أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن العاصي - حركة التحرر العربية .. أسئلة التراجع والنهوض















المزيد.....

حركة التحرر العربية .. أسئلة التراجع والنهوض


حسن العاصي
باحث وكاتب

(Hassan Assi)


الحوار المتمدن-العدد: 5690 - 2017 / 11 / 6 - 14:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن تفقدت بموضوعية وأمانة فكرية دور ومكانة قوى حركة التحرر الوطني العربية خلال ما يقارب العقود الأربعة الماضية، تكشف عن إفلاس فكري وسياسي وثقافي، وعجز حتى الشلل. ولن تجد من تلك القوى منفردة ومجتمعة سوى شعارات غوغائية باهتة، لم تعد تنطلي على أي مواطن بسيط من الشارع العربي.
سوف تجد قوى وأحزاب باتت فاقدة الأهلية الوطنية في الدفاع عن مصالح الشعوب العربية، لانها أصبحت أسيرة سياسات الانظمة العربية البوليسية والثيوقراطية، ليس هذا فحسب، بل انها أصبحت جزءا من عملية التشرذم والانقسام الديني والطائفي والمذهبي في المنطقة.
وحتى مؤتمراتها بمستوياتها المحلية والعربية، لم تعد تحمل أية دلالة بالنهوض، وانما تحمل معنى واحد يتمثل في المزيد من تصلب الشرايين الذي سوف يؤدي إلى الموت الإكلينيكي والتحنط، لانها تلوك ذات البرامج الفاشلة، وتنتج ذات القيادات، وتكرر نفس الخطاب بلغته الحطبية، تراها وهي تحاول تعيد إنتاج نفسها، أشبه بالعجوز المتصابية التي لا ينفع مع فسادها عطّار.
هذا لا يعني بالضرورة أن موت حركة التحرر العربية قدراً محتوماً، وأنه آن الأوان لإعلان وفاتها وتشييعها، ولكن كيف نستطيع إيجاد الرافعة السياسية والاقتصادية والثقافية، وبلورة مرجعية فكرية وتحويلها إلى مرجعية شعبية، تستطيع تحشيد وتوحيد جهود كافة شرائح المجتمعات العربية، ووضعها أمام التحديات الكبيرة التي تواجه العرب في الألفية الثالثة.
أن الإشكالية الأساسية في واقعنا العربي الراهن تكمن في الفراغ، فراغ فكري ومعرفي وحضاري، إذ لا يوجد مشروع للأنظمة السياسية القائمة ولا للقوى الوطنية على حد سواء، ولا للمعارضات أيضاً التي يقتصر دورها في إعلان الرفض، ترفض ماهو قائم، وترفض اي قادم، وترفض المبادرات المختلفة.
يزداد الوضع سوءًا حين مقاربة المشكلة العربية بدخول البشرية مرحلة الثورة التكنولوجية، والموقف العربي لايزال يتراوح بين الخوف والتهميش وافتقاد الرؤية والبرنامج. كما يترافق عجزنا مع الشكل الجديد للعولمة التي من أبرز سماتها توحيد الاقتصاد والسياسة، أو ما يطلق عليه «إمبراطورية العولمة»، وهذا ما تحاول حضارات شرقية مثل الصين واليابان والهند وبعض الدول الأوروبية تطويرها وتغييرها إلى شعار «العولمة الإنسانية».
أضف إلى ذلك النظام الدولي الجديد قيد الإنشاء، إذ يطل على المنطقة العربية بصفتها «رجل العالم المريض»، الذي يهدد العالم بسبب الإرهاب والانفجارات الديمغرافية والفقر والاستبداد ويشكل خطرا على الأمن العالمي ولابد من إخضاعه وإدماجه عبر مبادرة «الشرق الأوسط الكبير»، ولن تتراجع القوى الغربية عن هذا الهدف حتى لو أخضع مشروع الادماج بالقوة عبر تحويل الحلف الأطلسي إلى شرطي العالم العربي.
لقد أثبتت كافة التطورات التي شهدتها المنطقة العربية خلال أكثر من ستين عاماً، أي خلال ما بعد نيل الدول العربية استقلالها السياسي عجز الدولة - الأمة (القطرية) ونظامها الإقليمي على مواجهة التحديات الجدية، فلا قدرة لهما على بناء الدولة «الأمة» القطرية المتطابقة مع الدولة القطرية، في زمن بدأ مفهوم الدولة - الأمة ينهار، كما يفتقدا القدرة على حماية شعوبهما من مخاطر التهميش الاقتصادي والتفكك السياسي والاستعباد الاستعماري، وافتقاد القدرة على بلورة عمل عربي مشترك ومستقل قادر على فرض الإرادة العربية.
وتطل إلى جانب ذلك أزمات المجتمع العربي القطري ومن أبرزها سلطة الاستبداد التي أدت إلى انقسام المجتمع على أسس مذهبية وطائفية وقبلية، علاوة على بروز الإسلام السياسي المنقسم ما بين شيعي وسني إضافة إلى التفتيت والتمذهبات الخطيرة غير القادرة على طرح مشروع نهضوي - وحدوي - وسياسي أضف إليها انعدام أي برنامج لتحرير الإنسان العربي وإطلاق حرياته وحقوقه وإمكاناته الإبداعية والاقتصادية، ناهيك عن الاعتراف بحقوق المرأة.
وبرز وجهان آخران للمشكلة لا يمكن القفز فوقهما، الأول غياب عنصري العقل والحرية في الاجتماع العربي والثقافة العربية والحاجة الماسة لتحرير العقل العربي عبر تضييق مساحة المقدسات والايديولوجيات المغلقة، وإطلاق عصر أنوار عربي جديد، والثانية، حال الاحباط والاكتئاب الجماعيين وخصوصا عند الشباب، ما يستوجب إحياء الأمل بالغد وبعث التفاؤل بإمكان التغيير.
نحن أحوج ما نكون إلى طرح العديد من الأسئلة التي تفتح مغاليق الواقع من أجل التفكير بإمكان تحقيق الحلم الرومانسي الواقعي للشعوب العربية في، وهي ما إذا كانت الدولة القطرية الحالية قادرة على التنمية بشكل مستقل؟ وهل هي قادرة على الدفاع عن الاجتياح وحماية الشعب؟ أو قادرة على انقاذنا من الفقر والتخلف؟ أو ستساعدنا على إمكان ولوج عصر الحداثة وما بعدها؟
كل هذه الأسئلة لا شك تدعو للتفكير بصوت عال وتتطلب تغييرا جذريا في منهجية التفكير.
إذا كان هذا حال معظم الدول العربية من البؤس والشقاء والتبعية، فما البرنامج الذي يشكل استجابة للتحديات التي تواجه أمتنا العربية وشعوب المنطقة في الألفية الثالثة، لتحقيق تطلعاتها الحالمة باشراك الأمة في الثورة التكنولوجية، ومقاومة العولمة المتوحشة، والإنتقال إلى وضع تكون فيه الأمة مؤثرة على النظام الدولي خلال لحظات تشكله الحاسمة، والخارجة من ورطة الدول - الأمم وحروبها الأهلية، والقادرة على انقاذ المجتمعات العربية من الانقسامات ما بعد الحداثة المدمرة.
هل هناك وثفة سحرية للخروج من هذا المأزق؟ بالطبع لا، لكن البدء في إيجاد حلول يكمن في إعادة ترتيب الأولويات الفكرية وأساسها السياسي، حيث تجديد الفكرة العربية وتنقيتها من الشوائب التي لحقت بها جراء الفكر القومي، الذي أثبت أنه فاشي واستبدادي ودكتاتوري وحالم وخيالي وأسطوري، وتقدير قوة الهوية العربية وتجذر وحدة المشاعر العربية، فالثورة الفكرية تتطلب ثورة في النظرية على الصعيد السياسي من دون الاضطرار إلى الاعتماد على الأسطورة أو المدمرة، وذلك اعتمادا على المجتمعات المدنية العربية إذ تكتشف الطريق إلى مواجهة الفقر والتهميش عبر الاستخدام الأمثل للطاقات والثروات العربية ووضعها في خدمة خطط التنمية والتطويرات العلمية والتكنولوجية.
وكذلك العمل على تخطي مخاطر الحروب الأهلية ومآزق الدول القطرية العربية والانتقال إلى حال الفعل السياسي والابداع الثقافي والمساهمة الفكرية والعلمية في إنتاج النظام العالمي الجديد، وانقاذ الشعوب العربية الصغيرة منها والثروات العربية كذلك من عمليات الالحاق والهيمنة وتحويل فكرة العروبة الديمقراطية إلى نظام سياسي ديمقراطي عربي يحقق العدالة والمساواة للجميع، وإعادة صياغة قضية فلسطين بصورة جديدة وبلورة حل عربي عادل للشعب الفلسطيني خارج إطار المشروع الاستسلامي، وإعادة الاعتبار لمفاهيم الكرامة العربية والسيادة والاستقلال العربي بعيدا عن الفكر «الواقعي» الإنهزامي الداعي لقبول إملاءات القوة الامبراطورية الأميركية.
من غير تحليل علمي وموضوعي وصادق لاسباب الهزيمة ومسبباتها، وإن لم نعلم لماذا خسر القوميون والماركسيون معركة التنمية والتطور، ولماذا غابت وغيبت حركة التحرر العربي عن المشهد طوال نصف قرن، ولماذا لم تتمكن الدولة الوطنية من إنجاز مهامها في الاستقلال الاقتصادي وتحقيق التنمية لشعوبها، فإن من ذلك يعني الاستمرار في هذا الوضع الخطير المهدد للكيانات وللدول، ويؤدي إلى انفراط الوحدة القطرية وانتصار أصحاب الكيانات العصبوية، ومن شأن ذلك تحويل الدول العربية إلى كيانات طائفية ومذهبية متصارعة، وهذه الحالة السوداوية سيناريو يحمل قابلية التطبيق في عدد من الدول العربية.
سايكس بيكو جديد يتم تداول تفاصيله في الغرف السوداء، لرسم ملامح خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط لن يفلت من أذيتها أحد، ما لم تتصالح النظم السياسية مع شعوبها، و لم تشفى حركة التحرر العربية من حالة الموت السريري.



#حسن_العاصي (هاشتاغ)       Hassan_Assi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يؤلمني ما زال خدّي
- أوصدت الغابة شجرها
- الوعد الشرير .. صهيونية خبيثة ودهاء بريطاني
- بلفور الوعد الخبيث ..قراءة في الانحدار الأخلاقي الغربي
- يانع أيها التعب
- سجدت تشتهي الصعود
- في حواري الشام
- بنات المخيم
- لعثمة
- صخب الأبواب الضريرة
- وطن من حطب
- الليل يحتسي الوعود
- بعد منتصف النعاس
- نوافذ أرهقتها الستائر
- تقيس مسافة الشوق
- يهرب مجنوناً قلبي
- العرب يعانون استعصاء فكري مزمن
- هل تحولت القضية الفلسطينية إلى حائط مبكى؟ ..قراءة في فساد ال ...
- نتوغّل في الغناء
- صورة إفريقيا في الإعلام الغربي ... جوع وفساد وإيدز


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن العاصي - حركة التحرر العربية .. أسئلة التراجع والنهوض