أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نادية خلوف - عندما نُجبَرُ على الشّيخوخة














المزيد.....

عندما نُجبَرُ على الشّيخوخة


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5519 - 2017 / 5 / 14 - 10:20
المحور: حقوق الانسان
    


تضيق بنا الحياة أحياناً عندما لا نملك مصدر دخل، ونضطر للعيش تحت إشراف الأبناء، نصبح دخيلين على حياتهم، ويتسبب وجودنا في الامتعاض، وتصبح تكاليفنا عبئاً حيث يركض الأبناء لتأمين الرّغيف لعوائلهم. نشعر بضرورة الموت لأن دورنا انتهى. نحاول أن نشيخ فنكبر في العام عشرة أعوام، والبعض يموت نتيجة تمسكه بتلك الأمنيّة التي لم يعد أمامه غيرها.
لايقاس العمر بالأيام والسّنوات ، بل بالقدرة على العيش الكريم والحصول على الدّعم الاجتماعي بشكل لايضعُ المسّن تحت ضغط الحاجة الماديّة أو المعنوية . قابلته قبل شهر من وفاته. لم أستطع أن أمسك دموعي عندما شرح لي قصّة حياته مع العمل من أجل أولاده وعائلته. قال: لو كانت زوجتي على قيد الحياة لحمتني.
-ممن سوف تحميك؟
-من أولادنا!
الحدث الثاني كان دردشة بيني وبين إحدى النساء في الخامسة والستين من عمرها قالت لي:
بت أتمنى الموت كل يوم ، وعندما أخلد في المساء إلى فراشي أدعو الله في تقصير أجلي لا أحبّ هذا السّجن. أولادنا ليسوا أباءنا ، ولا يمكن أن يقدموا لنا ما يفتقدونه . هم في أغلب الحالات لا يملكون المال ، ونحن لا يمكننا استجلاب الموت . علينا أن نعيش حتى يحين أجلنا . لذا فإن رأينا أن ساعة أرذل العمر تدّق . لنبقِ شيئاً مما نملكه في حيازتنا كي لا نعيش الذلّ .
هي قصص حقيقية عايشتها، وأرذل العمر في الحالتين لم يصل إلى السبعين بعد، وهو السّن الذي يعتبر سنّاً طبيعيّاً في هذا القرن.

كان لي لقاء مع أخت صديقتي حيث ذهبت معها -صديقتي- لرؤية اختها في مأوى العجزة في دمشق. كانت التي تبدو بصحة جيدة ، اختارت المكان وأعطت بيتها مقابل رعايتها. سألتها: لماذا اختارت العيش في ذلك المكان ؟
أجابت: أولادي اعتبروا أنّني في عداد الموتى . يتصرّفون بما أملك. باعوا العقارات واحداً تلو الآخر. لم يبق لي سوى بيت أعطيته للدار . لا يزورونني . يقولون أنّني تسبّبت لهم بالفضيحة لأنّني فضلت دار العجزة على العيش في غرفة . ما أصعب من أن يحلّ الأولاد بدلاً من الزّوج . أهم شيء يحميك هو صحتك ومالك ، فإن نفذ المال تحكّم بك من هم في دائرتك .
التأمين على الشّيخوخة فكرة رائعة قدّمها لنا الغرب بناء على تجاربه في الظّلم ، وعلينا أن نستعيض عن كلمات الرّحمة بأفعال قانونية . وأهم هذه الأفعال " ضمان شيخوخة كريمة "
ولا أجد تعبيراً أصدق مما قاله لي أحدهم" في داخلي شاب، وربما طفل. عمري خمسة وستين عاماً، يرغب أولادي أن أتصرف كعجوز بقي لديّ بعض يوم في الحياة ، ليس في يدي حيلة. حبست روحي في جسد يطلب الحياة، ويفضل الموت.
لا يحقّ لأحد أن يعلن عن موتي بينما أحلم أن أعيش .ليس أرذل العمر هو الشيخوخة المفرطة والعجز ، لكنّه أن تفقد حريّتك في الحديث والتّصرف عندما تعتقد أن مهمتّك في التربية والمسؤولية قد انتهت وتحتاج لتتحرّر من الأعباء، فالستين هي سنّ الحريّة.
يقول البعض أنّ الظروف الاقتصادية لا تسمح ، فالأغلبية ليس عندها ثمن خبزها وليس هناك قوانين حماية للشيخوخة فما هو الحل ؟
الحلّ لا يأتي بالوعظ، ولن يكون هناك حلّ إن لم يكن هناك قانون يضمن كرامة الشيخوخة ، والكلام المعسول الذي نسمعه من الأبناء حول تعاملهم مع أهلهم قد يكون في مشاعر صادقة من أغلبهم، لكنّها ليست مشاعر المّسن الذي يشعر أنّه لا يمارس حقّه في الحياة..



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع ذاتي
- يشعلني الحنين
- على وقع الرحيل-2-
- على وقع الرّحيل
- أنا والليل
- بوصلة الأيّام
- فيدراليّة، أم موّحدة؟
- قيود أمّي-الفصل الخامس- الجزء الخامس،والأخير-
- يسرقون الأضواء من الثّورة
- البعض يفضّلها علمانيّة
- قيود أمّي-الفصل الخامس-4-
- بضع كلمات حبّ
- في انتظار ترامب
- قيود أمّي -الفصل الخامس -3-
- مسار الثّورة السّوريّة
- لازالت الثّورة الروسية تلهم العمّال في العالم
- قيود أمّي-الفصل الخامس-2-
- قيود أمّي-الفصل الخامس-1-
- قد لا يمنح الدستور الحقوق
- البيت الأبيض قال، ولم يقل


المزيد.....




- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...
- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نادية خلوف - عندما نُجبَرُ على الشّيخوخة