أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل التاسع في رواية














المزيد.....

القصيدة المتوحشة - الفصل التاسع في رواية


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 5576 - 2017 / 7 / 9 - 01:33
المحور: الادب والفن
    


-9-
فتحتُ عينيّ فإذا برائحة بخور تملأ غرفة المستشفى. بحثتُ عنه لكنني لم أعثر له على أثَر.
اختفى.. لكنّه مدّني بجرعة من الطاقة الإيجابيّة. أحسستُ أنني أنتفض كالعنقاء من رمادي لأحيا.
ارتفعَ صوتُ المذياع من نافذة تطلّ على حديقة داخلية للمستشفى:


أنا مش إلك. في قفص صغير بدك إياني كون.
وأنا بدي طير وجناحاتي تكون ع وسع الفَلَك.
أنا مش إلَك. ولا قلبي إلَك. أناااااا مش إلَكْ.

شو نفع الزمان اللي ما ابتدا بوجودي..
وشو نفع المكان وأنا مش موجودة.
مين قالك رج تبقى ع قلبي مَلَكْ.
أنا مش إلك. في قفص صغير بدك إياني كون.
وأنا بدي طير وجناحاتي تكون ع وسع الفَلَك.
أنا مش إلَك. ولا قلبي إلَك. أناااااا مش إلَكْ..
لا تتعب وتشقى.. أنا مش إلَك.

نطرتك تنده لي من وسع الفضا...
وتنسيني أهلي والعمر ال مضى.
لا صوتك شغلني ولا قلبي امتلك
لا بئى تسألني ولا رح بسألك.


أنا مش إلك. في قفص صغير بدك إياني كون.
وأنا بدي طير وجناحاتي تكون ع وسع الفَلَك.
أنا مش إلَك. ولا قلبي إلَك. أناااااا مش إلَكْ.
*
فاضتْ الدموع في عينيّ.
نظرتُ حولي.
امرأة على السرير عن يميني يدللها زوجها بأجمل الكلام. امرأة أخرى على السرير عن يساري يحضنها زوجها ويقول لها: ان شاء الله أنا ولا انت حبيبتي.
أمّا أنا فمنذ الشهقة الأولى .............. وحيدة.
وحيدة..... كعجزِ بيتٍ في قصيدة.
وحيدة........كجمرَة في مهبِّ ريحٍ عنيدة.
لم أعد أتمكن من السيطرة على دفق دموعي.
*
من أتى بي إلى هنا؟
أين جلاّدي؟
أين الطبيب.؟
*
فجأة ظهرت أختي أمل في الرواق. هرعت إليّ وعانقتني.
كانت الأسئلة أكواز صبّار تُدمي دماغي.
سألتها:
-أين فيصل؟
أتى بكِ هنا وغادر فورا. طلب منّي ان أبقى معك. ثمّ.. اختفى.
ابتسمتُ بمرارة. الجبان ضربني واختفى خوفا من العقاب.
وصل الطبيب المناوب.
سألني:
= ما سبب هذا الجرح في رأسك؟
عادت بي الذاكرة إلى الماضي السحيق.. أبي .. أخي .. زوجي.
كنتُ في أيديهم كُرةَ قَدَمٍ يركلها مَنْ يشاء متى يشاء.
لكن..
لن أسمح لأحد أيّا كان بعد هذي اللحظة أن يعتدي على كياني ويُشوّه إنسانيتي.
= مدام ريتا. أنتِ معي؟
حرّرتُ نفسي من صنّارة الماضي.
سأحيا منذ اللحظة دون أن أنظر خلفي.
عاد الطبيب يسأل:
= مدام.. أنتِ هنا؟
- نعم دكتور.
= حسنا.
أخبريني من فضلك .
ما سبب هذا الجرح في رأسك؟
وقفتُ.
نظرتُ من النافذة المطلة على الحديقة.
استجمعتُ قوايَ وأنا أقول:

- زوجي ضربني.
= ماذا؟
- نعم. فيصل ضربني بمزهرية كريستال.
حدّق في بؤبؤيّ عينيّ ..
ربما ليرى إن كنتُ في كامل قواي العقليّة.
أخذت كالملسوعة بالنّار أردد:
(فيصل ضربني. فيصل أدماني. فيصل وأدني.)
صمتتُ فصار الصَّمتُ سيّد الموقف.
= اجلسي سيدتي.
قال الطبيب وهو يُربّت على كتفي. آه كم كانت يده دافئة. آه كم كنت بحاجة لمَن يحضنُني تلك اللحظة!
= اهدأي. سأحضر لك كأسا من الماء.
ذهب. بعد قليل عاد. ارتشفتُ الماء حتّى آخر قطرة.
ارتفعت كلمات الأغنية في رأسي:


أنا مش إلك. في قفص صغير بدك إياني كون
وأنا بدي طير وجناحاتي تكون ع وسع الفَلَك.
أنا مش إلَك. ولا قلبي إلَك. أناااااا مش إلَكْ


= إنتِ بخير؟
قال لي بصوته الحنون ودفْء سنواتهِ السّتون.
-أنا بخير.. بخير.. لا تقلق.
عاد يُربّتُ على كتفي وصوته يتصاعد كتراتيل الفجر:
- كيف بقدر أساعدك؟
سقطت كلماته كالثلج لتخمدَ نيراني.
منذ أبصرتْ عيناي النّور لم يساعدني أحد.. لم يكن لي سندا أحد. لم يشعر بوجودي أحد. جميعهم عاملوني على انّني حشرة هم المُخَوَّلون بقتلها.
ياااه... كم كنت بحاجة تلك اللحظة لدفء ك دفْء هذا الكَهل.
فورا.. قفزتْ صورةُ فيصل لدماغي.
ارتجفتْ.
تقزّزَ جسدي.
تذكرتُ يده التي نزلت على رأسي ب المزهرية الكريستال.
دمي لم ينزف تلك اللحظة فقط. دمي نزيفٌ مستمر منذ شهقة الولادة.
= مدام ريتا.أخبريني ك صديق كيف بَقْدَرْ أساعدِك؟
نهضتُ من المقعد.
عدتُ إلى النافذة المفتوحة المًطلّة على ورود الحديقة.
تناولتُ قسطا من الهواء.
احتفظتُ به في رئتيّ أطول مدّة ممكنة.
لمحتُ الغريب آتيا إليّ من خلف الجبال وهو يخترق الضباب بترتيله الخافت:

إن ضاقِتْ الدنيا قصادي
واتقفلت الأبواب..
ربّي فاتح قدامي أعظم باب.

ابتسمتُ بمرارة.
الحياة قصيدة..لكنّها قد تكونُ أحيانا ...مُتَوَحِشَّة!
*
- دكتور.
= نعم مدام
- أرجوك . أسدِ لي هذا المعروف.
= قولي. أسمعك
- رجاء.. اتصّل الآن بالشرطة.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثامن في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل السّابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل السادس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الرابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثالث في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثاني من رواية
- القصيدة المتوحشة-الفصل الأول من رواية
- قصيدة الهايكو haiku
- تبًّا لنا
- وَمَضَاتٌ مُفَخَخَّة
- خولة سالم وعنفوان الأنثى الثائرة على الجرح
- أن أصيرٙ فٙرٙاشٙة
- كم مرّةً أخبرتُكَ
- قراءة انطباعيّة في رواية -زمن وضحة-
- شرنقة ُ الحُبِّ ... ومضات
- في انتظاره-قصة قصيرة
- سيمفونية العودة- المشهد الأخير
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-6
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-5


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل التاسع في رواية