أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الشهيد كسيلة - من الابارتايد عموما إلى الابارتايد اللغوي














المزيد.....

من الابارتايد عموما إلى الابارتايد اللغوي


الشهيد كسيلة

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 28 - 16:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من فضائل هذا العصر وحسناته التي فاقت ما كان يخادع به سيرك الخزعبلات الشعوب القديمة أنّ كل شعوب العالم - مهما كان وزنها الديمغرافي - تتحرر من أدران القرون المظلمة التي مرت بها الإنسانية عموما حيث كانت السيطرة على العقول من قبل تحالف الكهنوت مع أمراء المال والعسكر سيطرة تامة فصنع أولئك الأفاعي لأنفسهم انسابا سماوية إلهية وبالغوا في الترفع عن بني الإنسان بكل الأشكال وأباحوا لأنفسهم ما يخالف الطبيعة فاقروا الاسترقاق والاستغلام والتسري وأقاموا أسواقا يباع فيها الإنسان كما يباع البقر واحتكروا كل الملاذ ...
هذه الفظاعات في التاريخ الإنساني تصل أوجها باختراع النصوص المقدسة والأسرار الدينية واللغات السماوية المقدسة واحتكار التواصل مع الآلهة مثلما فعل الفراعنة الذين تألهوا وبلغ تطرفهم حد إباحة زواج المحارم الذي جعلوه الأساس الذي لا محاد عنه في العائلة الفرعونية وهذا حتى لا يختلطوا بالعامة فيفقدوا الأسرار الإلهية .
هكذا يصبح لكهنوت الفراعنة لغتهم الهيراطيقية التي ترفعهم فوق مدارك العقل العامي ويصبح للإله ابولو في دلف هاتفه الذي ينقل إلى العامة وحيا إلهيا يقودهم في حياتهم ومماتهم ويجعلهم رهن إشارة الكهنة والملوك ويصبح الكهنة طبقة لها كل الحظوة في الهند ولها لغتها السرية السنسكريتية لغة الوحي الإلهي التي لا يمكن أن يتسع لها عقل الطبقات الشعبية .
هكذا تحولت تلك المعتقدات إلى منظومة من الخدع والأوهام المضللة والمتفننة في تدمير العقل البشري وأنتجت تلك المعتقدات طقوسها وفلسفتها وفقهها ونظمها السياسية والاجتماعية وسعت إلى ديمومة البؤس والشقاء الإنساني بنصوص وشرائع يشاع أنها إلهية لا يمكن الفكاك منها وألا حلت اللعنة ليظل أولئك البسطاء أسرى تلك النصوص .
أيّ جرم أشنع من جرم كهنة قرطاج الفينيقيين الذين يتقربون إلى إلههم الوحشي بإحراق الأطفال في طوفات Tophets ... وأي جرم أفظع من جرم المعتقد الذي يفرض على تلك المرأة البائسة "الحريماتو" أو "القادشتو" التي تظل تنتظر من يمارس معها الجنس المقدس ليرضى عنها الإله ... وهذا كله إمعان في إذلال الإنسان والسير وراء الأوهام التي يستفيد منها الكهنة كطبقة عليا فصلت نفسها نهائيا عن الأرض والبشر وارتبطت بالآلهة والسماوات العليا.
ومع أنّ هذه المشاهد قديمة طواها الزمن كما قد يبدو غلا أنّ بقاياها لا تزال جزئيا مثلما يحدث في العالم الإسلامي الذي يخضع للغة يصفها الكهنة بأنها سماوية إلهية فردوسية لا يمكن المساس بها أو ترقيتها في نحوها وصرفها المتكلس المتحجر لتساير العصر ومع أن الحياة والمعاملات اليومية تجاوزتها إلى لغة عملية تسمى "العامية" احتقارا لها إلى درجة أن تلفزيون وإذاعة الجزائر على امتداد أكثر من نصف قرن منع الكلام بلغة أخرى غير العربية الفصيحة المفصحة بل أكثر من ذلك يقف الإمام في خطبة الجمعة يبقي خطابه بلغة قرشية قد لا يفهمها حتى المتنبي وكأنه في مجمع اللغة العربية وهذا أمام مصلين أمازيغ يمارس عليهم تمييز لغوي يقهرهم في ذاتهم وفي انتمائهم ويهينهم في شخصهم ويجعل مجرد التفوه بكلمة من لغتهم عملا مخجلا ، وهل يجرؤ أي كان على الاعتراض ، وهو إن فعل سينسب إلى الحماقة وسيخوَّن وفي فترة سياسية سابقة سيقاد إلى الاعتقال والسجن والتعذيب.
ما صدّره البعث والوهابية الأول منهاج التعليم والثاني الإسلام السياسي أوصل البلد إلى حرب أهلية غير أنّ الأثر الأعمق لا يزال قائما فقد زرع فكرا لا يمكن اجتثاثه بسهولة . لقد تمّ فصل الأجيال الجديدة عن تاريخها وهويتها ولغتها الامازيغية ووزّعت على الشعب أنسابا وهمية لا تزال تغذّيها منصّات انترناتية معروفة وبعد أكثر من نصف قرن من الابارتايد اللغوي ها هي الامازيغية التي اعتقد بعض المتقرمطين في المغرب والجزائر أنها قُبرت ؛ هاهي تقوم من عثرتها لتعلن أن الأمة حية وهل للأمة حياة إلا في حياة لغتها .



#الشهيد_كسيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضربات الاستباقية الظلامية
- الأنساب والاستعراب
- اقتصاد الدولة الاسلامية : الغزو والنهب !
- الاستشياخ وقال ابو هريرة
- القرآن رسالة وليس لغة
- الهوية والعرق والأنساب
- الشاوية والتناحر القبلي
- عصيد وعصاد : الأمازيغية بين الاثنين مفارقة أم مطابقة
- هل يمكن إدراج مقياس الأمازيغية في مقررات جامعات بلدان شمال أ ...
- إلى إخواني:المستعرب والعروبي والأعرابي A mes confrères : l’a ...
- خطبة عصماء في جمعة غرّاء
- رئاسيات الجزائر : لعبة الثلاث ورقات اسمها انتخابات
- قصة الملك الامازيغي آكسل (كسيلة)
- لم نخترع إلا العشيرة والأنبياء
- التعريب في بلدان شمال افريقيا (2)
- التعريب في بلدان شمال افريقيا
- شهادة اسمها -الجنوب-
- الاستعمار الديني (..........) حلقات استعمار لا نهاية له
- الطغمة البعثية - الوهابية والأديب العالمي كاتب ياسين
- التميمي والامازيغية


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الشهيد كسيلة - من الابارتايد عموما إلى الابارتايد اللغوي