أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - قال -أعياد كريسماس سعيدة- فطالبوا بقتله!














المزيد.....

قال -أعياد كريسماس سعيدة- فطالبوا بقتله!


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 5394 - 2017 / 1 / 6 - 22:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    





"اقتلوه، فقد كفر".
علت الحناجر زاعقة.
و فتاوى كالسيف إرتفعت تطالب بعنقه.
كَفرَ الرجل. يصرون وهم نافرون.
كفر شان تيسير. مثقف وناشط باكستاني.
وهو في الواقع لم يتوقع ردة فعلهم هذه.
يهدي معايدة محبة، فتلاحقه فتاوى كراهية.

لكنه من باكستان. بلد العجائب. فيها أصولية إسلامية متطرفة، تُفسر الإسلام كسيفٍ تنز منه دماءُ كل من لا يؤمن بدينها.
وإسلامٌ سياسي حط على قلوب من يؤمن بالإنسان كالكابوس.

وكانت رسالة صاحبنا رسالةَ محبة.
وبالأحرى أراد من خلالها أن يعبر عن تضامنه مع شريحة من بني وبنات وطنه، باكستان.
ضمنها في فيديو وضعه على قناة اليوتيوب في أعياد الكريسماس.

قال فيها التالي: "اعياد كريسماس سعيدة". ثم أضاف: "في رسالة معايدة الكريسماس هذه، أطالب أبناء وطني أن يُصلون صلاة خاصة لكل من يعاني من التمييز الديني في باكستان".

ثم عطف في نهاية رسالته إلى التذكير بواقع إمرأة باكستانية مسيحية آسيا بيبي، التي تواجه حكم الإعدام بتهمة إساءتها للرسول الكريم.

هذا هو نص رسالته.
لا أكثر ولا أقل.
الشقُ الأول من عبارته جملةٌ نقولها لبعضنا البعض في أوقات الأعياد، لأننا بشر، نبتهج بأفراح وأعياد أهلنا (أبناء وبنات وطننا) ونشاركهم/ن فيها.
أما الجزء الأخير منها فتقُال مراراً عند التذكير بأوضاع الأقليات الدينية واللادينية في بلداننا ذات الأغلبية المسلمة. أوضاعٌ مزرية كما تعلمون/تعلمن.

أيام قليلة مرت على وضع الفيديو على قناة اليوتيوب.
ثم عصفت ردود الفعل.
بدأت بقضية إزدراء أديان رُفعت عليه في محكمة في لاهور. ثم أصدرت حركة "لبيك يا رسول الله" المتطرفة فتوى دينية تقول فيها إن صاحبنا شان تيسير "تجاوز كل حدود التجديف والإساءة إلى الله والرسول"، وتدعو لذلك إلى "إباحة دمه وقتله"!

هل كفر الرجل في رسالته؟
اسأل السؤال رغم إدراكي وإصراري على أن من حق الإنسان أن يؤمن بما يريد، وأن يكفر بالدين، وأن ينتقد الدين، فهذا جزء من حق الإنسان في حرية الدين والعقيدة والتعبير. حق طبيعي لا جدال فيه.

رغم ذلك، فأني أنبه إلى غياب "الكفر" تحديداً من رسالته، كي أدلل على المغزى السياسي لكل ما يحدث.
فالرجل لم يقل أنه يكفر بالإسلام. ولو فعل لكان ذلك حقه.

كل ما فعله: أهدى رسالة معايدة إلى أبناء وبنات وطنه من المسيحيين، ثم نبه إلى واقع تمييز ديني بشع تعيش فيه الأقليات الدينية في باكستان، بما فيها الأقليات الدينية المسلمة الغير سنية، كالأقلية الأحمدية المسلمة على سبيل المثال.

ردود الفعل الهائجة المتشنجة الغاضبة من قوى باكستان الدينية المتطرفة ليست زوبعة في فنجان.
وشان تيسير أول من يعرف ذلك.
فوالده هو سلمان تيسير، حاكم إقليم البنجاب الذي قتله حارسه في عام 2011 لأنه دعا إلى إلغاء قوانين التجديف وازدراء الأديان في باكستان.

والده كان سياسيا شجاعا، جازف بحياته دفاعا عن مفهوم المواطنة الكاملة في بلده، لأنه كان يعرف جيداً أن قوانين التجديف وازدراء الأديان تستهدف دوما الأقليات الدينية وكل من يُفكرُ وهو حر.

شان تيسير يعرف أن المسألة ليست نكته.
فعند محاكمة قاتل والده قامت مظاهرات صاخبة عارمة، دعماً للقاتل!
بل إن القاتل كان يُرمى بالزهور والورود في قاعة المحكمة.
وباكستان نفسها أعلنت حالة تأهب قصوى عند تنفيذ حكم الإعدام في قاتل والده.
خافت من الوحش الذي رعته منذ نعومة أظافره. فانقلب السحر على الساحر.
ولذا اضطر شان تيسير وكل أفراد أسرته إلى الفرار من باكستان إلى كندا. حدث هذا بعد مقتل ابيه.

ليست زوبعة. ليست نكتة.
بل تدخل في صميم مفهوم المواطنة الكاملة.
وقوانين ازدراء الأديان في باكستان تعري واقع غياب المواطنة وتوحش قوى التطرف الديني والإسلام السياسي فيها.
ولأن القضية تعنينا جميعاً، أعود إلى باكستان في المقال المقبل.
فعندما تتحول معايدة محبة ودعوى حقوقية بقدرة قادر إلى قضية تجديف تسيء إلى الله ورسوله، َحقَ لنا أن نتمهل قليلاً في تفحص الوضع في باكستان والسرطان المتفشي فيها.

د. إلهام مانع



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -اليأس خيانة-
- صلينا للرحمن… هذا كل ما فعلناه
- خطبة الجمعة لصلاة مشتركة، القتها إلهام مانع
- محاكم التفتيش.... بدأت في تونس
- الرق في موريتانيا لا الرسول الكريم - من يخش من الموريتاني مح ...
- يحدث في اليمن: شكرا لكم اشقاؤنا العرب
- عن المثلية الجنسية - صعب هذا الحديث
- الطائفية ليست المحرك الرئيسي للضربات الجوية السعودية في اليم ...
- ماذا فعلت إسرائيل في صعدة؟
- -في الإنسانية نقف متحدين- نص خطاب قبول جائزة الشجاعة لقمة جن ...
- عن داعش ونظرية المؤامرة!
- إلى من هددني بالقتل: رسالة محبة!
- هل تذكرون الأقلية الآيزيدية؟ حكاية ريحانة
- التطرف واحد، سنياً كان، شيعياً، أو زيدياً
- سنقولها حتى تطلقوا سراحه: الحرية لرائف بدوي
- وقت مجابهة داعش التي في داخلنا الآن
- هل الصمت جوابنا كل مرة؟ اليوم أنا آيزيدية أيضا
- أنا لا زلت موجودة، انا لازلت مغيبة
- وبكت شهرزاد …
- حرب داعش الغبراء


المزيد.....




- 3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا
- آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وسط قيود ...
- جولي دهقاني في بلا قيود: لدينا أفراد في الكنيسة لا يقبلون سل ...
- 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
- الإفراج عن خطيب المسجد الأقصى وقاضي قضاة مدينة القدس بعد أن ...
- رئيس تحرير جيروزالم بوست ليهود نيويورك: هذا دليلكم للإطاحة ب ...
- رئيس تحرير جيروزالم بوست: هكذا يمكن ليهود نيويورك إسقاط ممدا ...
- أوليفييه روا: الغرب لا يرى الإسلام مشكلة ثقافية بل كتهديد وج ...
- البيت الأبيض: واشنطن قد تدعم تصنيف جماعة الإخوان -إرهابية-
- المحامي العام يكشف تفاصيل تتعلق بوفاة شاب في الجامع الأموي


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - قال -أعياد كريسماس سعيدة- فطالبوا بقتله!