أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي . الفصل الأوّل-5-














المزيد.....

قيود أمّي . الفصل الأوّل-5-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5453 - 2017 / 3 / 7 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


في أغلب الأيّام، بعد أن أنتهي من العمل في تلك البقعة الصّغيرة من الأرض. أذهب إلى الطريق الفرعيّ الذي يؤدّي إلى البساتين.
إنّه الصّيف، ومع ذلك نبتت حبات الفول التي زرعتها، وكذلك نبتت براعم شتلة الورد.
أيّهما أحبّ الفصول إليّ؟
قد لا يكون لدّي جواب، فالملل يأتي في كلّ الفصول. تسعون يوماً لكلّ فصل. كم هذا ثقيل! أحبّ موسم نزول الثّلج، موسم تفتّح البراعم، رائحة التراب عندما يبلله مطر الخريف، انتهاء العام الدراسي في بدء الصّيف، والأطفال يركضون مبتهجين. ماعدا تلك اللحظات. جميع الفصول مملّة .
عندما أمشي في هذا الطريق يبدأ الحديث بيني، وبيني. أنسى نفسي. لا أعرف أين وصلت. أعتقد أنّني تهت الآن. إنّها متاهة حقاً، فأكثر من أربع طرق أمامي، لا أعرف أيّهما الطريق الصّحيح. جميع الطرق ترتفع إلى المجهول. أرى تميم يجلس في الأعلى. هل دخلت تلك الأرض الواطئة دون علمي؟
سوف أصعد ذلك الشّلال . الشّلالات تنزل إلى الأرض، وهذا يعني أنّني لست على الأرض طالما أنّ الشّلال يسير من قربي إلى الأعلى. الدنيا ضباب، وحافة رفيعة تفصلني عن الوصول إلى تميم. كلّما اقتربت خطوة. صعد تميم خطوة. الجاذبية فوقنا ترفعنا. أمشي ورأسي إلى الأرض. تسير رجلاي في الهواء . قد أكون وصلت إلى أحد الكواكب. لا أعرف طريق العودة. أجلس هنا كي لا أمعن في الضّياع أكثر، الجاذبية تقلبني، رأسي ممرّغ في التراب, وأنا أجلس في انتظار القدر.
أريد أمّي. لو كانت أمّي معي لما ضعت. بل هي سبب ضياعي. لم تسمح لي أن أخرج أبداً إلا برفقتها، وهي لا تخرج إلا نادراً. لا تعرف الجهات، ولا تعرف الأوقات، تخاف الليل، والرجل، والضّباع.
هل يتوقّف عقلي في المنطقة التي أرادت له أمّي أن يتوقّف فيها؟ ألا يجدر بي أن أستعمل عقلي الخاص؟
لو غيّرت مشاعري تجاه أمّي وكففت عن لومها لأصبحت في حال أفضل. هي تستحقّ عطفي، ورغم أنّني أعترض على أسلوب أختي سمر معها، لكنّها الوحيدة التي تحاول أن تساعدها.
. . .
أبكي على أرض الحديقة الخلفيّة.
على نبتات الفول
على بيت أسراري
وعلى الطّريق الفرعي
أبكي على الأشياء المستحيلة
الجاذبية تمرّغ رأسي في الأرض
وابني يصعد كلما اقتربت منه
لو مددت يدي إلى الجهة الصحيحة، لعاد كلّ شيء.
أشعر بالتشّويش، التهميش، والتّغريب
-تميييييم. لا تصعد. توقّف. أرغب أن تكون معي.
-لحظة. سوف أنفخ البالون، وأنزل إليك. هو يحضن البالون، لكنّ البالون يصعد، ثمّ يختفي عن الأنظار.
يبدو أنّني وصلت إلى مرحلة لن أتمكّن من العودة. كأنّ أحداً ما محا ذكرياتي عن ذلك المكان. إنّني هنا الآن، عليّ أن أعيش وفق طبيعة المكان. يمكنني التّأقلم.
سوف أعيش كما تعيش تلك الأشجار، وتلك العصافير، والكلاب.
-تعال يا بيّوض. اجلس قربي. لم أرك منذ كنت جرواً، وكنّا نلعب في الحيّ معاً.
بيّوض يرتجف خائفاً. لقد هرم، لم يعد يضحك.
يمكنني أن أتحدّث معه، فالكلاب تؤنس البشّر. لكن كيف وصل بيوّض إلى هنا.
استطاع أن يقرأ إشارات مخّي . انتفض، وإذ بي أرى شاباً عرفته يوماً، نسيت من هو: قال لي: تبعتك منذ ضللت الطّريق، أردت أن أعيدك، لكنّ تلك المركبة التي كانت تقلّ رحلتك كانت سريعة. أطلق الشّاب منطاده إلى الأعلى، وإذ بتميم يعود على متنه. عاد بيّوض إلى وضع الكلب الوفيّ ، ركض أمامنا، تبعناه، وصلنا إلى أرض يباب ليس عليها سوى بيوت الكلاب. شيء مخيف!
على بيت بيوّض كتبت لوحة تعرّف في المكان. نحن أرواح جميلة. بعضنا كان بشراً، سوف نبني مملكة الكلاب هنا.
ستكون تلك المملكة مكاناً ملهماً للبشر، ينتقلون للعيش معنا هنا.
هذا المكان هو ملاذ للخائف ، والجائع.
لا يهمّ إن كانت المملكة للكلاب أم للبشر. هذا الكلام جميل، وما دام تميم يرافقني لن أهتمّ.
أمّي سوف تقلق عليّ، وأيمن أيضاً، سوف يرفض الفكرة من أجل تميم، فهو في النهاية والده. ماذا قلت؟
هو بالكاد يعرفه، وعندما يضربه أظنّ أنّه شريّر، ولو قلت له أن يتوقّف لكان لي علقة ساخنة في تلك الليلة. سوف ينسوننا مع الزّمن، ونعيش حياتنا من جديد.
. . .
أرى أختي سمر قادمة. تبدو غاضبة. سوف أختبئ منها. أخافها.
تعالي يا عليا . لا تخافي. اعطني جديلتك فقط.
اتركيني يا سمر. لا أحبّ أن يمسكني أحد من شعري,
سوف أربيّك يا عليا. لم تعرف أمّك كيف تربيك. هل تعتقدين أن الهروب ينفع؟
تعال يا تميم. دع أمّك هنا، ولنذهب معاً.
-لا أحبّك أيتها الخالة. دعي أمّي. لماذا تمسكينها من شعرها؟
-دعنا يا تميم نذهب معها. فقد أضعنا حياتنا. ربما نعود إليها.
-أشعر بقيمتي هنا يا أمّي. ففي مملكة الكلاب هذه سوف تعمّ الرحمة النّاس. يكفي أنّني لم أسمع صوت بكائك.
أمّي تعالي نتسابق إلى تلك الجهة. أشمّ رائحة شواء.
ما هذا؟
المضيفات ترجبن بنا.
نجلس إلى طاولة في مقدّمة الحفل.
نذهب بعدها في جولة ومعنا ضيوف الشرف .
هل رأيت هذا التمثال يا أمي؟ أنت وأنا عندما كنت صغيراً. ماذا كتب على الباب؟
مكتبة عليا. كم أنا فخور بك!
-لا تهتمّ يا بنيّ للتماثيل، سوف يحطمونها يوماً، أغلب تماثيل الآلهة حطمّها الإنسان. آه لو كنت تدري يا تميم بأنّني لم أكن أرغب أن يكون لي تمثال. كنت أرغب بالعيش. ما فائدة الحجر؟
. . .
نحن الآن نحضر عرضاً يتحدّث عن حياة عليا وتميم.
يضجّ المسرح بالتّصفيق، ويأتي روميو ليمسك بيد عليا ويرفعها إلى المسرح
يأتي المطربون واحداً خلف الآخر يغنون لها عن الحبّ، ثم يرفعون تميم إلى الأعلى.
على مقعد في مقدّمة المسرح يجلس روميو وعليا وتميم يشاهدون الحفل الموسيقي.
يقول روميو: هذا الغناء يسلبني روحي. أشعر أنّنا لسنا على الأرض. اسندي رأسك ياعليا إلى كتفي، فكّي جديلتك، وانزعي غطاء رأسك. دعي خصلات شعرك تنسدل على كتفي.
-معك فقك يا روميو أشمّ رائحة الحياة. ليت اللحظة تستمرّ. هل سوف نعيش معاً إلى الأبد؟ لو أنّ الأبد يستمرّ هنا.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيود أمّي . الفصل الأوّل-4-
- قيود أمّي. الفصل الأوّل -3-
- قيود أمّي . الفصل الأوّل. 2
- قيود أمّي
- غرائب تحدث كلّ يوم
- حق الاقتراع للنّساء
- واقعة في الحبّ
- هذه الليلة لي
- إن أراد الله فناء قوم ابتلاهم بالإيمان
- تزوج بامرأة ثانية كي تدخل الجنّة!
- المرأة السّورية بين القانون، والعرف
- الاعتداء الجنسي المقنّع على الأطفال، والنّساء
- - طرقت باب الله، ولم يفتح لي-
- حضن الوطن، والأسد المريض
- نساء تناضل أمام الكاميرات
- في وداع الثّورة السّوريّة
- حنين إلى ذكرى
- ياعين لا تدمعي
- حكاية ليست للنّشر
- جيناتي


المزيد.....




- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي . الفصل الأوّل-5-