أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرة أخرى 63














المزيد.....

سيرة أخرى 63


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5737 - 2017 / 12 / 24 - 14:35
المحور: الادب والفن
    


1
من أشهر نساء الزقاق، كانت جارتنا الحمصية الأصل. ولم أعرف ديانتها إلا في فترة لاحقة من طفولتي، لما سمعتُ والدتي ذات مرة تقصدها بالقول: " مالكيْ كَاور "ـ أي المرأة النصرانية. كانت امرأة طيبة وشهمة، وعلى ذلك كانت علاقتها حميمة مع نساء الحارة. كذلك عُدَّت مقصدَ جاراتها، كونها ماهرة في معالجة التواء كاحل القدم، الذي يصيب الأطفال أثناء لعبهم. وعلى الرغم من أنها غير مسلمة، فإن نساء الحارة كن يعتقدن بكراماتها. كأن تعيد ولداً إلى رشده من غيبوبة حمّى، أو حادث، بأن تتمتم كلمات غامضة فوق رأسه مع طقوس أخرى.
كبرى بنتيّ جارتنا، ما لبثت أن اقترنت بأحد أصدقائنا. صديق طفولتنا هذا، كان بدَوره حمصيّ الأصل ونصرانياً. ولأن اسمه كان شائعاً، فإنني أيضاً لم أنتبه سوى متأخراً لتميّز ديانته. كانت أسرته تقيم بالإيجار في منزل ابنة عمي الكبير، الكائن في الزقاق المجاور. ثم لم أعُد أعرف أخباره، بعدما تطوّع في المخابرات العسكرية. إلى أن التقينا مصادفة في مدينة اللاذقية، وكنتُ آنذاك أخدم فيها عسكريتي. إذ حضرَ مع دورية إلى شقةٍ كنا نستأجرها، وكانوا مصطحبين شاباً جامعياً مُتهماً بالتحرش الجنسي. على الأثر، عادت علاقني إلى سابق عهدها مع صديق الصبا حيث كنا نجتمع في مسكنينا أو في نادي صف الضباط بالمدينة. ذات مرة، أخبرني كيفَ أنقذ رجلاً مطلوباً من الإعتقال بتهمة الانتماء لتنظيم رياض الترك. كان صديقي يراقب منزل الرجل، فيما اختبأ في داخله باقي أعضاء الدورية. لما اقتربَ المطلوبُ من منزله، أعطاه صديقي اشارة بأن يهرب. ثم اختتم الحديث بالقول: " تذكرتك وقتئذٍ أنتَ وشباب الحارة الطيبين، لأنكم كنتم من نفس العقلية اليسارية! ".

2
" بابا حسن "، تعبيرٌ شاميّ لوصف الفتى غير الخلوق. وهناك من يزعم أنه تعبير ورثناه عن الأمويين، الذين كانوا يشنعون على عدوهم اللدود؛ علي بن أبي طالب ( أبو الحسن ). ولكننا سَنَدَع أولئك الخصوم في سلام مراقدهم، كي نعود إلى موضوعنا. ولنقل منذ البداية، أنّ من يوصف ب " بابا حسن " ليسَ بالضرورة أن يكون منحرفاً. بدليل أنها تقال أحياناً للطفل المشاغب، على سبيل المداعبة. أما المنحرف، فيقال عنه " أزعر ". وعلى أي حال، من الصعب تمييز هذا التعبير عن ذاك إلا من منطلق السلوك الفرديّ.
في زمن الطفولة، كان أحد أقرب أصدقائي معروفاً بمسلكه الطائش. وكونه كذلك، فقد أعتاد أن يضعني في مواقف محرجة. ذات مرة أصطحبته إلى حديقة عامة، يعمل فيها والدي مراقباً. هناك، أندفعنا للهو في لعبتنا المفضلة " الزحليقة ". إلا أن صديقي بقيَ ملازماً القاعدة، بهدف تأمل سيقان الفتيات أثناء إنزلاقهن من الأعلى. انتبه الوالد للأمر، فأمرني عابساً أن أطلب من ذاك " البابا حسن " مغادرة الحديقة في الحال. في يوم آخر، كان على صديقي هذه المرة أن يطلب مني مرافقته إلى منزل جدّه لأمه. سرنا إذاً إلى ذاك المنزل، الكائن في الحارة المجاورة العليا، سالكين إحدى الدخلات الضيقة. وإذا صبية صغيرة، شقراء ذات جمال فتان، تظهر أمام عتبة بيتها. هنا، خاطبها صديقي بنبرة ودودة طالباً منها أن ترفع خراطتها ( التنورة ). ما أن أنهى جملته الطائشة، حتى ظهرت أم الفتاة من خلفها. فرّ صديقي لا يلوي على شيء، فيما لبثتُ متجمداً من الرعب. فإن الأم كانت تمتلك جرماً هائلاً، وعينين تقدحان لهيباً. أقتربت مني وهيَ تدمدم، ثم سألتني ابن من أكون. بعد ذلك، قالت لي بلهجة رقيقة: " أهلك أوادم، فعلامَ ترافق ذلك البابا حسن؟! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة أخرى 62
- البُرَاق
- سيرة أخرى 61
- سيرة أخرى 60
- سيرة أخرى 59
- سيرة أخرى 58
- سيرة أخرى 57
- شادية وأدب نجيب محفوظ
- الكردي كمال جنبلاط
- القاعة رقم 1000
- سيرة أخرى 56
- المقهى
- سيرَة أُخرى 55
- العربة
- سيرة أخرى 54
- المبنى المهجور
- سيرة أخرى 53
- سيرة أخرى 52
- سيرة أخرى 51
- الأغراب


المزيد.....




- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرة أخرى 63