|
كأنّه أبي-3-
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 5537 - 2017 / 5 / 31 - 20:08
المحور:
الادب والفن
أبحث عن حبّ مفقود حلمت به يوماً عن يد ترعاني كي أحبني أكثر أخفي شعوري لا أعرف الاستقرار في مكان أبحث عن شيء ما تضيع منّي الأشياء لا أعرف إن كنت أنا، أم شخصاً آخر، فبينما أكون في غاية المرح. أنكمش على ذكرى. إلى متى يا غريب تحدّث نفسك؟ لا شكّ أنّني أعاني من مرض. سوف أشرح لميّ وضعي. أرغب أن أكون صادقاً معها، وإن قدّر لنا أن نتزوج سوف أصارحها بمصاعبي، وعدم قدرتي على التّكيف. أضعت الطريق, ابتعدت كثيراً عن شارع النهضة حيث عيادة الطبيب. أقف عاجزاً عن تذّكر طريق العودة. سوف أمشي باتجاه النّافورة، ثم ألفّ إلى اليمين. لو ضربت رأسي بيدي قد أتذكر. أخيراً وصلت بعد ثلاث ساعات إلى عيادة الطبيب. جلست في غرفة الانتظار أراقب اللّوحة وبعض الإعلانات . لفت نظري لوحة تتحدّث عن الزّهايمر. الموضوع شيّق. عندما أعود إلى المنزل سوف أبحث عن هذا المرض. قد يكون أبي مصاباً به، لا شكّ لو كان الأمر كذلك فسوف أعذره. جاء دوري الآن. أتى الطّبيب وسلّم عليّ ، ثم دخلنا إلى غرفة الفحص. -اسمي اسحق كومين. طبيب متخصّص في علم النفس، والسلوك. سوف أسألك أسئلة وسوف تجيب. ما اسمك؟ -غريب المختار -كم عمرك؟ -ثلاثة وعشرون عاماً. -لماذا تشعر أنّك بحاجة لي؟ -لا أدري. أفكّر بأنّه قد يكون لديّ فصام، أو أي مرض عضوي آخر. لا أشعر بالاستقرار، ولا الأمان. أشعر أنّني أبحث عن شيء، وأبقى قلقاً على هذا الشيء الذي لا أعرف ما هو، ثمّ أستسلم إلى النّوم، فأرى أشباحاً تطاردني، وأرغب في الصّراخ ولا أستطيع. -هل تعيش ضمن عائلة ، أم أنّك مستقلّ؟ -لا زلت أعيش مع أمّي فأخواتي تزوّجن، وأعتقد أنّني سوف أستمر بالعيش معها، فإن تركتها أخشى أن تموت. لم يعد لديها دعم في الحياة غيري. -هل والدك متوفي؟ - لا أعرف عنه شيئاً، لكنّني أعتقد أنّني أراه أحياناً قادم من الشّارع القريب لبيتنا، أراه يضحك أهرب منه، أخشى أن يصطادني ويأخذني إلى مكان مجهول. -هل تراه حقيقة؟ -ماذا قلت؟ هل تعني أنّني أتوهم؟ لا. هو نفسه. -منذ متى لم تر والدك؟ -منذ كنت في العاشرة في ذلك اليوم الذي قال فيه سوف آتي. انتظرت في فراشي حتى الصّباح وإذ بالهاتف يرنّ. قال لي لن آتي. عندما تكبر تأتي أنت. بللت فراشي، وفي اليوم التالي أصابتني حمى، أخذتني أمّي إلى الطبيب. -هل كنت تحبّه كثيراً. نعم. أحببته، وكنت أتوقع منه أن يحبّني، لم يشعرني أنّه يحبني. كان غائباً عن حياتي حتى عندما يكون في المنزل. -سوف أقول لك رأي العلماء كي تقف على مشكلتك. يقول ديفيد بلانكهورن إن أزمة الأطفال الأبناء هي" الاتّجاه الأكثر تدميراً لجيلنا" ويؤكد تقرير صادر من جامعة برمنغهام بأنّ وباء "عجز الأب " ينبغي أن يعامل على أنّه مسألة تتعلّق بالصّحة العامة. هذا هو واحد من النتائج من تحليل جديد للبحوث حول رفض الوالدين، أو أحدهما قبول أولاده حيث يمنحهم ذلك الشّعور بأنّهم رفضوا من قبلهم. يقول رونر: أن الحب الأبوي أمر بالغ الأهمية لتنمية الشخص. يجب أن تساعد أهمية حب الأب في تحفيز العديد من الرجال إلى رعاية أولادهم، كما أنّ التركيز الكبير على الأمهات يؤدّي إلى ميل غير لائق إلى إلقاء اللوم على الأمهات في مشاكل سلوك الأطفال، في حين أن الآباء غالبا ما يكونون أكثر تورطا من الأمهات في تطوير مشاكل من هذا القبيل. أطلت الحديث قليلاً كي نصل إلى نقطة نتفّق عليها. -لم أخبر أحداً أنّني آت لزيارتك، لكنّك تحدّثت عن الموضوع، وكأنّ أحداً أخبرك. هل تعرف أمّي؟ أو زوجها توماس؟ هما يرغبان في مساعدتي. ربما شرحا لك الوضع. -لا يا غريب. هذه دراسات علميّة على شباب وأطفال، وفيها إحصائيات، إنّها مهنتي، وهذا سرّها. في جميع الأحوال. لن نستطيع فعل الكثير اليوم. لكنّني سوف أطلب منك بعض الفحوص تجريها في المختبر، لأقف على سلامتك الجسدية، فالعلم تطوّر. ربما تحتاج لبعض مضادات الاكتئاب. الجلسات الشّفوية قد تخفّف لكنها لا تشفي، والحزن المتواصل يسبب نقصاً في هرمون السّعادة. أرغب أن تأتي في المرّة القادمة مع شخص تثق فيه، هناك في حديثك خلط بين الأحداث، أرغب أن أتمكّن من معرفتها، وبخاصة أمر وجود والدك، وهروبك منه.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كأنّه أبي-2-
-
كأنّه أبي-1-
-
بازر باشي
-
صراع مع الأماكن
-
أحِبّونا دون شروط
-
الشّعب المختار، والمحتار
-
نحن والزّمن
-
-ديني على دين المحبوب-
-
المحرقة السّورية، والموت السّهل
-
يبدأ الحبّ بلمسة تعاطف
-
أعراس الوطن-مسرحيّة-
-
عندما نُجبَرُ على الشّيخوخة
-
مع ذاتي
-
يشعلني الحنين
-
على وقع الرحيل-2-
-
على وقع الرّحيل
-
أنا والليل
-
بوصلة الأيّام
-
فيدراليّة، أم موّحدة؟
-
قيود أمّي-الفصل الخامس- الجزء الخامس،والأخير-
المزيد.....
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
-
السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
-
فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف
...
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
-
روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|