أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - أشربُ النبيذ














المزيد.....

أشربُ النبيذ


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 5538 - 2017 / 6 / 1 - 18:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لازلت أذكر ذلك العشاء.
بعد مؤتمر دُعيت إليه عن اليمن في جامعة هارفارد الأمريكية.
كان ذلك عام 2012.
كان المدعوون والمدعوات جمعاً خليطاً من اليمن، أوروبا والولايات المتحدة.
وأنا الجسرُ، بين اليمن وسويسرا.

محضُ الصدفة هي التي جعلتني أجلس مع مجموعةٍ، كلها رجال، وكلهم من اليمن.
على مائدة العشاء.
جلسنا على المائدة.
وبدأ النادل في تقديم الماء لنا.
نظرت إلى المائدة، ووجدت أن هناك أكواباً مخصصة للنبَيذ موجودة أيضاً.
سألت النادل، هل هناك نبيذ سُيقدم مع الطعام؟
كان أمريكياً.
نظر إلي بدهشة ثم تمالك نفسه وقال لي "نعم، طبعاً."
ثم سألني، "ماذا تفضلين؟"
سألته إذا كان هناك نبيذاً أحمراً، رد بالإيجاب، بعد أن اتفقنا على نوعه.
ولأني كسرت القاعدة، تجرأ وبدأ في سؤال الحضور من حولي. أولهم كان على يساري، شابٌ ناشط سَبق زمانه. قال "نعم"، وطلب نبيذا ابيضاً.
ثم سأل البقية. كل منهم، واحد بعد الآخر قال "لا". وكانت ال "لا " قاطعة.
وهذا حقهم. هذا شأنهم. هذه حريتهم.
ثم حط صمت ثقيل.
ثقيل.
ثقيل.
قطعته بالقول،" اشربُ على مذهبِ أبي حنيفة".
فأنكسر الصمت بضحك متوتر، جعل الجميع يسترخي.

ثم انتقلنا إلى الحديث، عن اليمن طبعاً، ونحن نأكل.

لماذا فعلت ذلك؟
لن تقوم القيامة إذا لم أشرب النبيذ على العشاء.
وفي الواقع انا لا أشربه إلا في المناسبات وعندما أفعل ذلك لايزيد الأمر عن كأسين.
فأكثر ما أكَرهه رؤية الإنسان وهو فاقدٌ لوعيه من فرط الشراب.
لدي تجربة عائلية قديمة جعلتني أدرك مخاطر الإفراط في الشراب.
الإفراط في كل شيء في الواقع.

إذن لماذا فعلت ذلك؟
لأني لا أنافق.
لا أكذب.
ما أقوله وأفعله، افعله على الملأ.
كان المؤتمر مرهقاً وشاقاً، وعلى العشاء في أي مؤتمر آخر كنت سأُشرب نبيذي الأحمر.
وهنا، في هذا المؤتمر، ومع أبناء جلدتي لن أكذب ايضاً.
هذا ما أفعله.

كففت منذ زمان بعيد عن النفاق.
نقول ما لا نفعل.
وما نفعله نفعله في الخفاء.
كل ما يحدث هنا يحدث لدينا، لكن دوماً في الخفاء. فمن المنافق إذن؟

كففت منذ زمان بعيد عن طلب قبول الآخرين لتصرفاتي.
التقولب تخفياً وخوفاً من أحكام من حولي أرفضه.
طالما أني أتصرف بُخلقٍ في تَعاملي مع من حولي، لا أوذي احداً، فما أفعله شأني.

ولن أقدم تبريراً دينيا.
والتبريرات موجوده، كثيرة، ومقُنعة.
عليُكم/ن بقراءة كتاب أديبنا ومفكرنا الرائع علي المقري، الخمر والنبيذ في الإسلام.
كتابُه موجود على الإنترنت. تجدونه لو بحَثتن عنه.

لن اقدم تبريراً دينياً كما فعلت في المؤتمر على مائدة العشاء.
لأن تلك العبارة كانت ضرورية حتى يبتلعوا جرأةَ اليمنية التي طَلبت النبيذ وهم جالسون.

اشرب النبيذ لأني أريد أن أشربه.
وهذا يكفي.



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان شهر صوم، لمن يريد !
- في عُمرِ سلمى عن مانشيستر
- -دم مختلط-
- اللهم رمل نسائهم، اللهم يتم أطفالهم
- قبلة سريعة
- خمس سنوات تكفي الحرية لرائف بدوي
- عن السعودية وإيران، حكاية أقصر حوار تلفزيوني أْجريته في حيات ...
- لو فكرتي ستكفرين
- عن دينا علي ونظام الولاية في السعودية
- عن مقتل إحسان الجرفي! عن الهوموفوبيا
- النظام الإلهي
- هذا من ذاك: عندما يدهس الرجل خلق الله في لندن
- زوجي مسيحي الديانة وأنا مسلمة، أين المشكلة؟
- أريد هذا الرجل
- -شيخ الأزهر: التعددية لا يمكن أن تتم إلا في أطار المواطنة ال ...
- لدينا مشكلة مع المرأة
- -ربٌ نقتل بإسمه، ورب نَقتلُه-
- اللي إختشوا ماتوا! عن ترامب وحقوق المواطنة لدينا
- لنسميَها بإسمها: السلفية ُالوهابية حركة ٌمتطرفة
- ماذا لو ألبسنا الحيوان النقاب؟


المزيد.....




- دور ليبي ومسجد -مغربي-.. كيف أسلم بونغو وانتشر الإسلام بالغا ...
- السّر الكبير: ماذا يأكل الكرادلة المرشحون لمنصب بابا الفاتيك ...
- صحيفة سويسرية:لهذه الأسباب تم حظر جماعة الإخوان المسلمين في ...
- أعمال عنف بحق الطائفة الدرزية في سوريا.. اتفاق داخلي ودولي ن ...
- العراق يحظر نشاطات الأحزاب المناوئة للجمهورية الاسلامية على ...
- وجهاء الطائفة الدرزية يؤكدون رفضهم الانفصال من سوريا
- الجهاد الاسلامي: استهداف سفينة المساعدات اهانة للقيم الانسان ...
- فرنسيس والكاثوليك الأميركيون
- إسرائيل تستهدف منطقة قرب القصر الرئاسي بدمشق وتتعهد بحماية ا ...
- سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفض ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - أشربُ النبيذ