أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 2














المزيد.....

ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5764 - 2018 / 1 / 21 - 01:58
المحور: الادب والفن
    


قراءتي لسيرتيّ الشقيقين الدمشقيين، اللتين نشرتا في فترة متقاربة، أعادتني إذاً إلى أوراق سيرتي المراكشية. ومن نافل القول، أنني لم أمسّ أوراقي بأي مفردة جديدة على أثر قراءاتي تلك. فيما مضى، تسنّى لي إعلام " فرهاد " بعزمي على كتابة هذه السيرة. ذلك حصل قبل حوالي ربع قرن ( آه، كم أشعر باقتراب الشيخوخة! )، من خلال رسالة وصلت صديقي في مكان إقامته بالعاصمة الروسية. ولستُ على يقينٍ الآن، بعد مضي كل تلك الأعوام، مما لو كنتُ جادّة أو هازلة حينَ أخبرته بأمر السيرة المنشودة. في المقابل، فإنني متيقنة تماماً من كونها قد سُجلتْ مُبكرةً، أوائلُ خطوطي على أوراق السيرة. فلم أكتب شيئاً ذا بال، في واقع الأمر، مذ استقراري في مهجري الأمريكيّ بمستهل الألفية الجديدة.
" فرهاد "، بدَوره، كاتبني من موسكو. لا يمكنني إعادة كتابة ما جاء في جوابه رداً على رسالتي، بما أنّ أحدهم قد سبقَ وطلبَ مني أن يحتفظ به. أما لو كانت ذاكرتي على ما يرام، فالمفترض أنها ما تني محفورةً فيها بعضُ عبارات الجواب. وأتكلم طبعاً عما يخص قصة تدوين كتابي هذا، المراكشيّ. لقد بدا لي آنذاك، أنّ صديقي كان متحفّظاً نوعاً على فكرة الكتاب.. وإن أخذ الأمرَ بشكل جاد، وليسَ مثلما حاولت رسالتي الإيحاء به. مبعثُ ذلك التحفّظ، على ذمة ذاكرتي دائماً، فكّرتُ فبه على غير وجهه الحق. إذ أعتقدتُ أنه كان عائداً إلى خشية " فرهاد " على مشاعر إمرأة، كانت تقوم بواجب رعاية ابنته الصغيرة. مع أنني كان عليّ أن أفكّر أيضاً بآخرين، ومنهم سيّدة ذاتَ مقام عالٍ وسطوة مستطيرة. على أيّ حال، كان كلّ من الشقيقين الدمشقين قد كتبَ سيرته وهوَ ربما على يقين باستحالة إيجاد من يطبعه في كتاب وينشره على الملأ.
إنها إعتبارات متهافتة، دخلت آنذاك في وعيي بالنظر إلى كوني متأثرة بوضعي كمقيمة في بلد غريب. أنا من كنتُ، إلى ذلك، منتمية بالأصل لمجتمعٍ محافظ، يهيمن عليه محيطٌ من الأجلاف المتخلفين.. هؤلاء، الذين أضحى أولادهم، وعلى غفلة من التاريخ، حكّاماً لأعرق عاصمة في التاريخ. الآن وأنا أواصل كتابة هذا الفصل ( المُفترض أنه مدخلٌ لكتابي )، يعرضُ جهاز الرائي لعينيّ صوراً لما حلّ بوطني وناسي من مآسٍ على يد أولئك الأجلاف.

*
" أستشف من رسائلك بنيّتك كتابة مذكرات عن أيام مراكش. أي أنك ستكون ثالث من يفعل ذلك، بعد الراحلَيْن؛ شيرين وغوستاف. مذكرات هذا الأخير، وقعت نسخة منها في يدي بطريقة ملتوية. ومن غير المستبعد أن أرسلها لك فيما بعد، لو كنت راضية عنك. أنت ستنتظر ذلك بلهفة، هه؟ ولكنني قد أرسلها مرفقة بمذكراتي أنا، طالما أنّ " حمّى مراكش " في أوجها!
صدقني، أنني لن أفعل ذلك بغية تصحيح صورتي. فلا خشية لديّ من الكتابة عني، وسيّان عندي الكاتب وما إذا كان سيذكر الحقيقة أو يرقّعها. فالحقيقة حيادية، ولو أنها لا تظهر أحياناً بوضوح قمرٍ مائل على برج السور في ليلة خريفية. الكاتب الأصيل، لا خوف عليه من الزيف بما أنه يملك ضميراً حياً ينبض على وقع دقات قلبه. إلا أنّ الحقيقة، هيَ من يجوز أن تقدَّم أحياناً للكاتب على شكل أشياء مغشوشة. أي كفعل إبليس، حينَ يوسوس في صدور الناس بصفة إله. إنني من ناحيتك، واثقة تماماً من أصالتك فضلاً عن إجادتك العربية أيما إجادة سواءً بالأسلوب أو التوشية اللغوية. على أن من واجبي مرة أخرى، تنبيهك لضرورة الإبتعاد عن مصادر القال والقيل. هيَ ضرورية في بعض الحوارات، ولكن يمكن إسقاطها من تفاصيل السرد ".
هذا ما كتبته رداً على رسالة " فرهاد "، التي سبقَ أن وصلتني من مغتربه الجديد بعيدَ تركه مراكش. وعلى ما أعتقد، تبدو جليةً من السطور السالفة، لمزي من قناة سيرته المقترحة. كذلك لا يخفى التحدي، بشأن عزمي على كتابة مذكرات مماثلة. هذا، على الرغم من أنني في ذلك الوقت لم أكن قد دوّنت شيئاً غير الأشعار. ولكن، ألا يمكنني وضعَ الأمر في نصابه الصحيح، بعيداً عن العنعنات الدخيلة على جوهر الفن؟

*
لا أسعى إلى تبرئة نفسي، ما لو أوضحتُ الإشكال الناتج عن قطعي علاقتي بصديقي " فرهاد "، آنَ كان يقيم في العاصمة الروسية. بحَسَب قناعتي، أنه تناول الموضوع بشيء من التحامل في سيرته المنشورة. هذا التحامل، إنسحَبَ أيضاً على الكثير من التفاصيل، الواردة في تلك السيرة. لقد جازَ لي أن أتنبأ بالأمر في رسالتي إليه، المعلومة، وإن أخذته على محمل المزاح أكثرَ منه الجد.
عطفاً على ما سبق، أقول أنه كان قد نما في نفسي فضولٌ غريب لاستقصاء أخبار " فرهاد " وهوَ ثمة في موسكو. ما كنتُ بعد قد قطعت صلاتي بمعارفي في العاصمة الروسية.. أعني، من درستُ معهم، وغالبيتهم أضحوا رجال أعمال على أثر انهيار النظام السوفييتي. أحدهم، قدم لي خدمته حينَ أعلمني بعلاقة عاطفية تربط " فرهاد " بفتاة روسية. ليس بوسعي التأكيد، بعد مرور كل تلك السنين، ما لو كان داخلي يومئذٍ قد دخلته غيرة طارئة، غريبة عن طبْعي. ولكنه الغضب، ولا غرو، من طبَعَ لاحقاً ردة فعلي: تجاهلتُ ببساطة وجودَ صديقي، وهوَ من كان بحاجة ماسة للمال سواءً لأود يومه أو للمساعدة في تهريبه إلى السويد. ناهيك عن نسياني تماماً لوعدي، بأن ألحق به إلى موسكو بهدف مواصلة أعمالي التجارية فيها. لن أزيد شيئاً آخر، طالما أن التفاصيل مبثوثة في متن سيرتي.
ولا أجدني، في السياق نفسه، في حاجةٍ لتفنيد العديد من المعلومات المشوّهة، التي تضمنتها أيضاً سيرة " شيرين ". لا أدّعي أنها كانت معلومات مختلقة؛ فإنّ ذلك، ولا شك، سيُعدّ تجنّ على السيرة وعلى ذكرى مؤلفتها سواءً بسواء. كل ما في الأمر، أننا نتناول حدثاً من الأحداث من وجهة نظر أحادية تتوهّم أنها الحقيقة.. بينما هيَ مشاعرنا العارية، من نظنها حقيقة مُبرمة. وأستعيرُ هنا قولَ " ابن عربي "، بأنّ الطرق إلى الحقيقة تتعدد بتعدد السالكين.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدباء ورهبان 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 1
- أدباء ورهبان 2
- كعبةُ العَماء: كلمة لا بد منها 3
- كعبةُ العَماء: كلمة لا بد منها 2
- كعبةُ العَماء: كلمة لا بد منها
- كعبةُ العَماء: حاشيَة
- سيرة أخرى 67
- المركبة الملعونة
- سيرة أخرى 66
- أدباء ورهبان
- سيرة أخرى 65
- سيرة أخرى 64
- لعبة الذكرى
- سيرة أخرى 63
- سيرة أخرى 62
- البُرَاق
- سيرة أخرى 61
- سيرة أخرى 60
- سيرة أخرى 59


المزيد.....




- “القط بيجري ورا الفأر”.. استقبل Now تردد قناة توم وجيري الجد ...
- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 2