أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن العاصي - ما زلت في جنون العرائش صغيراً














المزيد.....

ما زلت في جنون العرائش صغيراً


حسن العاصي
باحث وكاتب

(Hassan Assi)


الحوار المتمدن-العدد: 5792 - 2018 / 2 / 19 - 11:03
المحور: الادب والفن
    


تحت ثوبها
تخفي أمّي كيساً صغيراً من القماش
يتدلّى من عنقها
تحبس داخله أزهاراً جافة وأدعية
فيه يختلط الغار بالتسابيح والأذكار
طُهر الماء وعبق المسك تدلان عليها
يزهر الثوب في النهار صلاة للمواسم
عشق بلا مدى
ويصبح معجماً للأولياء ليلاً
تفوح منه شفاعة مستترة
وينبت على أطرافه ورد الأنبياء
هذا أعمق سرّ لا يعرفه أحد
تقول: في الكيس مئذنة ومزمار حزين
وفي قلبي أبواب المطر تحرسها الطيور
فوق أكتافها ننمو وتمتد أطرافنا
مثل الغراس بأصائص الصباح أو أبعد
وحده الريحان يتنزّه بالطفولة
تفرش أمي أضلاع صدرها مرجاً كيْ نلهو
نقفز صغاراً فوق أديم الضوء المتوثّب
نصرخ فتهرع ومعها يجري بيت الله
كُنّا كما أذكر أسفاري في بيت بلا جدران
تعلو فيه أشجار الرمّان فوق بساط العنبر
والعرائش تحرس حلقات النور
حين تُراقص النسمات عنق النرجس
أتذكر كثيراً فراشات الخمائل تحاصر النهر
كأنّ البستان الصاخب أثمله لون الماء
وكثيراً كثيراً ما كان قلبي يغفو فوق نجمة المطر
حين يبدأ موسم الحكايات زخّات قناديل
تجلس أمي مثل قدّيس قرب دائرة الضنك
تكابد رماح الوهن
أحياناً معنا تتقاسم الضحك كأنّما
يفرّ إيقاع العقارب الرملية
في غفلة من وتر الوقت
في كل ليلة
تعدّ لنا ما استطاعت من أحلام
تمسح أجفاننا بكيسها القماشي وتقول
ناموا آمنين
يمدّ مزمارها فِراشه على أرق التراب
وتأنس الأجساد الطرية تعبها
نغفوا مثل الحملان فوق عشب أدعيتها
وينمو من حطب أحزانها في قلوبنا
ورداً قزحياً يخفق فرحاً
نحلّق مثل عصافير الله لنرحل
صوب أهداب الفجر
حينها كنتُ أصافح خدّ الشمس جداً
وجداً جداً كنتُ أحبّ مشاكسة شعاع الماء
أخفي رأسه في سلّة النهر
وأطلقه حين يحتدم الفَراش
أمي التي تخفي تحت ثوبها كيساً قماشياً
ننام وترفع كفيها للسماء تقول:
يا رب الرّيح التائهة والخيول الساجدة
إن لي طيوراً لا ريش لها
وأرقي بازغٌ من سديم الأفق
هُم بعض بحري وبكائي
إنني أودعتهم رياضك
فلا تمتحنهم على ما لا يطيرون
هبهم يا ربي أجنحة الإيمان
في سهوة القماش اشتد ريش الطيور
أمي ما زالت تخفي كيسها تحت ثوبها
وفيه الأدعية والأعشاب
ما زالتْ كل ليلة تجثو قرب الأعشاش الفارغة
تبكي كيسها وتلقي دمعها جهات تغسل الذنوب
وأنا ضالع في المقام الماطر لا كف لي
كنت في سيل الشجر قد
أطعمت أصابعي للطيور الكسيحة
صار بيني وبين السرب لازمة
يغصّ بي من شعاعين مزمار ومئذنة
وكلّما عبرت درب الغابة غريباً
تصبح بيوت القشّ أكياساً
والأوراق الذابلة أذكاراً
رغم أنني أنام كل ليلة في الجامع القريب
تراني أبحث في عمق المروج عن سرير قماشي
ووسادة من العشب
ما زلت في جنون العرائش صغيراً
ولا زال ينبت ريش قلبي كلّما هطل المطر
أو جاعت العصافير



#حسن_العاصي (هاشتاغ)       Hassan_Assi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلام عليك يا قدس/ Peace be upon you, Jerusalem
- لشوكها المتهدّل شُرفة
- وتكابدكَ سُرّة الغيم
- الاستقصاء الصحفي فن تحريري شاق وخطر
- مكتظ بالطحالب الضريرة
- ذرفت نهري وطيوري
- حتى يُشرق البحر
- سلام عليك يا قدس
- كثيرة هي حماقاتي
- أنتظر قلبي أن يكبر
- أحدثك عن وجع الحقيبة
- قلبي يعاني الأرق
- يعود الشجر إلى البحر
- بلا أجنحة يقع قلبي
- وجهي نافذة هرمة
- حركة التحرر العربية .. أسئلة التراجع والنهوض
- يؤلمني ما زال خدّي
- أوصدت الغابة شجرها
- الوعد الشرير .. صهيونية خبيثة ودهاء بريطاني
- بلفور الوعد الخبيث ..قراءة في الانحدار الأخلاقي الغربي


المزيد.....




- جنوب السودان وطقوس الاستسقاء.. عندما يكون الجفاف موازيا للإع ...
- توفيق عبد المجيد سيرة مناضل لم يساوم!
- السينما في مواجهة الخوارزميات.. المخرجون يتمردون على قوانين ...
- موسكو تستعد لاستضافة أول حفل لتوزيع جوائز -الفراشة الماسية- ...
- مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من ...
- تنزانيا.. تضارب الروايات حول مصير السفير بوليبولي بعد اختطاف ...
- باقة متنوعة من الأفلام الطويلة والقصص الملهمة في مهرجان الدو ...
- حريق دمر ديرا تاريخيا في إيطاليا وإجلاء 22 راهبة
- الإعلان عن 11 فيلما عربيا قصيرا تتنافس في مهرجان البحر الأحم ...
- هنا يمكن للمهاجرين العاملين في الرعاية الصحية تعلم اللغة الس ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن العاصي - ما زلت في جنون العرائش صغيراً