أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية














المزيد.....

القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 5572 - 2017 / 7 / 5 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


-5-
مثل خبزي يأتي أنيني ومثلَ المياهِ تنسكبُ زَفْرَتي!
الذي إرتعابًا ارتعبتُ منه أتاني.. والذي فزعتُ منه جاء عليّ!
ها هم يُعدّونَ الوليمة لوَأدي.
سيزفونني إلى شبحٍ بعدما اعتقلوني في البيت وأقصوا الجميع عنّي..حتى خولتي.
كرِهَتْ نَفسي حياتي. أُسَيِّبُ شَكوايَ. أتكلّمُ في مَرَارَةِ نَفْسي قائلةً لله:
لماذا تُعذّبني.
فَهِّمني لماذا للريحِ تُسلّمني!
يداكَ كوّنتاني وصنعتاني كُلّي جميعا.. أفتبتلعني!
أُذكُر أنَّكَ جَبَلتَني منَ الطّين. افتُعيدُني للتُرابِ؟
ألَمْ تَصُبَّني كالَلَبَنِ وَخَثَّرْتَنِي كالجُبْنِ؟
كَسَوْتَني جِلْدًا ولَحْمًا فنسجتني بعِظامٍ وَعَصَبٍ.
منحتني حياةً ورَحْمًةً وَحَفِظَتْ عِنايَتُكَ رُوحي.
إنّي شبعانةٌ هَوَانًا وناظرَةٌ مَذَلَّتي.
لماذا أخرَجْتَنِي مِنَ الرَّحَمِ؟
كنتُ قَدْ أَسْلَمْتُ الرّوحَ ولَمْ تَرَنِي عَيْنٌ !
دفعتني إلى الأشرار وفي أيديهم دَهْرًا طَرَحتني!
شقُّوا كليتيّ ولَمْ يُشفقوا.
سَفَكُوا مَرَارَتِي على الأرضِ .
خِطْتُ مِسْحًا على جِلْدِي وَدَسَسْتُ في التُّرَابِ قَرْنِي.
احْمَرَّ وجهي مِنَ البُكاءِ وعلى هُدبي ظِلُّ المَوْتِ معَ أَنَّهُ لا ظُلْمَ في يَدي وصَلاتي خَالِصَة.
يا أَرْضُ لا تُغَطِّي دَمِي ولا يَكُنْ مَكَانٌ لِصُرَاخِي.
رُوحِي تَلِفَتْ.
أيامي انْطَفَأَتْ.
إِنَّمًا القُبورُ لي.

*
*
*
في صمتٍ كصمتِ المَقَابِرِ شَيَّعُونِي إليهِ دُونَما زَفَّة.
وَحْدَهَا الغُربانُ أَتَتْ لتكونَ شاهدةً على وَأدي.

*
*
انتقلتُ إلى جُحرٍ يُسمونهُ بيتي.
أقفلَ الأبوابَ والنوافذَ ودفعَ بي إلى سَريرِ الزّوجيّة.
أقفلَ قلبي.
أقتربَ منّي.
قتلتني رائحةُ عَرَقِهِ.
قتلتني الرّغبةُ في عينيهِ السّوداوَيْنِ.
تكَوّرْتُ على ذاتي ك قِطّة.
تمنيتُ تلكَ اللحظة لو أملك الجُرْأة لأستلَّ سكينا وأطعنه في صدره ثمّ أهرب بعيدا .. بعيدًا.. عن هذا المَصِيرِ المشؤوم.
اقتربَ منّي الخُطْوة الأخيرَة.
بنزقِ المُراهِقينَ.. مَدَّ يَدَهُ و................... مَزَّقَ ثوبي.
عَرَّاني..
حَتَّى مِنْ أحاسيسي عَرَّانِي.
حَتّى مِنْ كِياني عَرَّانِي.

*
*

صرتُ بينَ يديهِ وعاءً يستعملُهُ كما يطيبُ له.. متى يطيبُ لنزواتهِ.
بسطتُ شَعْري الكستنائِيِّ الطويلِ فوقَ جَسَدي
واستسلمتُ لغيبوبةٍ مُؤقَّتة.

*
*

رأيتُه.. ذاكَ الغريبُ .
أتَى .
لم يحمل هذه المَرَّة فانوسًا في يدٍ وشمسًا في الأُخرى.
رأيتُ دَّمعًا مِدْرَارًا يتدفَّقُ كشَلاَّلٍ من عيْنَيْهِ الواسِعَتَيْنِ كبحر.
كانَ يَئِنُّ كَفارسٍ مصلوبٍ على خشبة وحبيبتهُ أمامَ عَيْنَيْهِ تُغتَصَبُ.
رأيتُ مساميرًا عالقةً في كَفَّيْهِ ودما نقيا ينزفُ مِن كَفَّيْهِ.
أخذَ يُرَتِلُّ لي بصوتِهِ الذي يُشبِهُ خَريرَ مِياهٍ كثيرة:

إن ضاقِتْ الدنيا قصادِك
رَبِّك يفتَح لك الأبواب


ظلَّ معي..
يؤنِسُ وحدتي..
يُبَلسِمُ جُرْحِي..
إلى أن انتهَى ذاكَ الجَلاَّدُ مِن عمليةِ اغتصابي.
هذه العملية التي يحقُّ له شَرْعًا ممارستها لمجرد كونه يمتلكُ صكّ عُبوديتي المُسَمَّى: وثيقة زواج.
*
في الصَّباحِ...
فتحتُ النوافذَ المُغلقة جميعها لأستقبلَ النُورَ فينعشني ويمُدَّني بطاقةٍ ايجابيّة تساهمُ في بَقائي على قَيْدِ أمَلْ.
كانَ جلاّدي ما زالَ مستسلمًا بلذًّةٍ للنَّوم.
بحثتُ عن المطبخ وأعددتُ القهوة التي أعشقُ.
تعالى صوتُ فيروز مِنَ الحَيّ:

أنا عندي حنين ما بعرف لمين.
حنيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــن! دَوَّتْ المُفْرَدَة في رَأْسِي.

ثمّ..
ناديتُ عليهِ:
- فيصل..هيّا انهَض. تجاوزتِ السّاعةُ العاشرة .
فتحَ عينيهِ بامتعاَض.
نظرَ إليَّ والشّررُ يتطايرُ مِنْ عَيْنَيْهِ.
ارتفعَ صوتُهُ كما الرَّعد وهو يصرخ كمن عثرَ على حَشَرَة:
=مَن طلبَ منكِ أن تُيقِظيني!
دَارَتْ بي الدُنيا.
تقهقرتُ.
اختبأتُ داخلَ مَحَارَتِي.
تملّكني الرّعبُ منه.
هو نسخةٌ أخرى من أبي.. من أخي .. من قدري المشؤوم!
نهضَ منَ السَّرير بتثاقُلٍ.
غطَّى جسدهُ العَاري بعباءَةٍ سوداء...
وصرَخَ بساديّة:

= بتِعْرِفيش تعملي إلا قهوة باردة!




#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة المتوحشة - الفصل الرابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثالث في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثاني من رواية
- القصيدة المتوحشة-الفصل الأول من رواية
- قصيدة الهايكو haiku
- تبًّا لنا
- وَمَضَاتٌ مُفَخَخَّة
- خولة سالم وعنفوان الأنثى الثائرة على الجرح
- أن أصيرٙ فٙرٙاشٙة
- كم مرّةً أخبرتُكَ
- قراءة انطباعيّة في رواية -زمن وضحة-
- شرنقة ُ الحُبِّ ... ومضات
- في انتظاره-قصة قصيرة
- سيمفونية العودة- المشهد الأخير
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-6
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-5
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-4
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-3
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-2
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-1


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية