحدث/يتناول الأم يعطي القصيدة منحى الرؤية الذكورية، بحيث لا مكان للمرأة، فهي غير موجودة، لهذا تم التعامل معها وكأنها غير حاضرة في فعل الولادة، لهذا ليس لها أي دور أو ذكر.

الديوان من منشورات الرعاة للدراسات والنشر، رام الله فلسطين، الطبعة الأولى 2011



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تياترو 1949- رواية فواز حداد -حسني الزعيم- و -أنطون سعادة- ع ...
- السواد في قصيدة -قلبي والشتاء- أسامة مصاروة
- قراءات في متنوع السرد-
- مناقشة -ملامح من السرد المعاصر- في دار الفاروق
- السواد والاضطراب في -العدم- السيد عبد الغني
- الأسئلة في رواية -أهل الجبل- إبراهيم جوهر
- جواد العقاد البياض السواد في قصيدة -صوتك-
- ندوة بابيه في نابلس
- شعرية المكان في ديوان محمود درويش -خليل قطناني-
- الحركة في قصة -يوم طويل- باسمة العنزي
- الوشاح الأسود -محمد هاني أبو زياد-
- تمزيق شكل الراوية في -يوميات صعلوك- حسين علي يونس
- التقديم الجميل عند مبين كيوان
- الهدوء عن فاتن بابللي
- السهولة والسخرية في قصيدة -شكوى إلى الوزارة- خالد نزال
- باسم الهيجاوي -أما قبل ..-
- الحرب في كتاب -وجوه الظلال- جورجين أيوب
- مناقشة رواية الباطن للروائي الفلسطيني صافي صافي
- خليل قطناني الأسئلة في قصيدة -رسالة إلى ابن حمديس-
- قصة الومضة والتكثيف -قصة طويلة- جروان لمعاني


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - القسوة في ديوان -أجنحة في للريح- خليل قطناني