أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف حمك - الاسلام و التمثيل بالأحياء و الأموات .














المزيد.....

الاسلام و التمثيل بالأحياء و الأموات .


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 5776 - 2018 / 2 / 3 - 19:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الكثير منا نحن البشر نسجن آلام ماضينا ، و نحبسه في دواخلنا ، فنعاقب أنفسنا بهمومه .
و آخرون تغلبوا على أوجاع الماضي ، و أحرقوها في صدورهم ، ليشعروا بسريان لذة الحياة في عروقهم .
إلا أن رياح مصالح الدول العظمى و الإقليمية جرت بما لا تشتهيها سفن حكام منطقتنا . فبات حاضرنا متوحشاً ، و شبح الموت وقف لنا جميعاً بالمرصاد ، و مزاجنا اكتظت بالحزن و القسوة من رؤية الجثث الممدودة ، و الأجساد المسحوقة المحروقة ، و الوجوه المصبوغة بالدم .
و ناهيك عن ركام حطام الأبنية و الدور المدمرة فوق رؤوس ساكنيها ، و الآهات اليائسة التي لا حيلة لها و لا منقذ .
و كل هذا في كفةٍ ، و سكب غليان الحقد الشوفيني و التعصب الأعمى على جثث الموتى ، و التمثيل بها تشفياً أو انتقاماً في كفةٍ أخرى . مما تلمس صميم الذات ، و تهزها فتزيدها تعثراً و اكتئاباً .

لا شك أن الإنسان هو من علية الكائنات ، و أرفع المخلوقات مقاماً ، و أعلاها درجاتٍ ، و أسماها خياراً و شأناً .
له منزلةٌ لا يبلغها بقية الكائنات ، و للبشر اعتبارٌ لا يناله أي مخلوقٍ سواهم .

كان الخلاف محتدماً بين التحريم المطلق للتمثيل أو جوازها بين السلف ، و لا زال بين العلماء المعاصرين و فتاويهم .
علماً أن المُثْلَةَ و التمثيل تناقض التكريم الإلهي لعموم البشر ، و ليس حكراً على المسلمين أو المؤمنين . حسب الآية – 70- من سورة الإسراء . : ( و لقد كرمنا بني آدم .... و فضلناهم على الكثير ممن خلقوا تفضيلاً ) .
و في الآية – 8 – من سورة المنافقين تأكيدٌ ربانيٌّ على أن الإنسان عزيزٌ بطبعه : ( و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين ) .
فعزة المؤمن طبقاً لهذا القول الإلهي من عزة الله ذاته و الرسول ، و نسخة طبق الأصل لها .

أما التمثيل بالموتى فانتهاكٌ صارخٌ لمبدأ العزة المشتركة بين العبد و ربه ، و المثلة بالجثث و الأحياء خرقٌ فاضحٌ لمبدأ الكرامة التي بدورها صفةٌ من صفات الله .
فالكريم و العزيز اسمان من أسماء الله ، إضافةً إلى أن التمثيل اعتداءٌ حاقدٌ ، و عنفٌ مفرطٌ ، و انحطاطٌ أخلاقيٌّ ، و سفالةٌ في السلوك ، و وضاعةٌ في الذوق .

إلا أن الآية – 45 – من سورة المائدة تدعو صراحةً إلى التمثيل قصاصاً . : ( كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ، و العين بالعين ، و الأنف بالأنف ، و الأذن بالأذن ، و السن بالسن ، و الجروح قصاص . فمن تصدق به فهو كفارةٌ له ، و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) .
و في السياق ذاته يقول ابن تيمية : ( لا يجوز التمثيل في القتل إلا على وجه القصاص ) .
و عن عمران بن حصين قال : ( ما خطبنا رسول الله خطبةً إلا أمرنا بالصدقة ، و نهانا عن المثلة حتى الكفار إذا قتلناهم ، فإنا لا نمثل بهم بعد القتل ، ولا نجدع انوفهم ، و لا نبقر بطونهم ، إلا أن يكونوا فعلوا بنا ، فنفعل بهم مثل ما فعلوا ) .
و طبقاً للآيتين – 126 – 127 – من سورة النحل فإن العقوبة تكون بالمثل و القصاص : ( فإن عاقبتم ، فعاقبوا بمثل ما عاقبتم به ، و لئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين ) .
مع خيار العفو و الصفح ، فترك العقوبة أفضل .

و في موضعٍ آخر مثل الرسول بفئةٍ قتلوا ، و سرقوا دون أن يمثلوا .
عن أنسٍ قال ) : قدم على النبي نفرٌ من عكلٍ فأسلموا ، أمرهم أن يأتوا إبل الصدقة ، فيشربوا من أبوالها و ألبانها ، ففعلوا فصحوا . فارتدوا و قتلوا رعاعها ، و استاقوا الإبل ، فبعث في آثارهم ، فأتي بهم ، فقطع أيديهم و أرجلهم ، و سحل أعينهم . ثم لم يحسمهم حتى ماتوا ) . البخاري في صحيحه ج6 ( 2495- ر : 6417) . و في صحيح مسلم ج11 ص 154- ر : 4329 .
و هنا التمثيل جرى على غير القصاص .
و في سورة المائدة و الآية – 33 – تأكيدٌ آخر على التمثيل دون القصاص . : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلافٍ ، أو ينفوا من الأرض . ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ، و لهم في الآخرة عذابٌ عظيم ) .

ما نبغيه هنا أن الإسلام بصريح العبارة يدعوا إلى التمثيل و المثلة و العقوبة بقصد القصاص ، أو من دونه . مع إطلاق العنان للأهواء و حسبها .
أي قرع طبول الكراهية و الحقد للتمثيل ، أو التسامح .
و أن العقوبة بالمثل ليست عدواناً ، بل هو قصاصٌ منصفٌ ، و عين العدل .
فما بالك بالأذرع الخفية التي ترعرعت تحت مظلة فتاوى شيوخ الظلام لقتل الكرامة .
و بين المأساة و التشرد فسحةٌ تستمر فيها الحروب فتخنق الحياة .



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشوفينيون لن يستطيعوا إطفاء شمعة الكرد ، و إن بغوا .
- كسر إرادة الكرد ، و تقويض عزيمتهم محالٌ .
- غصن الزيتون أطهر و أنقى من أن يلطخ بالدم ، و اللحم المطحون .
- الإحجام من الزواج خوفٌ من المسؤولية ، أم خجلٌ .
- إما أن تكون فاسداً ، و إما الإقالة من الوظيفة .
- رياح الساخطين الإيرانيين ، لا تشتهيها سفن أصحاب العمائم .
- عامٌ لم يتصرف على هوانا ، و مضى . و المقبل سيتصرف على هوى ال ...
- الحب ألذ جنونٍ ، و ألطف سلطانٍ
- هشاشة مجتمع المخيمات بؤرةٌ لانحراف المراهقين .
- نفحاتٌ من همس الصحافة ، و أتون السياسة .
- حقوق الإنسان كذبةٌ صبيانيةٌ .
- عن العنف المزدوج ضد المرأة .
- حروبٌ ترسم ملامح عهدٍ جديدٍ .
- إمبراطورية الغرائز ، و وأد الطفولة .
- الجلسات الحميمية تزيد الود ، و تعزز الوصال .
- الهجوم على سياسة السيد البرزاني حجةٌ واهيةٌ و نفاقٌ
- لوحةٌ سياسيةٌ ، ضبابيتها ستنقشع قريباً .
- العبادي و مطرقة الحشد الشيعي .
- ليلةٌ تنزف الرعب .
- لا ضمير للسياسة .


المزيد.....




- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف حمك - الاسلام و التمثيل بالأحياء و الأموات .