أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل 16 من رواية














المزيد.....

القصيدة المتوحشة - الفصل 16 من رواية


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 5580 - 2017 / 7 / 13 - 09:33
المحور: الادب والفن
    


-16-
في الشّهر الثاني لميلاد جرح الغياب كان لا بدَّ لي أن أهبطَ عن صليبي فإمَّا موتٌ أو حياة والحياة لا تدلـِّل الضعفاء بلُ تذلّهم وتطرحهم للذئاب.
قررتُ أن أنتفضَ من رمادي لأحيا.
قررتُ ان ألمَّ شظايايَ المتنافرة في كلّ جهاتِ اليأس.
قررتُ أن أجعلَ لغتي تمطرُ عطرًا يظلّ حبلَ السُّرّة بيني وطائر الرّوح. هذا الحبيب الغريب الذي لا بدّ أنّه يراني ويسمعني عن بُعدْ. ذبولُ الزهراتِ سيقصيه بينما تفردّها سيدنيهِ من العطر.
التحقتُ بالجامعة قسم أدب مقارن وشرعتُ في صقل موهبتي فالكتابة عطيّة من السماء لكنّها تحتاجُ مناخًا مناسبًا لتنمو وإلا تذروها الريح دون أن تترك ولو خطّا على الخارطة الأدبيّة.
صارتْ الكتابةُ هاجسي الأوحد. رحتُ ألتهم الكتبَ فقد آمنتُ أن وراء كلّ أديب جيّد قارئ نهم يسعى دونما كللٍ لشحن طاقته الابداعيّة من شتّى الرّوافد الأدبيّة.
هي الكتابة.. هذا الإستحواذُ اللذيذ.. الأرقُ الخـَلاَّق .. الإبحارُ المُغامرُ إلى العمق حيثُ المَحَارات اللغويّة واللآلئ الدفينة التي تحتاجُ صيَّادا ماهرًا يعرفُ من أين يأتي ب الأسماك الشهيّة.
هي الكتابة.. رفيقةُ الدرب .. هذي التي مهما أعطيتها أعطتني أكثر وأكثر وكلّما قدَّمْتَ لها الوقت على طبقِ التَّفاني كلّما أذهلتني بمفاجآتٍ لا حصر لها.
هي الكتابة.. كلّما حاولتُها..باغتتني بإحتمالاتها.
هي الكتابة..
هذا الجُنون المُؤقَّت.
...
..
.

مساء مررتُ بخولة.
انفرجَ البابُ عن وجهها الطفوليّ.
راحت تتأملني بنظراتٍ فضوليّة ونحنُ نسيرُ معًا إلى غرفة المعيشة.
همستْ في أذني.. ربما لتتفادى الآذان الفضوليّة:
=كم أنتِ شهيّة بالفستان الأحمر ريتاي.
-غاليتي خولة كم أنتِ صديقة وفيّة.
أجبتها.
عاودتِ الكرّة:
= أنتِ متوهجة على غير المعتاد اليوم ألا تلاحظين ذلك..!؟
-أنا..!؟
احتلَّ وجهُ الحبيبِ الغريب كياني. خلته يجلس بيننا يجسُّ نبضَ عروقي.
قلتُ وابتسامةٌ هادئة تخضّبُ شفتيّ:

عاشقةٌ أنا..
لا لرَجُلٍ مَا
إنـَّما..
لكلِّ مفاتنِ اللغةِ



قهقهنا سوياً فاصطبغَ الأفقُ بلونِ البنفسجِ. ثمّ.. غادرنا جنبا إلى جنب إلى الندوة العكاظيّة في منتدى حيفا الثقافي.
...
..
.

راحتْ خولة تقرأ قصيدتها وعينايَ تطوفان بين الوجوه تبحثان عن طائر الرّوح.
لم أعثرْ له على أثر ماديّ لكن استحوذَ شعورٌ غريبٌ على حواسي:
إنــّه هنا..
يراني.. يسمعني.. يشتاقني.
إنّه هنا.
أكادُ أتنفسَ عطرَهُ.
أكادُ أرَى بريقَ عينيهِ.. لهفتَهُ.. ذكاءَه المُتَّقِد.
إنّهُ هنا.
ربما في هيئة طيفٍ أثيري.
يراني ولا أرَاهُ.
يسمعُني.
ويثملُ دون أنْ يُفتضحَ سِرَّه.
...
..
.
استفقتُ من موجةِ هذياني على تصفيقٍ حَاد.
عادتْ خولة من المنصة فغادرتُ أنا مقعدي واتّجهتُ إلى المِنصَّة.
سمعتُ صوتا كصوتِ طيور كثيرة يوشوشني:


"حبيبتي.. أنا هنا.
لا تخافي.
حبيبتي.. أنا هو.
لا تجزعي..!
كنتُ ميتًا وقمتُ
وها أنا حيّ"



غمرتني موجةٌ من النَّشوة فَرُحْتُ أُرَتِّلُ حنيني للحبيبِ الغريبِ من شاهقِ العِشقِ ترتيلاً.
قبل أن أعود مكاني ألحَّ الحضورُ على سماع المزيد من القصائد. فقطفتُ زهرةً مِنَ ديواني"مباغتًا جاء حُبّك":


ما بعدَ بَعدَ الفِرَاق

لَمْ نَتَغَيَّرْ كثيرا
بعدَ الفِرَاقِ..
لا.
فقط..
نَمَتْ بعضُ الطَّحَالِبِ
فَوْقَ مقعدنا.
لم تتغيَّرْ الأشياءُ
مِن حَوْلِنا.
لا.
لم تَحْدُث في الكَوْنِ
كَوَارِث.
لم تَنْفَجِر بَرَاكِين.
لم تحترق حَدَائِق
وَمَيادين.
لم تُهَاجِرْ طُيُورٌ.
لم تَجِفّْ بُحورٌ.
لم تَنْقَرضْ بَعْضُ التَّماسيحِ.
لا.
ولا زَلْزَلَتِ الأَرْضُ
زِلزالَها!.

لم يَحدُث
إلاَّ أنَّ اللونَ الأحمرَ
نَقُصَ مِنْ قَوْسِ قُزَحٍ
حبيبي..!

*

قبلَ أن أغلق الكتاب لأتقهقرَبصمتٍ إلى رُكني الهادئ تقدّم منّي طفلٌ أنيق. ناولني باقةَ بنفسجٍ وقُصَاصَةَ وَرَقٍ. ثُمَّ..
همسَ في أُذُنِي:



=هذي رسالة لكِ من ذاكَ الرَّجُل.
أشارَ إلى زاويةٍ ما في الصَّالة ومضى.
قرعَ قلبي بعنفٍ.
خالد.
لا بدّ أنّه خالد..!
لا بدّ أنّه تجَسَّدَ ليغسلَ أرَقِي بمطرِ العشقِ.
بحلقتُ في المكان.
لم أعثر له على أثر.
هبطَ قلبي.
جحظتْ عينايَ.
...
..
.


وإذا بابتسامةٍ عريضةٍ تُتوّجُ شفتيّ رَجُلٍ وجهه كالشَّمسِ وهيَ تُضِيء في قوّتها. رأسه وشعره أبيضان كالصُّوفِ الأبيض.. كالثلج.. وعيناهُ كلهيبِ نار.
...
..
.
فضضتُ الورقة بعصبيّة فإذا بالعبارة:



" هل نبدأ الحكاية "


..... ترفرفُ
.............ترفرفُ
....................ترفرفُ
في قفصِ التَّرَقُبّْ والإنتظارْ.




#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة المتوحشة - الفصل 15 من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل 14 من رواية
- يا أسوار عكا
- القصيدة المتوحشة-الفصل 13 من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصلان 11, 12 في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل العاشر من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل التاسع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثامن في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل السّابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل السادس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الرابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثالث في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثاني من رواية
- القصيدة المتوحشة-الفصل الأول من رواية
- قصيدة الهايكو haiku
- تبًّا لنا
- وَمَضَاتٌ مُفَخَخَّة
- خولة سالم وعنفوان الأنثى الثائرة على الجرح
- أن أصيرٙ فٙرٙاشٙة


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل 16 من رواية