أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إلهام مانع - إبنتي والريف السويسري














المزيد.....

إبنتي والريف السويسري


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 5587 - 2017 / 7 / 21 - 12:53
المحور: الادب والفن
    





هذا العام كان قرارنا مختلفاً.
إجازتنا الصيفية نقُضيها في سويسرا.
عادة ما نسافر خارجها في الصيف.
لكني تعبت من السفر، وزوجي خرج مرهقاً من مرض ٍهزّنا جميعاً، ولذا أحببنا أن نقضي أيامنا معاً بين حنايا الطبيعة السويسرية.
هادئة، صامتة، وتخلب الألباب بروعتها.
وسحرٌ يدخلُ الروح فُيعيد له رونقه.
ونحن الاثنان كنا في حاجة إلى هذا الرونق.

في إنجادين قضينا عشرة أيام.
كل يوم نخرج في رحلة على الأقدام.
اطولها كانت سبعة ساعات. في الحديقة الوطنية السويسرية. تسلقنا جبلا ثم مشينا على منحنى لايريد أن ينتهي.
كادت تكسر قدمي.
لعنت يومها سنسفيل الطبيعة، وجمال الطبيعة، واللي فكر في تقَضية إجازته في الطبيعة.
قلت لتوماس بعد خمس ساعات، "لولا أن الطريق وعرٌ لنشبت في عنقك".
وهو يسمعني و يبتسم.
كيف ألومه ونحن معاً من تحمس للفكرة؟
معه حق.
رغم ذلك، فإن لحظة وصولنا إلى هدفنا كان لها متعة.
عّذبه رغم تعبها.
ماعلينا.

ابنتنا ذات السابعة عشرة لم تلتحق بنا.
في مدرستها الثانوية يطلبون من الطالبات والطلاب في مرحلتها الدراسية تمضية ثلاثة أسابيع في منطقة ناطقة بالفرنسية، كي يتعلمن/ون اللغة ومعها ثقافة أخرى من ثقافات بلدهم/ن.
وعليهن/م خلال تلك الفترة أن يعملوا/ن في تلك المنطقة.
ولذا ذهبت إلى مزرعة تَملكها إبنة خالة زوجي في كانتون ناطق بالفرنسي، كي تعمل فيها، تتعلم فيها صناعة الأجبان، ورعاية الأبقار، وتجمع البقول أيضا.
في البداية كانت فكرة ذهابها إلى الريف مزعجة.
مزعجة جدا في الواقع.
لكن، لأنها انشغلت في امتحاناتها، ولم تتمكن من البحث عن عمل تدريبي في مدينة ناطقة بالفرنسية، لم تجد بديلاً سوى القبول بالفكرة.
فذهبت.
وهي تبرطم.

كل يوم قضته في المزرعة ترك أثره فيها. غَيرَ من رؤيتها.
الريف، الذي ظنت أنه بعيد عن "الحياة" وجدته يضج حياة. رغم هدوءه.
وأهله، اصحابُ حكمة وقوة.
"ليس سهلاً عمل الفلاح والفلاحة"، قالت لي.
"يأتي المساء، وأنهار على السرير، وانام نوماً عميقاً".
و تستيقظ مبكراً مع الطيور.
يعملون ويَعملن ليل نهار.
ثم
"صناعة الجبنة تقوم على مهاراتٍ بدأت اكتسبها"، تقول لي بفخر.

تعَلمت منهن ومنهم كيف يحترم الإنسان حَيواناته.
لسن بضاعة. هن مصدر رزقه. ولذا يؤدي لهن حقهن في العناية. هو إحترام متبادل رغم العلاقة الهرمية للفلاح مع حيواناته.

"المزرعة هنا رغم كبرها، الا انها تختلف عن طريقة الإنتاج بالجملة".
طريقة بشعة. تتعامل مع الحيوان كأنه شيء لا شعور له.
تلك الطريقة، التي قرأت عنها، دفعتها قبل عام إلى الكف عن أكل اللحوم.

هنا رأت طريقة أخرى، أجبرتها على احترامها.
"كل حيوان هنا يلقى رعايته".
حياة، تحترمها وتؤدي لها حقها حتى وأنت تعرف أنك سَتذبحها يوماً.


أسبوعان مرا على عملها في المزرعة.
غيرا فيها الكثير.
أسبوعان مَرا، ووجدتها تحب عملها هناك.
تقول لي "صحيح أني أفتقد بيتنا واصدقائي وصديقاتي، لكني أفهم سبب بقاء إستر (إبنة خال زوجي) هنا عندما جاءت وهي في الثامنة عشرة". جاءت كأبنتي قبل ثلاثين عاماً كي تتعلم صناعة الفلاحة، لكنها قررت البقاء فيها بعد فترة.

إبنتي تعرف معنى إحترام كل عمل، وكل مهنة.
لم تحتاج إلى العمل في المزرعة كي تعرف ذلك.
لكنها لم تفهم فعلاً معنى عمل الفلاح والفلاحة، وتُقدر الجهد المبذول فيه إلا عندما قامت به بنفسها.
تعلمت الكثير.
بقي لها اسبوع وتعود لنا.
ارجو ان لا تقرر البقاء هناك كاإستر.

وانا وتوماس أنهينا اجازتنا.
إجازة مشي وتسلق.
وودَعنا فيها إنجادين،
سحرتنا بطبيعتها،
لكني لن أكذب عَليكما،
ودَعتها، وقدماي للحق تزغردان.



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسجدٌ يحبُ الإنسان عن المسجد الإنساني
- الوقوف حداداً ليس من ثقافتنا
- أشربُ النبيذ
- رمضان شهر صوم، لمن يريد !
- في عُمرِ سلمى عن مانشيستر
- -دم مختلط-
- اللهم رمل نسائهم، اللهم يتم أطفالهم
- قبلة سريعة
- خمس سنوات تكفي الحرية لرائف بدوي
- عن السعودية وإيران، حكاية أقصر حوار تلفزيوني أْجريته في حيات ...
- لو فكرتي ستكفرين
- عن دينا علي ونظام الولاية في السعودية
- عن مقتل إحسان الجرفي! عن الهوموفوبيا
- النظام الإلهي
- هذا من ذاك: عندما يدهس الرجل خلق الله في لندن
- زوجي مسيحي الديانة وأنا مسلمة، أين المشكلة؟
- أريد هذا الرجل
- -شيخ الأزهر: التعددية لا يمكن أن تتم إلا في أطار المواطنة ال ...
- لدينا مشكلة مع المرأة
- -ربٌ نقتل بإسمه، ورب نَقتلُه-


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إلهام مانع - إبنتي والريف السويسري