|
سيرة أخرى 65
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5741 - 2017 / 12 / 29 - 14:02
المحور:
الادب والفن
1 أيام زمان، كان منزل جيراننا مَعْقد أعراس الحارة صيفاً. ليسَ بسبب إتساعه حَسْب، بل وأيضاً بالنظر لطيبة أصحابه. نساء عائلتنا، أعتدن على التجهز للعرس قبل موعده بساعات. فما أن تمضي دقائق على مغادرتهن إلى ذلك المنزل، الكائن في الزقاق المجاور، إلا ونكون قد سبقناهن بالوصول إليه. فإنّ سقف حجرة حديقتنا الواطئ، كان يُمَكّننا بسهولة من الإرتقاء إلى سطح منزل جيراننا للإشراف منه على العرس الموعود. كانوا يتسامحون معنا، بالنظر إلى أعمارنا اليانعة. في المقابل، كان الأهلُ يتشددون لو أن العرسَ مخصصٌ للرجال ( أي التلبيسة ). إذ كان الخطر عندئذٍ، أن يشرع بعض المحتفلين بإطلاق النار في الهواء. الفترة التالية من الصبا، جعلتني أكثر انتباهاً لما يجري في الأعراس النسائية. ومن المهم القول، أنّ وجودي ثمة على السطح صارَ محصوراً بأعراس العائلة. ذاتَ ليلة حافلة، رأيتني كالعادة أطل على منزل الجيران. كان بين المدعوات فتاة بعُمر شقيقتي الكبيرة، وكانت ذات قرابة بعيدة بنا. حُسنها الفتان، كان يتألق بما أكتست به من ملابس مكشوفة فضلاً عن الزينة والتبرج. بدَورها، راحت القريبة الحسناء تبادلني نظراتٍ مختلسة يتخللها الإبتسام. في اليوم التالي، بحتُ لأقرب أصدقائي بمكنون عاطفتي. كنا آنذاك نستعد لتقديم امتحان البروفيه. صديقي، تأملني من خلال دخان سيجارته وقال: " غداً سنمر من أمام منزلها. ولكننا سنشتري أولاً زجاجة بيرة، فتشرب أنت منها كي يقوى قلبك! ". ظهيرة اليوم التالي، انتهينا إلى منزل أسرة الفتاة وكان يقع في منطقة رأس الحارة. وإذا قريبتي الحسناء منتصبة وراء الباب الموارب، وكانت تحادث شقيقتها الصغرى. أكثر من مرة، مررتُ إزاء موقفها متهيّباً حتى من النظر إلى تلك الناحية. هتفَ بي صاحبي منزعجاً، حينَ غادرنا المكان: " على الأقل، كان عليك أن تحييها بما أنها قريبتكم؟! ".
2 الأسطح المتصلة بعضها ببعض، هيَ من الأشياء الحميمة، المفتَقَدة بالأبنية الحديثة. هذه الأبنية، نهضت ابتداءً من منتصف الثمانينات في مكان منازل الحارة القديمة. وكون بيوتنا القديمة مُشادة غالباً بطريقة الدك، فإنها لم تكن لتتحمل بناء طابق آخر. هكذا كان من السهولة على نساء العائلة ارتقاءَ السطح، بغية نشر الغسيل. السطح، كان كذلك مكاناً لبعض ضروريات المنزل؛ كبرميل الماء المخصص للحمّام وهوائي الإرسال التلفزيوني ( الآنتين ). كما أن مونة المطبخ، مثل رب البندورة ومربى المشمش، كان يتم وضعها على السطح بهدف تعريضها لأشعة الشمس. إلا أن السطح، بالنسبة لنا نحن الأطفال، كان مكاناً مفضلاً للقاء أولاد الجيران. فأسطح الزقاق في جهتنا، كانت متصلة بمثيلاتها من الزقاق المجاور ( آله رشي ). فلم يكن بالغريب إذاً، أن نكسب أيضاً صداقة أولاد ذلك الزقاق. بيتنا كان له ميزة إضافية، وهيَ وجودُ كوة بالجدار المطل على منزل جيراننا. عبرَ هذه الكوة، كنا ننزل على السلم إلى أرض ديار الجيران كي نتوجه للمخبز الكائن في زقاقهم. بعض أصدقائي المقربين، كان يُسمح لهم أيضاً بسلك ذلك الطريق المختصر إلى المخبز. جيراننا، كانوا من الطيبة أن يلبوا نداءنا في كل مرة يود أحدنا النزول أو الصعود، فيضعون سلمهم بخدمته. باستثناء شقيقتهم الوحيدة ( وكانت تقيم مع أولادها اليتامى في حجرة بالدار )، فإنها كانت تدمدم مستاءة حينَ نمر بها. إلى أن انتهى أمر الكوة، مع بناء والدي حجرة ضيوف جديدة. بعد أيام قلائل، إذا بتلك المرأة ترسل مع إحداهن شكوى إلى أمنا. مفاد الشكوى، أن النافذة العلوية في حجرتنا الجديدة تكشفُ عورات منزلها.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيرة أخرى 64
-
لعبة الذكرى
-
سيرة أخرى 63
-
سيرة أخرى 62
-
البُرَاق
-
سيرة أخرى 61
-
سيرة أخرى 60
-
سيرة أخرى 59
-
سيرة أخرى 58
-
سيرة أخرى 57
-
شادية وأدب نجيب محفوظ
-
الكردي كمال جنبلاط
-
القاعة رقم 1000
-
سيرة أخرى 56
-
المقهى
-
سيرَة أُخرى 55
-
العربة
-
سيرة أخرى 54
-
المبنى المهجور
-
سيرة أخرى 53
المزيد.....
-
آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى
...
-
آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
-
ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق
...
-
دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
-
جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي
...
-
أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس
...
-
-جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
-
ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
-
روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
-
تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|