أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي -الفصل الخامس -3-














المزيد.....

قيود أمّي -الفصل الخامس -3-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5503 - 2017 / 4 / 26 - 23:13
المحور: الادب والفن
    


أشمُّ رائحة تراب أتى عليه مطر. أستمع إلى صوت رذاذ ينقر على نافذة قريبة. رائحة الأرض توقظني من سباتي. أتململ، لا أرغب أن أندفع مع الرّائحة، فقد كنت دائمة الخوف من أن تنعشني رائحة التّربة، وأفكّر في العودة للحياة، سرعان ما يزول الشّعور، ويبقى ذلك الألم الذي لا أعرف مصدره.
أين أنا؟
من أنا؟
هل تعلّمتُ الدّرس؟
كان هذا في الماضي، وأنت اليوم في وضع لا تحسدين عليه. استيقظي من حالة السّبات. أن تكوني امرأة ليس شيئاً سيئاً، ولا يتوجب عليك الاختباء كي تنفي أنوثتك.
أخجل من كوني أنثى. أخجل من كوني زوجة. بعد زواجي كنت لا أود زيارة عائلتي. أخجل من كوني متزوّجة.
أشعر بالخطيئة تلبسّني، أتذّكر عمّي، أخجل منه لأنّني كنت السبب فيما فعل معي. الأنثى خاطئة، لولم تكن كذلك لا يقتلها والدها إن أحبّت مرّة من المرات، ولم تتمالك نفسها فقبلت أن تكون في أحضان رجل أشعرها بالسّعادة للحظة. قد ترحل لحظة السّعادة فليس من حقّ الأنثى التّمسك بالحب. لم يجبرها أحد على تسليم نفسها.
. . .
يمكنني العودة إلى الحياة
إلى الأمل. دون الذّكريات
أقفز هكذا، أُسقِطُ باباً موصداً
أركض حافيّة، لا أخاف
لن أعرف الخوف في غد
أكتب حلمي على السّاحات
وتنبت الأزهار
والأشعار
يزدهر الحبّ
أصادف صبيّاً يحضنني
يفديني
أعجبه
نمشي معاً أحذره
أتكئ على صدره
حبيبي!
لماذا لا تشبههم؟
من أنت؟
يرسم بسمته على السّماء.
خرجت من داخلك
لو بحثت عنّي، لوجدتني
أرغمتكِ أن تخرجي الأمل
كنتُ أنتِ
وكنتِ أنا
اليوم يبدأ عمرنا.

. . .
بقيت في هذا المكان خمسة عشر عاماً. أتيت كي أبني مملكة لابني . أصابني سبات. لم أعد أتذكر متى أتيت إلى هنا بالتحديد. سوف أغادر، أعود إلى أماكني. لا شيء يربطني بها سوى ابني. عليّ أن أسأل تلك المرأة عن الطّريق.
-مرحبا. هل تعرفين طريق وادي القنص.
-هل أنت عمياء؟ ألا ترين أنّني مشغولة؟ صحيح " اللي استحوا ماتوا"
-تحدّثتِ بعشرة أضعاف مما طلبت منك . كان بإمكانك أن تشيري بيدك، أو تقولي لا أعرف. لن أسكت لك. سوف أضربك حتى لو قلت عنّي مجنونة. لو فعلت ذلك منذ كنت في العشرين لما وصلت لما وصلت إليه.
-عفواً لم أقصد.
-عدم المؤاخذة.
أيّها الرّجل! احمل امتعتي قليلاً فأنا ذاهبة إلى وادي القنص.
-وهل تريني خادماً عندك؟
-سوف أستعمل الفجور معه. في هذه الأمكنة التي أعيش فيها عليك أن تولد بلا ضمير، وأن تكون فاجراً.
أيها النّاس: هذا الرّجل يريد أن يغتصبني.
-هل قلت لي أن أحمل الأمتعة. هاتها عنك. من هنا الطريق.
-شكراً. يكفي ما فعلتَ، فقط أود أن أسألك: لماذا أهل هذا المكان يبدون وكأنّهم" مسدودون بسدادة "؟
جميلة تلك اللغة التي تخلّيت عنها- أعني لغة المحبّة.-
. . .
ما أقذر هذا المكان!
لماذا يبول الرّجال على الحيطان.
النّاس هنا تلبس اللون الرمادي، لا يرفعون رؤوسهم، تصطدم أكتافهم ببعضهم البعض. ربما أخطأت الطريق.
أرى من بعيد لا فتة سوف أقرأها" ابتسم أنت في عاصمة الجمال". لم أعرف اسم المكان. سوف أقرأ جميع اللافتات:" ابتسم أنت في عاصمة الثّقافة"، " ابتسم أنت في عاصمة الحضارة"
يبدو أن تلك المدينة لها قيمة كبيرة. لا قيمة أن تكون رائحة البول تنطلق من بعض جدران مطلّة على العاصمة. ربما لا يوجد هناك بيت خلاء قريب.
أرى لافتة كبيرة فوق قوس نصر من الاسمنت الباهت. يبدو أن من صنعه كان يبني القبور. يا إلهي! إنها مدينتي" ابتسم أنت في وادي القنص"
حضنت عمود المقبرة- عفواً- قوس النّصر.
جلست على حجر. تنفسّت هواء مدينتي، رائحة ابني. كيف أصبح شكله. هل يحبّني. هل هو سعيد.
لن أكمل طريقي. سوف أعود إلى السّبات. لا يمكن أن أبحث عن أبني وأنا تخلّيت عنه .
لا أستطيع الرّجوع عن قراري، أكاد أصل إلى تميم.
لماذا لا أراه أمامي؟
. ..
أقف الآن في المنتصف. تغيّرت مدينتي كثيراً. كان النّاس يعتنون ببيوتهم من الخارج. أتى إلى ذهني تعبير " حضارات سادت ثمّ بادت" لماذا كلّ ذلك الخراب؟
ذلك الرّجل يشبه شخصاً أعرفه. يمسك من شعر زوجته ويصرخ بها معيّرا لها بأعضائها الجنسية.
هل جميعهم يشبهون أيمن؟
أيمن أيضاً يصف الجنس بأنه متعة للرّجل وإذلال للمرأة.
يا إلهي!
يكاد يميتها، وهي لا تنبس ببنت شفة.
سوف أمنعه.
توقّف! وإلا ناديت الشّرطة.
-يبدو أنّك تشبهينها. تحتاجين لمن ينام معك. أنا جاهز.
أيها النّاس . مجنون يحاول الاعتداء عليّ. يسمعون الصوت. يلتفتون ويمضون في سبيلهم. المرأة مرميّة في الأرض كسرت بعض أسنانها، وأنا والرجل نتعارك. ذلك السبات البري جعلني قوية الجسد. أتت الشرطة أخيراً. قيدوني. همس في أذن الشّرطي ، فكّ قيده. في مركز الشرطة طلبوا هويتي
وأنا بدون هويّة عرّفت عن اسمي ، واسم ابني وعائلتي. فتّشتني امرأتان بعد أن عرتاني من كلّ ثيابي، وفوجئت بأنّهما تبحثان في أماكن حساسة.
نقلوني إلى سجن النّساء.
كأنّ السجن يصلح كحلّ مؤقت، فهم يطعموننا، وننام وفيه مجتمع متنوع.
قالوا لي أنّ السجينات كلهن يعملن في الدّعارة، لكنّ الحقيقة كانت مرّة، فعندما اقتادوا إحداهن كي يمارسوا معها الجنس كانت تصرخ وتدافع عن نفسها، وعندما عادت يتصبّب منها العرق، وشعرها منكوش ، وشفتاها متورمتان . لم تنبس بكلمة. قالت لي: أنت أيضاً سوف يغتصبونك.
ثم طلبت مني أن أخنقها بغطاء رأسي .
قالت لي:" أرغب أن أموت ولا أعرف كيف. ليتهم قتلوني "
لا أعرف بماذا أجيبها.
لا أجيد القتل.
قالت لي: هنا تحصل المرأة والرجل على المساواة ، فبينما كانوا يغتصبوني أمام زوجي السّجين، كانوا يشربون الخمر.
لم يرتكب زوجي جرماً، فقط حاول أن يسحب جثّة أخاه عندما قتلوه.
وادي القنص يجب أن يصبح اسمه وادي الظلام.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسار الثّورة السّوريّة
- لازالت الثّورة الروسية تلهم العمّال في العالم
- قيود أمّي-الفصل الخامس-2-
- قيود أمّي-الفصل الخامس-1-
- قد لا يمنح الدستور الحقوق
- البيت الأبيض قال، ولم يقل
- - كلّ مصائبي أتت من هذا الرّجل-
- قيود أمّي- الفصل الرّابع-5-
- قيود أمّي-الفصل الرابع-4-
- تلك الأماكن المقتولة. تقتل ثانية !
- قيود أمّي -الفصل الرّابع-3-
- العودة إلى حضن النّظام السوري من البوابات الخلفيّة
- قيود أمّي-الفصل الرابع-2-
- الأطفال السّوريين في مخيّمات اللجوء
- قيود أمّي-الفصل الرّابع-1-
- سهرة حتى الصّباح
- قيود أمّي -الفصل الثالث-5-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-4-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-3-
- مناسبات ثورية، وغير ثوريّة


المزيد.....




- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي -الفصل الخامس -3-