أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي-الفصل الرابع-2-














المزيد.....

قيود أمّي-الفصل الرابع-2-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5477 - 2017 / 3 / 31 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


يا عليا يا أم عيون السود. يا بنت بلادي
يا حكاية مكتوبة على شفاف العمر
لون الدني المرسوم بقلام القهر
كان الصّبر يمشي طول الوقت
العمر خلص. ما أقصرو. كان العمر
.. .
يا عليا يا نقطة ندى ع وردة جورية
لو كنت أقدر خبيك من الأسى
لو كنت أقدر ضمّك مع غمار القمح
لو كنت أحرسك من المسا للصبح
كان اللي جرا ما جرى يابعد عينيّ
. . .

لماذا يبكون؟ وما الذي جرى؟ حتى الآن أنا على قيد الحياة . أناجي الحلم. لازلت في بداية الطّريق. سوف أبني قبة، أو خيمة. وعدت تميم بها. أضع على رأسها علماً.
وعدته بالسّعادة.
الصوت يكمل:
يا عليا يا بنت بلادي لا تركضي
شو نفع الركض؟
هاد الحلم داير ع فرح
وين الفرح بيكون؟
. . .
إيه!
تعبت من هذا الدّماغ الذي أحمله. أعتقد أنّ في دماغي خطأ فظيع، وإلا لما جرى معي ما جرى.
-سلمي أمرك لله يا عليا، واتركي الأمور تجري على هواها، فليس في الدنيا شيء يستحقّ.
-الصوت يأتي من الشرق. توقّف سوف أضربك. أركض شرقاً وغرباً . شمالاً وجنوباً. لا يتوقف الرجل عن الكلام. أذهب إلى كومة القش . أذرو غماره
يميناً وشمالاً . توقف.
-توقفت. لا تبك.
-أنتَ إنسان حقيقي. توقعت أنّني مجنونة يهيأ لي.
دعني ألمسك لأعرف أنّك حقيقة ولست شبحاً.
تطفّلت الأشباح على حياتي. تطاردني، أختبئ منها تحت زخات القدر .
تلك الأشباح شريّرة مثل أصحابها عندما كانوا في الدّنيا. بعضها يفتح فمه مثل الحيوانات الخرافية ويشرشر الدّم من أنيابه، والآخر امرأة تشبه السّاحرات الشريرات.
أنت لا تشبههم. شكلك لا يخيفني، لكنّني لست مطمئنّة . من أنت؟
-غريب أمرك. ألا تعرفينني؟ أنا جدّك. لا تقولي لي أنّ جدّك مات قبل ولادتك. لا يهم فأنا لست ذلك الجدّ. أنا الجدّ التّاسع والتّسعين .
لو تحدّثت لك عن تاريخي لفخرت بي.
تصوري أنّني كنت أعيش قبل خمسة آلاف عام في مناطق جميلة فيها أنهار، وسدود. لكنّنا لم نشكُ من أسيادنا يوماً. كنا نعرف من نحن. كنّا أسياداً وعبيداً، وللسّيد قانون يحكمه يحدّده كبير الآلهة الذي هو في الحقيقة بشر، يضخمون صورته فيصبح مخيفاً، ثمّ يقدّمون له القرابين.
أتحدّث لك بسر نغصّ عيشي، السّر هو أنّ جنّية أوقعتني في حبّها. لم تكن جميلة، لكنّها استطاعت أن تستدرجني، فغضبت جدتك منّي وطردتني من المنزل، وعندما عدت إليها توقّعتُ أن تستقبلني بالأحضان. قلت لها أنّ الأمر كان خارجاً عن إرادتي، وأنا هناك من كتب لي سحراً لأقع في المحظور. قالت لي :عد من حيث أتيت. لم أغب عنها سوى عشر سنوات كانت خلالها قد صنعت مجداً وثروة، وكما تعلمين فإنّ صاحب الثروة لا يعجبه الفقراء أمثالي. عندما قالت لي: لو وضعت يدك بيدي، ولم تبدّد ثروتك لكنّا سيطرنا على هذا المكان. هل ترغب أن ألمّك من التّشرد بعد أن أمضيت شبابك وأنت تعبث بحياتنا؟
كنت أحبّها، لكنّني أغار منها، أردت أن أربيّها، وأتسلى بعض الوقت في غيابها ريثما يكبر الأولاد. تصوري أن ابني سألها: من هذا الرّجل. قالت له هذه أوّل مرّة أعرفه. ابني البكر الذي فديته بحياتي من أجل أن يكبر. عندما تركتهم كان في العاشرة، أي كبيراً بما يكفي ليعرفني اليوم . يسأل : من هذا الرجل؟ أليس هذا ظلماً؟ حتى ابني لا يعرفني. ماذا فعلت حتى يتنكر لي؟
-لا تبك يا جدي !
هم أيضاً تألموا أكثر منك. الزمن يحل الأمور العالقة.
-أبكي على نفسي. لقد سامحتني جدّتك قبل أن أموت ، وطلبت من أولادنا أن يعاملونني باحترام. أحزن على الأيّام التي تشرّدت فيها. الدنيا غرورة. اعتقدت نفسي سوف أعيش أبداً، لكنني في لحظة خسرت كلّ شيء.
-لكنّك حيّ.
-نعم. لست أنا بل نسخة عنّي.
معهد الدراسات الذي كان يبحث عن حضارة الشعوب، وجد جزءاً من شعري، ومن فكّي. استنسخ مني أربعين نسخة. أطلق واحدة من النّسخ -التي هي أنا الآن- كي يستطيع دراسة وضع الإنسان في عصر الحضارات القديمة، وبرمجوا عقلي على آلة تستطيع البحث على المشاعر، عندما انطلق منّي شعاع المشاعر مشيت خلفه. قال: حفيدتك في حالة حزن، وإذ بك فعلاً في حالة حزن.
-الآن فقط تأكدّت أنّني مجنونة. لا أعرف إن كنت سوف أصدق نفسي أم أصدّقك. تلك الأمور الخياليّة لا تحدث إلا معي ، وعندما أكون في قبتي في المقبرة.
لماذا ظهرت الأن يا جدي؟
عد إلى موتك. عشت حياتك كما تشاء، تتصنّع الحزن، تتحدّث عن الظّلم وتستطيع إقناعي بأنّ هناك من ظلمك بينما كنت تداعب أحلاماً بعيدة عمّن تحبّ.
جدّي! لا أحبك. اخرج من المقبرة. لا أريد أن أراك.
لن أفخر بأجدادي بعد اليوم.
-هاتي يدك، واسمحي لي أن أعرّفك على العالم. امسحي دمعك. لا تحبيني، ولا تفخري بي. افخري بنفسك.
سوف آتي في المساء، أطوف بك العالم.
عندما خلعت جسدي وخرجت روحي منه كان يوماً عصيباً، لكنّك لا زلت تستطيعين الخروج والدخول إلى جسدك، فأنت حيّة.
-جدّي! أين أنت؟
خذني معك يا جدّي إلى حيث أنت. لا تصدّق ما قلت. أحبّك. أنت تسأل عنّي أكثر من الجميع.
خذني معك إلى الحلم الجميل.
تحدّثت عن المجد الذي بنته جدّتي
ومع أنّك خنت، سامحت. عندما جئت إليها ضعيفاً
هل أشبهها؟ أعني جدتي التي تحدّث عنها.
لو استطعت أن أبني مجداً مثلها، وأتى إليّ أحدهم يعتذر لسامحت. فقط أرغب أن يسأل تميم الرّجل العائد من جبروته: من أنت؟
أعرف أنّه حتى جدّي لم يتأثّر عندما قال له ابنه من أنت؟
لكنه بكى كي تشعر زوجته أنّها ظالمة، وحسد ابنه على النّعمة التي هو فيها. يسعى من أجل اعتراف ابنه به لأنه صاحب مجد.
لن أصدق حتى لو اعتذر منّي.
مع من أتحدّث؟
عن ماذا أتحدّث؟
لماذا أتحدث؟
مريضة بالوهم أحاديثي، ومسافرة للألم حكايتي.
متى أصل إلى جزر تسكن فيها الحقائق؟
هل يمكنّني كسر البوابات، والدخول إلى العالم؟



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأطفال السّوريين في مخيّمات اللجوء
- قيود أمّي-الفصل الرّابع-1-
- سهرة حتى الصّباح
- قيود أمّي -الفصل الثالث-5-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-4-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-3-
- مناسبات ثورية، وغير ثوريّة
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-2-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-1-
- قيود أمّي-الفصل الثّاني-5-
- قيود أمّي-الفصل الثّاني-4-
- قيود أمّي- الفصل الثّاني-3-
- قيود أمّي-الفصل الثاني-2-
- قيود أمّي- الفصل الثّاني-1
- قيود أمّي . الفصل الأوّل-5-
- قيود أمّي . الفصل الأوّل-4-
- قيود أمّي. الفصل الأوّل -3-
- قيود أمّي . الفصل الأوّل. 2
- قيود أمّي
- غرائب تحدث كلّ يوم


المزيد.....




- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي-الفصل الرابع-2-