أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الحركة في قصة -يوم طويل- باسمة العنزي















المزيد.....

الحركة في قصة -يوم طويل- باسمة العنزي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6086 - 2018 / 12 / 17 - 14:04
المحور: الادب والفن
    


الحركة في قصة
"يوم طويل"
باسمة العنزي
النص الجيد هو الذي يمتعنا، والنص المتألق هو الذي يستوقفنا، في هذه القصة سنجد تراجع في الحركة، فهي تبدأ بوتيرة عالية، لكنها تخبو شيئا فشيئا حتى تصل إلى حالة السكون، لكن هذا السكون مؤقت، فهو كالبذرة التي تحتاج للماء لتنهض/لتثور/تتمرد على واقعها ـ وهذا ما كان فعلا في القصة من خلال الاغتسال ـ وهذا ما يستوقفنا في قصة "يوم طويل".
قبل البدء بالحركة هناك ظروف محيطة تجعل القاصة تتحرك وبسرعة فما هي هذه الظروف الدافعة للتحرك السريع؟، الجو الساخن/الحار الذي يجعل النفس في حالة ضيق وتوتر:
" كنت حفيدة أخرى للشمس التي لا تعرف الرحمة" فهنا تعطينا القاصة فكرة عن المحيط الطبيعي غير المناسب، والذي يشكل حالة ضغط عليها.
وهذا الحر الساخر نجده مؤثرا سلبيا عليها حتى بعد أن تخبو حركتها: "تحتك ركبتاي بذرات الأسفلت الخشنة، تكويني هذه الظهيرة بأشعة الشمس العمودية على ظهري والظمأ" إذن الشمس وحرها يشكلان حالة ضغط على القاصة أثناء وبعد الحركة/الركض.
الدافع الآخر للحركة هو الحرب الأهلية، والتي تتحدث عنها أخت القاصة بطريقة غير مباشرة: "من الأفضل أن تنسي الموضوع بأكمله فاختلافكما أعمق اختلاف تاريخي من أجله قامت حروب، ولا يمكن فعل شيء تجاهه، والمشكلة تتجاوز موافقة والديك، إنه مجتمع صغير ولن يختلط فيه الزيت بالماء مهما فعلت" الجميل في هذا القول أنه يشير إلى حالة حرب/حالة نزاع ابدي، لكن قدم بصوت آخر، صوت أخت القاصة، وهو لم يأتي بصورة مباشرة، بل بطريقة الاشارة العابرة، وما على المتلقي إلا أن يتوقف عنده.
ومن المؤشرات على حالة الحرب الأهلية هذا المشهد: "على حائط المدرسة في الجهة المقابلة شعارات وعبارات حديثة غاضبة لم تكن موجودة قبل شهر" فهنا الحديث يدور عن شعرات مناهضة للآخر، وهي بالتأكيد تؤكد حالة النزاع/الحرب الأهلية.
ومن أثر الحرب الأهلية هذا المشهد: "الغبار استوطن المنزل، مقابض الأبواب، الأدراج، طاولة الطعام، خزائن المطبخ" فمثل هذا التفاصيل بالتأكيد تعطينا حالة الهجرة للبيوت وللمكان، لهذا نجده مكان خال إلا من الغبار والسكون.
إذا كان هذا حال المكان، فكيف هو حال الإنسان أثناء الحرب؟:
"ـ ألو ... الرقم الذي طلبته خاطئ
قالت لي السيدة الأولى ... صوتها كان حزين
ـ كلا يا عزيزتي ولا وقت لدي لتبادل أحاديث هاتفية
قال لي الثاني، كان خائفا" إذن حصار القاصة كان مزدوج، من المكان ومن الإنسان، لهذا كان عليها أن تتحرك وبسرعة، لكن حركتها السريعة لم تدوم طويلا، لهذا وجدت نفسها في دائرة مغلقة، بعد أن أصابها التعب وفعل الحر والشمس فيها ما فعل.
وهذا الاغتراب المزدوج "المكان والإنسان" وصفته لنا القاصة عندما قالت: "أفتح باب المنزل أتوجه نحو منزل الجيران، أطرق بابهم، لا أحد؟
المنزل الثاني أطرق الباب بقوة لا أحد!
المنزل الثالث أطرق الباب بعنف، لا أحد!!
المدينة خالية، سيارات واقفة بلا ركاب" وهنا نجد الحركة متصاعدة على النقيض مما سنتناوله لاحقا، لكن فكرة طرق الأبواب تؤكد على حالة الغربة في المكان وخوائه من الإنسان.
هناك مؤشرات أخرى على حالة السواد والألم التي تثقل كاهل القصة، فالحشرات والحيوانات غالبا ما تأتي لتشير إلى حالة السواد والغضب عن السارد، وفي هذه القصة نجد هذه الحشرات في أكثر من موضع: و"وحدها الصراصير تتحرك في جميع الاتجاهات" "وبيوت العناكب انتشرت في الزوايا" "وحتى النمل الذي كنا نشتكي من مشاركته لنا غرفتنا اختفى" كل هذا يؤكد على أن حالة السواد هي الحاضرة في أحداث القصة، لهذا وجدنا أكثر من حشرة وفي موضع سليبي تناولتها القاصة.

الحركة تقسم إلى مرحلتين، المرحلة الأولى التي تمثل ردة فعل/انعكاس للواقع الحار والحارق، فكان بهذه الوصف: "... كما انسلخت ركبتي واكتسحني الظمأ، طويل الليلة الماضية وأنا أركض بكل طاقتي، ثم تحول الركض إلى مشي حذر ثم زحف هلع" حالة الركض تشير إلى وقوع شيء كبير وعظيم، لها ركضت القاصة كل "الليلة الماضية" ولم تتوقف حركتها/الهارب من المكان بل استمرت في المشي ـ هو أقل سرعة من الركض ـ وبعد أن تعب، اخذت في الزحف، إلى أن أصابها الإرهاق بحيث لم تقدر أو تستطيع التقدم بالمطلق.
وهي لا تكتفي بهذا الحديث عن حركتها/هروبها، بل تفصله لنا فتقول عنه: " استنزف هروبي طاقتي، تكومت على حافة الرصيف أراقب الرصيف المواجه"
وتصف حالتها بعد أن أصابها الإرهاق فنقول: "تحتك ركبتاي بذرات الأسفلت الخشنة، تكويني هذه الظهيرة بأشعة الشمس العمودية على ظهري والظمأ" في الحالة الثانية نجد صورة الضحية، التي لا تقوى على الحركة أو التحرر من واقعها، فتبدو وكأنها اسيرة مكبلة بالقيود، فيكف ستكون حركتها بعد أن وصلت إلى حالة الإرهاق واليأس، حالة الحصار؟:
قبل تناول الحركة الثانية نشير إلى فعل سبق الحركة الثانية والتي تتمثل بالاغتسال، الاغتسال، دائما يعطنا فكرة التحول من حالة إلى حالة جديدة، متقدمة عن الحالة الأولى، فالاغتسال هو الذي حول الوحش "أنكيدو" إلى إنسان، وهو عنصر أساسي في الدخول إلى الديانة المسيحة، وهو شرط من شورط الطهارة في الإسلام، القاصة تقدم لنا الاغتسال بهذا الشكل:
"أقف تحت قطرات الماء تطير جسدي من الجراثيم العالقة به، الماء ينحدر أسود لونه، الماء الساخن يمر على جوارحي فيوقظها، يمر على رأسي جارفا معه التراب والشعر المتساقطـ، يمر على وجهي يذكرني بالعطش الذي لامزني هناك" الماء هنا يمثل حالة خلق جديدة للقاصة، فهو يطهرها، ويزيل التراب والشعر المتساقط عنها، لكن في ذات الوقت يعيدها إلى حالتها الأولى، حالة اليأس والإرهاق والألم، فنجد حرارة الماء الساخن تذكرها بالألم وحالة العطش، فالاغتسال هنا يأخذ بعدين، بعد الخلق الجديد، وبعد إحياء واستيقاظ الألم القديم، وهذا الأمر ـ تقديم الاغتسال بهاتين الحالتين ـ لم يسبق لي أن قرأت نصا أدبيا يتحدث بهاتين الحالتين، الخلق الجديد، وبعث الألم القديم.

"عدت إلى النزل أخرجت علبة السم الأبيض حوطت المخارج والمنافذ بكميات كبيرة منه، حكمت إغلاق البواليع، كنست أجنحة الصراصير قرب المدخل. أترقب عودتهم جميعا .. كما لو أنني أنتظر المطر" وفحالة الحصار أدت إلى خلق الثورة، فرغم السكون والإرهاق الذي وجدناه في بداية الأحداث، إلا أنه تحول إلى ثورة/تمرد، وهنا ذروة الحركة والسرعة.
القصة موجودة من الصفحة 43 – 48، لكن لا يوجد أسم الكتاب أو المجموعة التي اقتطعت منه.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوشاح الأسود -محمد هاني أبو زياد-
- تمزيق شكل الراوية في -يوميات صعلوك- حسين علي يونس
- التقديم الجميل عند مبين كيوان
- الهدوء عن فاتن بابللي
- السهولة والسخرية في قصيدة -شكوى إلى الوزارة- خالد نزال
- باسم الهيجاوي -أما قبل ..-
- الحرب في كتاب -وجوه الظلال- جورجين أيوب
- مناقشة رواية الباطن للروائي الفلسطيني صافي صافي
- خليل قطناني الأسئلة في قصيدة -رسالة إلى ابن حمديس-
- قصة الومضة والتكثيف -قصة طويلة- جروان لمعاني
- رحلة في الذاكرة -نايف حواتمة-
- الباطن صافي صافي
- النظام التقليدي والكتب
- الفساد في القانون أم فيمن وضع القانون
- سورية الجديدة
- واقع روسيا القيصرية في رواية -الآباء والبنون- ايفان تورغينيف
- خلاصة تجربة إبراهيم مالك
- اللفظ والمضمون في قصيدة -من أنا- سلطان الخضور
- الأهل والأصدقاء
- مناقشة ديوان -أمشي إليها- للشاعر سامح أبو هنود


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الحركة في قصة -يوم طويل- باسمة العنزي