أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - مستوطنة جبل ريش الحمام : الجزء 8














المزيد.....

مستوطنة جبل ريش الحمام : الجزء 8


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 5528 - 2017 / 5 / 22 - 09:35
المحور: الادب والفن
    


بِكرعٍ واحد ودون استرجاع للنفَس، أتى الشيخ على محتوى قارورة الماء الغازي. ثم ردّ بجفاء مفحما عمر الذي حاول أن يعطي بعض الشروح والتبريرات حول أسباب عزم صديقه على استيطان قمة الجبل.
كرر الشيخ قوله الأول، محاولا إعطاء كلامه نوعا من الجدية، بانتقائه للكلمات والتعابير التي تدخل في إطار التعاملات الإدارية الرسمية الجافة التي يبتغي منها الرسميون إرعاب وإخضاع المواطنين.
تململ سعيد في كرسيه، ثم وقف نصف وقفة ليتسنى له حمل الكرسي من مسنديه للمرفِقين، فتراجع به قليلا إلى الخلف، وقام بإمالته تجاه الشيخ، ثم قال :
ـــــ لا شيء في الدنيا سيمنعني من عزمي على العيش في قمة جبل لا ينتفع منها أحد. لا هي بالمرعى لجدبها، ولا هي بالشاسعة والمنبسطة فيطمع فيها المنتخبون سماسرة العقار، ولا أظن أنها كانت مبرمجة لمشروع ما.
وكمواطن ملتزم بالقوانين والأعراف، وذي جذور ضاربة في عمق أعماق هذه الأرض التي اختلطت تربتها بدماء وعرق أجدادنا وآبائنا في الذَّود عنها لحماية شرفها وعزتها وكرامتها من التدنيس الإستعماري عبر قرون خلت. لي كامل الحق والصلاحية أن أقوم بنقل بعض هذه الجذور وزرعها حيثما وأنّى أشاء.
والجبل مكان قفر، ليس فيه شجر، ولا يجري فيه نهر، وحتى الحمائم التي كانت تتخذ من جحوره أعشاشا لها، هجرته منذ عقود طويلة. إذن فأنا لن أزاحم أحدا بكوخي الصغير الذي سيكون ملجئي الأبدي بعيدا عن زحمة البشر وضجيج المركبات وتلوث الأجواء، ما دامت سلطتكم لم تمنع عن المدينة ما يشينها من أسباب الفوضى في كل شيء.
بالله عليك يا سيدي الشيخ، وأنت قد جاوزت في مهنتك الثلاثين سنة، هل رأيت أحدا من ساكنة المدينة الأصليين يحتج على أسباب تملك البعض للأراضي الشاسعة بالوراثة المشبوهة في عمق المدينة وهوامشها؟.
أم هل سمعت في سنين عمرك عن مواطن يطالب بحقه في شبر من أراضي الجموع، وبنفس الثمن البخس التي تباع به لسماسرة التراب وبطرق التوائية وإقصائية مقيتة؟.
إذن، فأخبر رؤساءك أن موعدنا في القمة الجبلية إن كانوا على تسلقها من القادرين.
استمر الجدال طويلا واحتدم بين الثلاثة، وفي اللحظات التي تهدأ فيها الكلمات لتستجمع نفسا عميقا يطيل زفرة الحوار، يتدخل بعض رواد المقهى في هذا السجال. ولم يستغرب سعيد تلون بعض الذين زعموا في السابق مساندتهم له، فهاهم الآن يقفون بوجه سافر في صفّ مبعوث السلطة المحلية، وربما إلى حين.
مع تمسك سعيد برأيه، صبَّ الشيخ جام غضبه على الفضوليين بغلظة ألجمت ألسنتهم في حلوقهم. ثم تغيرت لهجته أمام الصَّديقين، فركنت كلماته إلى التهدئة والمداهنة التي اكتسبها من خبرته الطويلة في عمله الذي يكاد أن يغير بشرة وجهه، فتصير خشنة ومتلونة كجلد الحرباء.
بهدوء ودون ضجر، كرر الشيخ المحاولة الأخيرة في إقناع سعيد بالعدول عن عزمه. وعندما لم يلتمس أي فتور في آراء مخاطبيه، همَّ بالمغادرة ماسدا على كرشه بعد أن عاوده ألمه الباطني، خاتما قوله أنه مجرد مرسول وقد بلَّغ...

يتبع...



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن الرومي
- مستوطنة جبل ريش الحمام : الجزء 7
- يحدث الآن...
- نهاية الظل...
- مستوطنة جبل ريش الحمام : الجزء 6
- قصائد قصيرة...
- مستوطنة جبل ريش الحمام : 5
- أفريقيا أفريقيا:
- القصيدة الحرون
- في مدينتي !!!
- رحلة الأعماق
- شعب التكعرير
- حَمَّاسْ كَازَا *:
- الأمازغية كحمار طروادة
- كلمات 8:
- مراحيض بجودة عالمية :
- حكاية العربي ولد عين الدفلة 3
- 2- حكاية العربي ولد عين الدفلة :
- حكاية العربي ولد عين الدفلة :
- الفساد بين المنتخب الأمي والمتعلم


المزيد.....




- فنانون إسبان يخلّدون شهداء غزة الأطفال بقراءة أسمائهم في مدر ...
- فنانون إسبان يخلّدون شهداء أطفال غزة بقراءة أسمائهم في مدريد ...
- الفنان وائل شوقي : التاريخ كمساحة للتأويل
- الممثلة الأميركية اليهودية هانا أينبيندر تفوز بجائزة -إيمي- ...
- عبث القصة القصيرة والقصيرة جدا
- الفنان غاي بيرس يدعو لوقف تطبيع رعب الأطفال في غزة.. الصمت ت ...
- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - مستوطنة جبل ريش الحمام : الجزء 8