أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - عن السعودية وإيران، حكاية أقصر حوار تلفزيوني أْجريته في حياتي














المزيد.....

عن السعودية وإيران، حكاية أقصر حوار تلفزيوني أْجريته في حياتي


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 5505 - 2017 / 4 / 28 - 18:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عن السعودية وإيران
حكاية أقصر حوار تلفزيوني أْجريته في حياتي


لازلت أذكر ذلك الموقف جيدا.
كنت في فيينا، النمسا.
وتحديدا يوم 14 نوفمبر 2016.
في ندوة نظمها حزب الخضر.
وكنت مدعوة فيها مع نائبة رئيس البرلمان الأوروبي، أورليكا لوناشنك.
أدار الحديث بيننا نحن الاثنتان صحافياً نمساوياً مخضرماً، فيلاند شنايدر (نائب رئيس قسم الشؤون الخارجية بصحيفة دي برسه).
الندوة كانت عن أوضاع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.
أنا باحثة في العلوم السياسية وحقوقية عربية، والمتحدثة الرسمية باسم عائلة المدون السعودي المسجون رائف بدوي.
الدعوة التي جاءتني، جاءت لي بهذه الصفة.
ولذا قبل بدء الندوة، قدمت عرضاً على الباور بوينت عن أوضاع حقوق الإنسان في المملكة بشكل عام، وعرجت بعد ذلك على قضية رائف.
ثم بدأت الندوة واستغرقت نحو ساعة أو أكثر قليلاً.

بعد إنتهاء الندوة إقترب مني شاباً في الثلاثينيات، مَلامحُه شرق أوسطية.
توقعت ان يحدثني بالعربية، لكنه حدثني بالإنجليزية.
سألني بأدب إذا كان بإمكانه أن يجري معي حديثاً تلفزيونياً بعد أن ينفض الجمع.
ابتسمت قائلة أني مستعدة لذلك ولكن بعد قليل.

انتبهت إلى ملامح وجه صديقتي نينا شولتز من حملة رائف بدوي في النمسا.
كاتبة وفيلسوفة ألمانية، وإنسانة. بكل مافي هذه الكلمة من معنى.
تَجهمت.
ثم همست في أذني أن انتبه: "الصحافي من قناة العالم الإيرانية".
فهمت وشكرتها على المعلومة.

عندما انفض الجمع، كنت لا زلت أتحدث مع الصحافي شنايدر عندما إقترب مني الصحافي الإيراني من جديد.
نفس ردة الفعل من شنايدر. همس في إذني بالمعلومة. ابتسمت له وقلت له أني أعرف ذلك.

ومضيت مع الصحافي الشاب.
وقف مع الكاميرا، و بيده الميكروفون، تنفس عميقاً ثم سألني: "كيف تصفين أوضاع حقوق الإنسان في السعودية؟".
تنفست أنا الأخرى، عميقاً، ثم نظرت إليه ورددت عليه بجدية قائلة:"أوضاع حقوق الإنسان في السعودية هي نفس أوضاع حقوق الإنسان في إيران".
قلتها بهدوء.
ونظرت إليه.
كان واضحاً أنه يفكر في السؤال الثاني الذي يريد أن يطرحه.
لكنه استوعب فجأة ما قلته له.
جفل.
ثم إبتسم.
وكان نبيلاً،
مهذباً.
شكرني.
و أنهي الحوار فوراً.

كان ذلك أقصر حوارٍ تلفزيوني أَجريته في حياتي. لم يستغرق أكثر من ثلاثين ثانية.

عدت إلى صديقتي والصحافي النمساوي، وعبرا عن إِستغرابهما من سرعة الحوار.
فحكيت ما حدث.
وجدتهما يبَتسمان مُندهشان.
ولم أعلق.

عندما انتهي المساء، وعدت إلى فندقي، اتصلت بزوجي كعادتنا عند سفر أحدنا، حكيت له ما حدث، فضحك قائلا: "كعهدك".

أنا لا أتعامل بمنطق الخيار والفقوس.
لا أفهمه.
المبدأ واحد.
لايتغير.
أدافع عن الإنسان في أوطاننا.
هنا أو هناك.
لا أكثر ولا أقل.
أحب الإنسان فيها.
وفي الواقع أحب الإنسان أينما كان.
تماما كما أحب أوطاننا والخير الذي فيها.
لكني أكره وأرفض الفعل المنتهك لكرامة الإنسان وحقوقه في أوطاننا.

ولأني تعلمت مبكراً أن التغيير يبدأ بكسر جدار الصمت.
ولأني تعلمت مبكراً أن التغيير لا يحدث من تلقاء نفسه.
ولأني تعلمت مبكراً أن الحقوق تُنتزع ولا ُتهب، خاصة وأننا إذا انتظرنا غيرنا أن يتدخل، فإن انتظارنا سيطول،
لأني تعلمت كل ذلك مبكراً، آليت على نفسي أن أعبر عن رفضي لذاك الفعل المنتهك لكرامة الإنسان وحقوقه في أوطاننا بالكلمة والفعل.
بالكلمة والفعل.
وأن أفعل ذلك بشكل متسق.
وهذا يعني كما انتقد هنا، انتقد هناك.
وكما أرى الفعل ونتائجه المنتهكة لكرامة الإنسان وحقوقه في السعودية، اراها ايضاً واضحة في إيران.
الفعل ونتائجه المنتهكة لكرامة الإنسان وحقوقه هو ما يدفعني للحديث والنقد.
ليس كرهاً في وطن أو شعب محدد.
أنا لا أكره.
اكره فقط الفعل المنتهك لكرامة الإنسان وحقوقه..

ولذا لم اقلق عندما همست صديقتي قائلة "حذار، هو من قناة العالم".
لم أقلق لأني كنت أعرف أني لن أتركه يُجّير مواقفي لصالح موقف سياسي من جانب قناته، وأني في كل ردٍ على أي سؤال له سأُذكّره بواقع حقوق الإنسان في إيران، وأوفر عليه وعليَّ مشقة الحوار.
ومعه، أجريت أقصر حوار تلفزيوني في حياتي.
لم يستغرق أكثر من ثلاثين ثانية.
ولم أقل فيه سوى عبارة واحدة.
مضمونها واحد: المبدأ واحد. لايتغير. يدافع عن الإنسان أينما كان.



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو فكرتي ستكفرين
- عن دينا علي ونظام الولاية في السعودية
- عن مقتل إحسان الجرفي! عن الهوموفوبيا
- النظام الإلهي
- هذا من ذاك: عندما يدهس الرجل خلق الله في لندن
- زوجي مسيحي الديانة وأنا مسلمة، أين المشكلة؟
- أريد هذا الرجل
- -شيخ الأزهر: التعددية لا يمكن أن تتم إلا في أطار المواطنة ال ...
- لدينا مشكلة مع المرأة
- -ربٌ نقتل بإسمه، ورب نَقتلُه-
- اللي إختشوا ماتوا! عن ترامب وحقوق المواطنة لدينا
- لنسميَها بإسمها: السلفية ُالوهابية حركة ٌمتطرفة
- ماذا لو ألبسنا الحيوان النقاب؟
- مواجهة مع شهريار
- قال -أعياد كريسماس سعيدة- فطالبوا بقتله!
- -اليأس خيانة-
- صلينا للرحمن… هذا كل ما فعلناه
- خطبة الجمعة لصلاة مشتركة، القتها إلهام مانع
- محاكم التفتيش.... بدأت في تونس
- الرق في موريتانيا لا الرسول الكريم - من يخش من الموريتاني مح ...


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - عن السعودية وإيران، حكاية أقصر حوار تلفزيوني أْجريته في حياتي