أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - الحرية والفلتان














المزيد.....

الحرية والفلتان


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 5615 - 2017 / 8 / 20 - 18:58
المحور: القضية الفلسطينية
    


الحرية والفلتان

ناجح شاهين
نحن في مناطق السلطة الفلسطينية نتمتع بالحرية أكثر من أية مجموعة بشرية أخرى. بالطبع يجب أن نستثني أموراً من قبيل الاحتلال وما يتصل المقاومة. بالتأكيد المقاومة المسلحة ليست أمراً يمكن التساهل معه من جانب الاحتلال أو سلطة الضفة أو سلطة غزة.
لكن فيما عدا ذلك لا يستطيع الأمريكي أو الياباني أو الفرنسي أن يحلم بما نتمتع به: في الواقع أن بإمكان المواطن في رام الله أو نابلس أو الخليل أن يفعل أي شيء يخطر بباله مع تجنب الاستثناء أعلاه.
يستطيع صاحب البقالة أو محل الأحذية أن يضع سلماً أمام محله وسط المدينة ويحتل المكان ويمنع الاخرين من إيقاف مركباتهم أو حتى من المشي بحرية. وبعد أن يقفل محله في المساء يمكن له أن يلقي بالنفايات في الشارع نفسه مبعداً إياها عن باب محله قليلاً فيشوه الطريق، ويضايق المارة من سيارات ومشاة.
يمكن لمن يقود مركبته نهاراً جهاراً أن يعاكس اتجاه السير وأن يمشي والإشارة حمراء. وهو أمر عادي تماماً وسائغ نفسياً لدى الجميع. في إحدى المرات قال لي أحدهم لأني أطلقت منبه السيارة بشكل متصل احتجاجاً: "انت ليش معصب؟" فقلت له إنه يعرض حياتنا للخطر بقطع الاشارة الحمراء. فقال: "كل الناس بتقطعها بس انت بدك تعمل حنبلي." وفي مرة أخرى شكوت الأمر ذاته لشرطي كان يقف ليراقب الحركة عند تقاطع رام الله القديمة فقال لي: "عادي يا زلمة الدنيا أزمة." هل رأيتم؟! لا يوجد قانون ولا ردع، لأن الشرطي الموكل بتطبيق القانون لا يعتقد بأن من الواجب حمايته.
يمكن للطبيب أن يقصر، أو يتسبب بطريقة أو بأخرى في موت المرضى، وفي هذه الحالة لا يلحق بالطبيب أي أذى أو عقوبة اللهم إن كان المريض/الضحية من عشيرة أو فصيل متنفذ فيهجم "ربعه" على المشفى ويمارسون حريتهم في تحطيم جانب من محتوياته والاعتداء على طاقمه بمقدار أو بآخر.
أذكر كنا في الولايات المتحدة داخل حافلة، وكانت ابنتي الصغيرة تمضغ العلكة. اشتبه الأمر على السائق الذي توهم أنها تأكل، فنظر إلي بصرامة تامة وأشار إلى جملة مكتوبة على جدار الباص: "يمنع التدخين وتناول المأكولات والمشروبات. إنه القانون."
إنه القانون الذي لا يسمح بمخالفته بسهولة أبداً.
يمكن لجاري في نابلس ورام الله أن يلقي بأية أشياء لا يريد الاحتفاظ بها من طابقه إلى فناء بيتي أو الى الشارع نفسه، إنه حر، ولو تطوع أحد من الجيران وقال له إنه يشوه الشارع أو يلوث البيئة أو أي شيء من ذلك القبيل، فإن الرد السريع الغاضب الانفعالي الجاهز هو: "إنت شو دخلك؟" أو "شو اللي حشر دين أهلك في؟" بالطبع فقط إن كنت قادراً أو مستعداً أو عاشقاً للعراك يمكن لك أن تتدخل فيما يفعل الناس، خصوصاً أنك تعرف أن أحداً لن يقوم بعاقبة الفاعل، وغالباً سوف يوجه اللوم لمن حشر نفسه في أفعال الناس الحرة.
نحن نعيش حالة فلتان وفوضى: الكل ضد الكل/ وعلى المستويات كلها، وصولاً للقتل خارج القانون، والنصب والاحتيال والسرقات. نعيش حرب الكل ضد الكل بالشكل الذي وصف به هوبز المجتمع الطبيعي الذي يسبق الدولة.
جاءت الدولة لتقنن الأوضاع، خصوصاً الدولة الرأسمالية التي تضع لنفسها مهمة واحدة لا غير، هي حماية البلد من الاعتداء الخارجي، ومنع الآفراد من الاعتداء على مساحة غيرهم ولو قيد أنملة. وهذا يعني الحرية التامة للفرد في فعل كل شيء ما دام لا يمس مباشرة حدود الآخرين.
نحن نظام حر مثل الرأسمالية، ولكنه منفلت من كل عقال، بما يجعله ينتمي الى حقبة تاريخية قبل الرأسمالية بل قبل القرون الوسطى التي كان فيها دولة قوية في أحيان كثيرة.
لكن السؤال الذي يطل برأسه مهم بالفعل: "ترى ما هي الفوائد التي تجنيها "الدولة" الفلسطينية من موقف الفرجة الذي تمارسه تجاه "الحرية الهوبزية" التي نعيشها جميعاً من الخليل إلى جنين؟"
لم أفكر في السؤال بما يكفي لكي أتلمس معالم الإجابة، ولكنه فيما أحسب موضوع يستحق التفسير بالفعل خصوصاً عندما نقارن الفلتان في مستوى الحياة اليومية في مقابل الانضباط الصارم والفعال فيما يخص المواضيع الأمنية ذات البعد السياسي.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة: التاريخ والاقتصاد السياسي
- ديكور حقوق الإنسان
- فضائية القدس والجهاد السعودي القطري
- قطر: نهاية أحلام الطفولة؟
- قطر: الأسطورة والواقع
- انتخاب ماكرون وكسر قدم ابنتي الصغيرة
- حدود الديمقراطية الليبرالية
- منتدى العائلات الثكلى
- حماس والتدريب على مبادئ الوضوء
- قضية فلسطين وقضية الأسرى وقضية الافراد
- عودة الفاشية
- ليبيا وسوريا بين ايديولوجيا اللبرلة واوهام الاصولية
- التعليم والكيماوي السوري
- المنظمات الأهلية وغسيل الدماغ الأوروبي
- التفكير الناقد/المنطقي عند الأطفال
- اللغة الانجليزية بين تل ابيب ورام الله
- كوريا الشمالية تمنع ارتداء الصليب
- اللغة العربية تتأرج بين موقع اللغة الأجنية والثانية
- دلع الولد بغنيك ودلع البنت بخزيك
- توظيف التكنولوجيا في التعليم


المزيد.....




- مصور فرنسي يوثق جانبًا آخر من جزيرة سقطرى باليمن لم تلتقطه ا ...
- إطلالة كيت ميدلتون -الزرقاء- تعيد إلى الأذهان أناقة الأميرة ...
- الجيش الكويتي يُعلق على تداول مقاطع رصد -صواريخ باليستية- في ...
- غروسي يكشف عن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيران ...
- مراسلتنا: المدفعية الإسرائيلية تهاجم جنوب لبنان
- الملاجئ الإسرائيلية في مواجهة الصواريخ الإيرانية: قصورٌ في ا ...
- -إيرنا- تنفي نبأ انسحاب البرلمان الإيراني من معاهدة حظر الان ...
- اكتشاف مواد سامة -خفية- تلوث الهواء في الولايات المتحدة من م ...
- تفاصيل إبعاد مسيرة عن منزل نتنياهو
- إسرائيل وإيران تتصارعان.. والسوريون بين الشماتة والانتظار


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - الحرية والفلتان