أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - على وقع الرحيل-2-














المزيد.....

على وقع الرحيل-2-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5516 - 2017 / 5 / 10 - 15:09
المحور: الادب والفن
    


أنحنيَ أمامَ الذكرى بتواضعٍ ومحبةٍ ، وبخاصةٍ إن كانت هذه الذكرى ذكرى فراق شريكِ العمرِ .
لا أعرفُ لمن أخاطبُ اليومَ . لروحكَ أم للماضي ؟ وأين نحنُ من الماضي ؟ أتدري ! دعهُ لا يعودُ . كي تبقى في سلامٍ وتبقى روحُك تزورُنا لتطمئنَّ علينا. هل تذكرُ يوم قلتُ لكَ: إياكَ أن تفعلها ؟ إن فعلتَها .سأكونُ قد خسرتُ مرتين . الأولى عندما تحملتُ مسؤوليةَ الحياةِ وقساوتها وحيدة، والثانية إضاعة الفرصةِ في أن نجدّد بعض ما تبقى لدينا من قدرة على الحبِّ والحياةِ ، لكنكَ فعلتَها ورحلتَ قبلي، وكأنَّ نيتِك كانت تتجهُ أن يحصلَ ما حصلَ. ماذا سأتحدثُ عنكَ الآن ؟هل أكتبُ عن ذلكَ النحويُّ الذي حفظَ ألفيةَ ابن مالكِ عن ظهرِ قلبٍ ويعربُ كلَّ الكلماتِ بالشعرِ ، أم عن الشاعرِ الذي أجادَ الحديثَ عن المكانِ وعن الحبِّ أم عن تلكَ البلدةِ التي ربما هي من سبَّبَ له المتاعبَ في كلِّ حياتهِ
أتحدثُ اليومَ عن شّخص الذي عاشَ طفلاً وماتَ طفلاً . عن ذلك إنسانِ موهوبِ تشردَ في عمر مبكر لأنَّ والدَه لم يكنْ راضياً ربما عن والدتِه وإخوتِه،ولم يعد إلى المدرسةِ إلا بعدَ وفاة والده بعد أن تعلّم في مدرسة الشّارع ما تسبب في تعاسته ربما . قرَّرَ أن يدرسَ الحقوقِ يومَ كانَ في السادسة عشر من عمرِه عندما طلبتْ منهُ والدته أن يبيع لها بعض أكياسِ القمحِ ،فكان ما كان ، وعلم مصفّي التركةِ ، وأبلغَ الشرطة بأنّه سرق . سرق مالَ نفسه. هذا فعلاً ما حصل . أخذ من مالِهِ فسجن كحرامي سارق . في السجن كان لهُ وقفةُ مع نفسِهِ واتخذَ قراره ودرسَ الحقوق . وكان يرددُ دائماً سببَ دراستِهِ . يقولُ : لن أنسى يومَ ختم الشرطيُّ على يديَّ أبداً، مع أنَّهُ سجنَ عدةِ مراتٍ لأسبابٍ سياسيةٍ . كانَ يخرجُ بعدها منتش ولا يعتبرُ أنها ستؤثرُ بشكلٍ سلبيٍّ على حياتِهِ .
لم تكنْ حياتُنا الشخصيةِ مثاليةً أمامَ ذلكَ الحبّ الذي استمرَ لسبعِ سنواتٍ من أجلِ إقناعِ والدي بموضوعِ الزواجِ، لكنَّ الحياةَ هكذا لا تسيرُ أحياناً كما نشاءُ ، أتذكرُ تلكَ الليالي التي رأيتُهُ يبكي فيها ، وعندما كنتُ أسألُهُ ما بك ؟ يقولُ أبكي من أجلِكِ فليستْ هذه الحياة التي أردتُها لكِ
ولست أنا دائماً كما أرغب أن أكون الأمر ليس بيدي. ..
سوف يقرؤون ما كتبتُ وربما يسخرون .يريدون أن أصفَهُ بغيرِ ما عليه داخلُهُ. لقد اكتفيتُ بكلمةٍ تردُّ على كلِّ ما سيقولون بأن حياتُنا لم تكنْ مثاليةً، لكنها كانتْ واضحةَ المعالم لكلينا .
لا أتذكرُ أنني اعتذرت لكَ في مرةٍ من المراتِ. الذي كانَ يحدثُ في اللحظةِ التي أقررُ فيها الاعتذارَ عن أمر أخطأتُ به. أجدُك أمامي تعتذرُ وكأنَّكَ أنتَ من أخطأَ . أبتسمُ وتنتهي المفاتحات ، وتكونُ قد ربحتَ جولةً معي باعتذارِك عن أمرٍ لم تفعلْه فأغضُ الطرفَ عن أمرٍ فعلتُه . تاريخٌ لا أحدَ يستطيعُ فهمه إلا من عاشَه . نعم كانت حياة ضاقَ فيها علينا الزمانُ والمكانُ ، لكنني لن أتخيلَكَ ولن أسمحَ لنفسي أن أتخيلكَ إلا كما عرفتُك في أولِ مرةٍ " رأس السنة عام 1966" آه كم هوَ بعيدٌ ذلكَ الزمن . لن أنسى يوم قلتَ لهم - أعني الأهل - من سأتزوجُها ترِنُّ كالبلّورِ الصينيِ. أجابوكَ: وماذا عن الإيمانِ ؟ قلتَ : إنني مؤمنٌ بها وبعقيدتِها، وبقيتَ على رأيِكَ إلى آخرِ حياتكَ . ردَّ أهلُ بلدتي على هذا بحضورِهم الكثيف في مأتمكَ وفي طريقةِ الدفنِ على طريقتِهم حيث دفنا أشياءك التي أحببت معك.
أنت أولُ من اعترفَ بموهبتي ، أولُ من كرمني كأنثى ، أولُ من فتحَ بابَ السيارة لي وأغلقَها خلفي . أولُ من سحبَ لي الكرسيَّ لأجلسَ عندما كنّا نرتادُ المطاعمَ ، وأولُ من استمعَ إليَّ بكلِّ حواسّه عندما أبدي رأياً في قضيةٍ اجتماعيةٍ أو سياسيةٍ وعلى مدى العمرِ كلّه، وأهم الأشياء أنّك كنت أوّل من يقول لي: أرجوك لا تبكي. لست حجراً. أتمنى لو تضربينني ولا تبكين.
أقسمنا في رأسِ السنةِ التي أشعلنا فيها شموعَ الحبِّ : أنّهُ لن يفرقُنا سوى الموت ، ولم يفرقُنا سواه . كما أن الموت لن يفرقنا ، فلن أرحلَ من تاريخي إلى أي مكانٍ ولا إلى أي زمانٍ . إنني باقيةٌ على العهدِ وسأجدُ منافذَ حبٍ للحياةِ تجعلُني قادرة على الاستمرارِ .
أتذكرُ لحظاتِ الفراقِ الأولى يوم قررتُ الرحيلَ . جلسنا معاً تحتَ ضوءِ القمرِ في حديقةِ منزلِنا ليس من أجلِ أن يكونَ الوداعُ رومانسياً . بل كنتُ أبكي وأستغيثُ بكَ، وأنتَ صامتٌ تكادُ روحُك تخرجُ منك ، ولا شيءَ لديكَ لتقولَ سوى الدموعِ لأنَّ كلَّ شيءٍ كان قد ضاعَ . لكنَّكَ قلتَ لأحبتي عندما ضقتَ ذرعاً بالفراقِ: إن ذلكَ البيت الذي كان يضجُّ بالحياةِ يعيشُ النهاياتِ الآنَ .تسكنُه رائحةُ الموتِ . ليتَ ما كانَ لم يكنْ ! ربما أنا المسؤول!



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على وقع الرّحيل
- أنا والليل
- بوصلة الأيّام
- فيدراليّة، أم موّحدة؟
- قيود أمّي-الفصل الخامس- الجزء الخامس،والأخير-
- يسرقون الأضواء من الثّورة
- البعض يفضّلها علمانيّة
- قيود أمّي-الفصل الخامس-4-
- بضع كلمات حبّ
- في انتظار ترامب
- قيود أمّي -الفصل الخامس -3-
- مسار الثّورة السّوريّة
- لازالت الثّورة الروسية تلهم العمّال في العالم
- قيود أمّي-الفصل الخامس-2-
- قيود أمّي-الفصل الخامس-1-
- قد لا يمنح الدستور الحقوق
- البيت الأبيض قال، ولم يقل
- - كلّ مصائبي أتت من هذا الرّجل-
- قيود أمّي- الفصل الرّابع-5-
- قيود أمّي-الفصل الرابع-4-


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - على وقع الرحيل-2-