أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناجح شاهين - عيون القلب/نجاة الصغيرة














المزيد.....

عيون القلب/نجاة الصغيرة


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 5677 - 2017 / 10 / 23 - 12:13
المحور: الادب والفن
    



كنت يافعاً سريع الانفعال والغضب. وكانت الاشياء بيضاء وسوداء على نحو قاطع. لم يكن هناك متسع للألوان الكثيرة التي تملأ الكون والحياة. كان الغناء "الحقيقي" يعني الشيخ إمام ومارسيل خليفة وأحمد قعبور وفرقة بلدنا/الأردن، والكرد. تبدأ الدنيا ب "نزلنا عالشوارع رفعنا الرايات" وتنتهي ب "يا فلسطينية والبندقاني رماكو بالصهيونية تقتل حمام فوق حماكو". يمكن التساهل من جانبي مع فيروز، وبدرجة أقل مع ماجدة الرومي، وناظم الغزالي أسطورة الغناء العراقي. لا أمل لأي فنان آخر.
كانت نجاة، ومن قبلها أم كلثوم وعبد الحليم، نماذج صريحة للفن "البرجوازي" الهابط والرخيص الذي يداعب الغرائز، أو يصرف الوعي عن قضايا الإنسان الحقة التي كانت تختزل بالطبع في الصراعين القومي والطبقي. لم يكن هناك من صراعات أخرى في الوجود. وعلى الرغم من أنني كنت أقدر فرويد عالياً إلا أنني على ما يبدو لم أستوعب بما فيه الكفاية مقدار انغراس الحب والجنس في تكوين الإنسان البيولوجي والاجتماعي والنفسي والجمالي/الفني. لم أفكر بأن فرويد قال شيئاً لا يقل عمقاً عن ماركس أو أرسطو. الإنسان حيوان سياسي واجتماعي، وهو كائن يصارع من أجل الثروة والنفوذ والقوة بحسب الرجلين، ولذلك فإن الصراع الطبقي هو محرك التاريخ، ولكن فرويد على حق: يمكن للرجل أن يدفع ثروته ونفوذه على نحو أرعن مدهش في سياق "وهم" عاطفي ما.
تظل أنشودة "عيون القلب" تردد إلى ما لانهاية على طريقة أم كلثوم: "بأة يؤلي وأنا أولو=ظل يقول لي وأنا أقول له". تردد الى ما لا نهاية: "انت تؤول وتمشي، وأنا أسهر منمشي، يا اللي ما بتسهرشي ليلة يا حبيبي." وكان ذلك هو الكفر الرومانسي البرجوازي بعينه في نظري. كنت أستمتع بالأغنية وخصوصاً المقطع أعلاه، ولكنني كنت أتظاهر بأن ذلك كله غناء تافه لا قيمة له.
ما أنقذ نجاة و"عيون الألب" وملحنها عبد الوهاب، هو ما جرى في سياق موجة "ما بعد الحداثة" في العالم العربي. أرجو أن تغفروا لي: أعرف أن البلاد العربية فعلياً تعيش في القرون الوسطى خصوصاً في الخليج، أما العراق وسوريا وليبيا فقد عادت أجزاء واسعة منها الى العصر الحجري. لكن بما أن الزمن الأوروبي هو زمن ما بعد الحداثة فهو زماننا. أوروبا هي بوصلة الوجود الكلياني للتاريخ والإنسان.
إذن جاء زمن شجاع مليء بالصراحة الجنسية البشعة. الغناء أصبح ينافس أفلام الإباحة التي كنا نهربها ونحن أطفال ونشاهدها سراً. هل تذكرون نجلاء والحصان؟ الآن يمكن اعتبار نجلاء غناء عادياً تماماً بالنظر إلى الموجة المباشرة جنسياً التي جاءت بعدها. لا يوجد موسيقى ولا صوت أحياناً، لكن يوجد شبان وشابات في سياق جنسي راقص مثير ومهيج للغرائز بأوضح المعاني.
استعدت "عيون الألب" بوصفها جزءاً من أيام الصبا المليئة بالأحلام القومية والآنسانية قبل أن ينقسم المشهد بين دعارة داعش والسعودية ودعارة نجلاء والحصان وتجار الويسكي والمخدرات. العملة ذات الوجهين الأمريكيين قلبت المشهد سواداً ساخراً يخرج لنا لسانه. أتذكر العرب في كاريكاتير ناجي العلي يختصمون: قسم يريد الاتجاه نحو أمريكا، أما القسم الآخر فيريد الولايات المتحدة.
إذن: إذا كانت عيون الألب فناً برجوازياً، فلا بد أن البرجوازية في تلك الأيام كانت تحمل مشروعاً لا يقارن بمشروعها الحالي الذي يمثله فنياً جهات مثل روتانا وام بي سي. البرجوازية تخلت سياسياً واقتصادياً وفنياً عن كل طموح، وقبلت بدور التابع العميل الذليل للاستعمار العالمي، وهذا ينعكس في أدائها السياسي والاقتصادي و"الإبداعي".
طبعاً لا تخبرنا أم كلثوم ولا نجاه شيئاً عن مواجهة الإنسان لمصيره في هذا الوجود الحزين، ولا عن صراعه من أجل بناء مجتمع يخلو من الظلم وينحونحو المساواة والعدالة. "عيون الألب" لا تعرف أن جزءاً من وقت الإنسان يقضيه وهو يتعذب داخل جدران الفصل الدراسي السقيم في كتاتيب البرجوازيات العربية و"جامعاتها". جزء منه يقضيه وهو يعاني المرض ورعبه بين إرادة "القدر" وإرادة الطبيب الهابط المستوى، والمعدات المنقرضة، ومسلسل الإهمال والفساد. جزء من وقت الإنسان يقضيه وهو يعاني في الشوارع غير المجهزة، وهو يعاني من فشل المشروع القومي، وهو يعاني في مواجهة البطالة الرهيبة في غزة وجارتها مصر.
عيون الألب موسيقى جميلة وكلام لطيف وصوت عذب، يختزل الوجود البشري في حب رومانسي لا يلمح إلى أي شيء يخص الحياة المادية للبشر، ولا حتى الجانب الجنسي من ذلك الحب الطائر فوق السحاب. لكن مرحلة ما بعد نجلاء والحصان لا ترى فينا إلا أعضاءنا التناسلية: الأغنية "ما بعد الحداثية" تنزل سراولينا وتنظر مباشرة إلى ما لدينا من "مقدرات" بيولوجية. وهذا بالطبع هبوط مريع بالإنسان إلى مستوى زملائه في مملكة الثدييات الذين تهيج الذكور منهم رائحة البول، فينقض أحدهم على أنثاه يطفئ فيض الهرمون المنتعش بسبب الرائحة ثم يذهب في طريقه لا يهمه من أمرها أو أمر غيرها شيء.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملكة في بيت زوجي
- التابع والمتبوع
- كردستان وسوريا والولايات المتحدة
- قراءة أخرى في 11 سبتمبر
- قيس وليلى وعذرية المراة
- خطيب عرفة والتقرب إلى الله بذكر آل سعود
- الحرية والفلتان
- الثورة: التاريخ والاقتصاد السياسي
- ديكور حقوق الإنسان
- فضائية القدس والجهاد السعودي القطري
- قطر: نهاية أحلام الطفولة؟
- قطر: الأسطورة والواقع
- انتخاب ماكرون وكسر قدم ابنتي الصغيرة
- حدود الديمقراطية الليبرالية
- منتدى العائلات الثكلى
- حماس والتدريب على مبادئ الوضوء
- قضية فلسطين وقضية الأسرى وقضية الافراد
- عودة الفاشية
- ليبيا وسوريا بين ايديولوجيا اللبرلة واوهام الاصولية
- التعليم والكيماوي السوري


المزيد.....




- صورة -الجلابية- في المتحف تثير النقاش حول ملابس المصريين
- مهرجان -القاهرة السينمائي- يعلن عن أفلام المسابقة الدولية في ...
- زلزال في -بي بي سي-: فيلم عن ترامب يطيح بالمدير العام ورئيسة ...
- 116 مليون مشاهدة خلال 24 ساعة.. الإعلان التشويقي لفيلم مايكل ...
- -تحيا مصر وتحيا الجزائر-.. ياسر جلال يرد على الجدل حول كلمته ...
- منتدى مصر للإعلام يؤكد انتصار الرواية الفلسطينية على رواية ا ...
- بابكر بدري رائد تعليم الإناث في السودان
- -على مدّ البصر- لصالح حمدوني.. حين تتحول الكاميرا إلى فلسفة ...
- هل تحلم بأن تدفن بجوار الأديب الشهير أوسكار وايلد؟ يانصيب في ...
- مصر.. انتقادات على تقديم العزاء للفنان محمد رمضان بوفاة والد ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناجح شاهين - عيون القلب/نجاة الصغيرة