أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرة أخرى 64














المزيد.....

سيرة أخرى 64


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 28 - 02:38
المحور: الادب والفن
    


1
في مثل هذه الأيام من كل سنة، أعتدتُ على استعادة ذكرى صديقي وقريبي " حسون ". كنتُ أرى فيه مثالاً لما يُدعى " الأبيقوري "؛ وهوَ من يسير على خطى فلسفة إغريقية، قائمة على حب الحياة وملذاتها والابتعاد عن كل ما يذكّر بالموت والألم. ما كان لصديقنا أن يبقى مخلصاً لفلسفته الموصوفة، لولا أنه حظيَ فجأةً بميراثٍ مُجْزٍ. حصلَ الأمرُ بمنتصف الثمانينات، عندما جرى تحويل منزل أهله القديم إلى بناية سكنية حديثة. إلا أنّ النهاية المحزنة لحياة صديقنا، والتي جدّت بعد ذلك التاريخ بحوالي خمسة عشر سنة، لم تكن ببال أحد ممن عرفه. كان قد سبقَ أن بدد المال، ولم يعُد أمامه سوى فرصة اللجوء إلى أوروبا. ثمة في ألمانيا، تم رفض طلبه. ويبدو أنه استسلم لليأس، مستبدلاً ابيقوريته العريقة بفكرة عبثية الحياة.
بالنسبة للعديد من معارفه، كان " حسون " مزاجياً وصعب المعاشرة. في المقابل، لم ينكر هؤلاء ما تميز به من طيبة وطرافة. من ناحيتي، كنت أثق بصداقته. ويمكن القول إنّ تأثيري عليه بدأ في فترة مبكرة، كوني قريبه وأكبره بعامين على الأقل. شجعته على أكمال دراسته الأساسية، وكان يشكو قبلئذٍ من أنه لا يتمكن من متابعة الأفلام السينمائية المترجمة. فيما بعد فاجأني اهتمامه بروايات دستويفسكي، وكان يقول أن ما يشده إليها هو تعمقها بتحليل النفسية الانسانية. " حسون "، في المقابل، لم يكن يشاركني الإهتمامَ بالسياسة. آنذاك كنت متحمساً للفكر اليساريّ، وأغلب أصدقائي المقربين كانوا كذلك. سرعان ما أضحى هؤلاء على صلة صداقة مع " حسون "، حتى أنه أخذ يشاركهم السهرات والحفلات. ثم أخذ ينأى بنفسه عن أكثر أولئك الأصحاب، بعدما لاحظ موقفهم العدائي تجاهي حينَ أختلفتُ معهم سياسياً. إلا أن بعضهم بقيَ يحوم حوله، كما الذباب المنجذب إلى قرص العسل.

2
" حَسَن صَبي "، تعبير شامي يُراد به وَصْمَ البنت بالشقاوة أو القول بأنها تتقمص شكلَ وسلوك الأولاد الذكور. هكذا بنت، غالباً ما تقحم نفسها في ألعاب لدّاتها من الأولاد وقد تخوض العراك معهم. أعتقدُ أن ذلك التعبير مستقى من مثيله، " بابا حَسَن "، الذي يوصف به المنحرفون من الفتية الذكور. كون المجتمع الدمشقي على قدر كبير من المحافظة، فقد أوجدَ حاجزاً منيعاً بين الجنسين يمنع إختلاطهما في الأمكنة العامة. بل إن الأمر ينطبق أيضاً على المدرسة الإبتدائية، وصولاً إلى نهاية المرحلة الثانوية.
في زمن الطفولة، حلّت أسرة غريبة في الزقاق باستئجارها الدور العلوي لمنزل أحد أعمامي. كان كبير الأسرة شرطياً، وهوَ بالأصل من مصيفٍ يتبع مدينة الزبداني. ابنته الأكبر مني بحوالي الثلاثة أعوام، كانت متطبّعة بالبيئة الريفية المنفتحة. فما لبثت أن أخذت تشارك أولاد الزقاق ألعابهم ولهوهم. سلوكها هذا، لم نتقبله في البداية. لسوء حظي، تطوعتُ ذات مرة للسخرية منها. فإذا بها تدفعني في صدري بقوة، فترميني أرضاً. وإذا كان الحادث لم يتكرر، فلكون الأسرة الغريبة مقيمة بمنزل عمي، علاوة على عقد بناتها لاحقاً صداقة مع شقيقاتي. بقيَ الحالُ كذلك إلى أن انتقلت أسرتهم إلى منزل آخر، يقع في شرق الحي. ذات يوم، مضيتُ مع والدتي وخالتي لزيارتهم. ربما كان قد مضى عام، لم ألتقِ خلاله مع ابنة أولئك الجيران السالفين. لدهشتي، فإنني عوضاً عن رؤية " حسن صبي " زمان، إذا بي أمام فتاة فاتنة الملامح. فكأنما كانت المرة الأولى، التي أرى فيها شعرها الأشقر الكثيف والنمش المُحَبب فوق وجنتيها. أندفعت نحوي مُرحبةً، ببساطة طبعها المعتاد. إلا أنه الإرتباك، هذه المرة، مَنْ جعلني أتراجع وأكاد أقع أرضاً!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الذكرى
- سيرة أخرى 63
- سيرة أخرى 62
- البُرَاق
- سيرة أخرى 61
- سيرة أخرى 60
- سيرة أخرى 59
- سيرة أخرى 58
- سيرة أخرى 57
- شادية وأدب نجيب محفوظ
- الكردي كمال جنبلاط
- القاعة رقم 1000
- سيرة أخرى 56
- المقهى
- سيرَة أُخرى 55
- العربة
- سيرة أخرى 54
- المبنى المهجور
- سيرة أخرى 53
- سيرة أخرى 52


المزيد.....




- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...
- جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم ...
- شاهد.. أول روبوت روسي يسقط على المسرح بعد الكشف عنه


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرة أخرى 64