أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - نهاية الظل...














المزيد.....

نهاية الظل...


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 5515 - 2017 / 5 / 9 - 03:57
المحور: الادب والفن
    


تواعد مثقفان تنويريان يحملان أفكارا متقاربة على عدم الإفتراق مهما وقع بينهما من سوء فهم أو اختلاف. واتفقا أن يلازما بعضهما في الضراء والسراء كما يلازم الظل صاحبه.
مسيرة صداقتهما التي دامت لسنوات عدة، تُوِّجت بالكثير من المواقف الإيجابية خدمة لقضايا ثقافية وإنسانية عامة رغم كل الإكراهات.
ظلا ثابتين على آرائهما النبيلة رغم كل ما تعرضا له من إغراءات تأتيهما في العلن، وغوايات تحاول أن تستفرد بكل واحد منهما.

في يوم ما، تطلع واحد منهما إلى وجهه في المرآة، فرأى الشيب قد تسلل إلى معظم فروة رأسه. فلاحت له سنوات عمره الباقيات تسبح في عمق ضبابي سحيق. فقرر أن يتنازل قليلا عن مبادئه ويستقل نفس المركب الذي أوصل العديد من المثقفين إلى بر النجاة كما يجمعون على تسميته في نواديهم الإجتماعية التي يناقشون فيها كل شيء إلا الثقافة.

وكما كان متوقعا، حدث صدام حاد بينه وبين رفيق دربه، وصلت شراراته إلى كل المنابر الإعلامية التي تعشق الخوض في عثرات الناس وزلاَّت المشاهير، فزادتها نفخا وتهييجا.
حاول أن يقنع صديقه أن ما هو بصدده مجرد بعض النفاق المؤقت والمحدود في وجه زعماء الساسة ورجالات الإقتصاد وكبار الديبلوماسيين، ولن يقول في تمجيدهم والإشادة بأعمالهم أكثر مما قيل.
انتهت علاقة الإثنين وتحدد مسار كل واحد منهما بالتوازي مع طريق الآخر.

ظل المثقف الملتزم وفيا للأهداف التي خطط لخدمتها لعقدٍ آخر من الزمن. وتواصل عيشه على الكفاف من عرق جبينه، واستمر رفضه أن يتقاضى درهما واحدا مقابل أنشطته الثقافية والإجتماعية. وزاد هذا من احترام أعدائه له قبل الأصدقاء. بينما انزلق الثاني في لُزُوجة أنانيته التي صورت له الدنيا بمنطق الأخذ والعطاء.

وفي خضَّم انغماسه في رغباته المهولة لاهثٍ وراء الكسب السريع والعيش المُريع بكل الشرور والموبيقات، لعله يعوض ما ضيعه من عمر فيما صار يعلق عليه مازحا ومتحسِّرا بسخافات المبادئ السامية واندفاعية المواقف التافهة. حدث أن وقع رفقة أولي نعمته في صفقات سياسية مشبوهة فاحت منها روائح التربُّح السريع. فانفجر اللغم الأخلاقي في وجههم جميعا، وأصاب وجه المثقف بالتحديد بكل أنواع التشوهات. بينما ما أصاب من الآخرين إلا القناع الظاهر الذي يغلف أقنعة أخرى صلدة ومتعددة لا تنال منها صروف الدهر كيفما كانت.

وبعدما وجد نفسه وحيدا منبوذا لا ماضي حضاري يشفع له، ولا مستقبل متجدد ينزع عن أفقه هالة السواد الأبدي الذي يبتلع كل شيء، عاد منكسرا يطرق أبواب رفيق دربه الأول. وذكره بتواعدهما على الإلتزام بشروط الصُّحبة كما يلازم الظل صاحبه.
فأكد له الآخر جازما أنه كان يعتبر نفسه ظلا ظليلا له، إلى أن فضل الظلمات على النور، وفي الظلمات تفتقد الظلال وتتلاشى...



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستوطنة جبل ريش الحمام : الجزء 6
- قصائد قصيرة...
- مستوطنة جبل ريش الحمام : 5
- أفريقيا أفريقيا:
- القصيدة الحرون
- في مدينتي !!!
- رحلة الأعماق
- شعب التكعرير
- حَمَّاسْ كَازَا *:
- الأمازغية كحمار طروادة
- كلمات 8:
- مراحيض بجودة عالمية :
- حكاية العربي ولد عين الدفلة 3
- 2- حكاية العربي ولد عين الدفلة :
- حكاية العربي ولد عين الدفلة :
- الفساد بين المنتخب الأمي والمتعلم
- كتبٌ، كتب... الجزء2
- كتبٌ، كتب...
- الراديو.. 2/2
- حيرة الشِّياه


المزيد.....




- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...
- غزة التي لا تعرفونها.. مدينة الحضارة والثقافة وقصور المماليك ...
- رغم الحرب والدمار.. رسائل أمل في ختام مهرجان غزة السينمائي ل ...
- سمية الألفي: من -رحلة المليون- إلى ذاكرة الشاشة، وفاة الفنان ...
- جنازة الفنانة المصرية سمية الألفي.. حضور فني وإعلامي ورسائل ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - نهاية الظل...