أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل الثامن في رواية














المزيد.....

القصيدة المتوحشة - الفصل الثامن في رواية


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 5575 - 2017 / 7 / 8 - 08:33
المحور: الادب والفن
    


-8-
أجتهدُ لأتخلّصَ من الشَّرنقة.
أتحرَّرُ فَرَاشَةً بيضاء.
أتحرّرُ من كل قيد وذكرَى.
أنطلقُ إلى ما وراء الأفق.
*
أنتظرُ عودته .
" الإنتظار صخبٌ مبعثهُ القلق"هكذا كتبَ رولان بارت.
هذا ما أشعر به الآن.
*
ذاب ثلجي فتدفق خارج غرفة المعيشة. غمرَ في طريقه الزُّهورَ فأورقتْ وجَرَفَ كلّ الحَصَى فاخضرَّتِ الحقول.
أنتظرُ...
وأنتظرُ..
لم أعُد تلكَ الفتاة معدومة الشّخصيّة التي التهمَ الذئبُ جدتها فعاشت ما تبقّى من حلمٍ في مَحَارَة الرُّعب.
أنتظرُ..
وأنتظرُ...
آهٍ كيف نجحَ فيصل في وأدِ كياني...!
آهٍ كيفَ ظلَّ الجرحُ مفتوحًا على مصراعيّ الألم. آهٍ كيف قهرني هذا الرَّجُل حين أتاني وأنا في العشرين من عمري..في هيئة صيّاد. ها أنا آنتظره ممتلئة بنعمة االثقة بالنّفس.. كي أضع حدّا لجبروته .. كي أخلِقَ واقعا آخر.. أو أرحل عنه.

*
في القلبِ فَرَاشة
صغيرة ..صغيرة..
تُرَفْرفُ..تُرَفْرفْ..
بينَ جُدرانِ صَمتي
لتمحُو عنْهُ وَعَـنّي
غُبَارَ العُـــــــــــــــــــــزلة.
غُبَارَ العُــــــــــــــــــــــزلة.
*
أنتظرُ وأنتظر..
الشيء الوحيد الجيّد الذي قام به فيصل..هو أنّه كان يُحضِر لي الكتب من مكتبة المدرسة التي كان يعملُ فيها فكنتُ ألتهم الكتب التهاما ممّا ساهمَ في بلورة شخصيتي ونُمُوِّ أجنحتي.
أنتظرُ ...
..........................وأنتظــــــــــر.
*..
أتلقفُ صوت المفتاح وهو يُعْمِلُهُ في باب المنزل.
أرتجف.
أتسمَّرُ مكاني ويتسمَّرُ الرُّعبُ في عُروقي.
يجب أن أكونَ أقوى من هذا الموقف !.
حدجني بنظرة لئيمة.
= ما بك؟ وجهك ممتقع! مريضة؟
- لستُ مريضة ..
إنما استيقظتُ...
وسأغادر قمقمَ الكبتِ.
= ماذا؟
- كما سمعتَ!
لم أعُد تلك الدُّمية التي تحرّكها بخيوط خفيّة.
أنا كيان.
أتفهم!
-أفهم شيئا واحدا: أنتِ مجنونة.
أنتِ كما أخبرني أبوكِ وأخوكِ ... مجنونـــــــــــــــــــة!
راحَ يدورُ حولَ نفسِهِ وهو كالمهووسِ يُردّد:
آه.. مجنونة!
صمتَ فاستجمعتُ قوايَ النّفسيّة والمعنويّة.
قررتُ ألاَّ يهزمني مهما كان ثمن ثورتي على ظلالي.
هتفَ يتساءل :
= كنِّك سَكْرانة..!
- الخمر لكَ أنت وحدك. أنا في كامل قواي العقليّة.
صمتّتُ لأمتحنَ تأثير الحديثِ عليهِ.
أخشى أن تنتابَهُ موجةُ غضبٍ فلا يعودُ يرى شيئا في عينيه.
أخشى نوبات عنفه. لطالما رايتُهُ ماردًا. لكن......
ها قد انتهى مسلسل الأوجاع المُزمنة.
لن أسمح له بعد اللحظة أن يخدش إنسانيتي .
لن أتراجع عن قراري.
أستللتُ حسامَ ايجابيتي مِن غِمدِه وأعلنتُ له:
- قمتُ بالتسجيل في جامعة حيفا وأتاني الردُّ بالإيجاب.
غدًا أداوم في الجامعة.
جلستُ.
لم يجلس.
استشاط غضبًا.
أخذ يروح ويجيء في الغرفة وهو يتمتم:
= الجامعة!
كيف حدث ذلك؟
من أرسل لك طلب الإنتساب!
تخونينني في عُقر بيتي!؟
وأنا المغدور..
مش عارف شي!
يا هانم!
احكِ كيف حصل كل هذا!! ..
إحـــــــــــــــــــــــــــــــكِ..!
ليه سكتِّي!
إسّا صرتِ خَرْسَة. إحكِ يا بنت ال.....
احــــــــــــــــــــــــكِ وإلا..
*
وقعَ حجرٌ في بئرِ الصّبرِ.
اتّسَعَتِ الدّوائر.
كان ضروريّا عليَّ أن أستوعبَ وحدي كلّ الدوائر.
لن أتراجع!
طمأنتُ نفسي لئلا تخور تحت وطأة الخوف .
لم يَعدْ يُرعبُني.
لم أعدْ أراهُ ماردًا.
بالعكس.. أنا أشفق عليه.
أعلم أنّه يحاول الإدّعاء أنّه قويّ لكنّه في عُمقِ أعماقِهِ..رَجُلٌ مهزوم.. ضعيف الشّخصيّة.. مُثير للشفقة.
ليشرب البحرَ.
لا يعنيني ولا أيّ ردّ فعل سيأتي به. لقد أخذتُ قراري ولن أتراجع عنه حتّى لو كان الثمن... قَتلي.
بدأ يخطّطُ لمواجهةٍ دامية بيني وبينه.
مع هذا ..
لن أتراجعَ.
العنكبوت السّادي قضى بجرّةِ منديل.
الآن .. يومك يا ريتا.
تشجّعي.
إمّا حياة بكرامة أو الموت بكرامة.
أكونُ أو لا أكون.
أكونُ أو كيفَ أكون.
تلكَ هيَ المسألة.
ها أنا أعلنُ ثورتي على الصَّمت.
أقسمتُ ألاّ أكون دُميّة في يدِ أيٍّ كان بعد اليوم.
أوقدتُ شمس ايجابيتي وهو يهزّ بعنفٍ كتفيّ ويقول:
= من ساعدك على تنفيذ أفكارك الجهنميّة.
أحسستُ أنّهُ ُفي عُمْقِ أعماقهِ هشّ. .... تماما.. تمامًا كبيتِ ذاكَ العنكبوت اللئيم.
=احكِ.
يا خَرْسَة يا بنت ال.....إحــــــــــــــــــــــــــكِ..!

*
"اللسانُ الذي لا يقولُ لااااا..
ليسَ لسان إنسان"
*
صرخَ بجنون:
- يا كلبة.. احــــــــــكِ..مع مين تآمرتِ عليّ؟ أختك أمل؟
آه!
مفيش حدّ غيرها بنت ال... الله يلعنها!.
*
تناولَ المزهريّة الكريستال.
باغتني..
هَوَتْى بها على رأسي المُدجّج بالقرارات.
نزفَ الدم من رأسي.
نقيا.. طاهرًا....
*
فجأة رأيته.
من نافذة غرفة المعيشة المُطلّة على البحرِ أتى.
كان يردِّدُ بصوتٍ كالرّعد.
- متخافيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــش. أنا معك.
اقتربَ منّي حتَى التصق بي. أمسك بيدي. تداخلَ الدم النّازفُ مِن رأسي مع الدم النازف نقيا ..طاهرًا.. من يدَيْهِ.
نظرتُ في عينيهِ لأستمدَّ منهما طاقةً ايجابيّة.
فجأة..
أبصرتُ في كلّ بؤبؤ..صليبا من خشب!
*
صحوتُ على واقعٍ آخر.
بادرته بسؤال ارّقني منذ التقينا قرب الصخرة:
- مين إنتَ؟
= ضمّني لصدره. غمرني بدفءٍ أبويٍّ عجيب.
سلامه تركَ لي.
سلامٌ داخليّ أعطاني .
ليسَ كما يُعطي العالم أعطاني هوَ.
همسَ في أذني:
= يا بنتي ..
أنا مُخلّص البشريّة من مكائد الشيطان.
عيني عليكِ.. ليل نهار.
وجعك بيوجعني.
أتيتُ لأنّي أُحبّـــــــــــــك.
أتيتُ لأنقذكْ.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة المتوحشة - الفصل السّابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل السادس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الرابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثالث في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثاني من رواية
- القصيدة المتوحشة-الفصل الأول من رواية
- قصيدة الهايكو haiku
- تبًّا لنا
- وَمَضَاتٌ مُفَخَخَّة
- خولة سالم وعنفوان الأنثى الثائرة على الجرح
- أن أصيرٙ فٙرٙاشٙة
- كم مرّةً أخبرتُكَ
- قراءة انطباعيّة في رواية -زمن وضحة-
- شرنقة ُ الحُبِّ ... ومضات
- في انتظاره-قصة قصيرة
- سيمفونية العودة- المشهد الأخير
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-6
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-5
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-4


المزيد.....




- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية
- خامنئي يبث رسالة باللغة العربية: لن نساوم الصهاينة أبدا ويجب ...
- خامنئي يبث رسالة باللغة العربية: لن نساوم الصهاينة أبدا ويجب ...
- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل الثامن في رواية